القاهرة ـ أ ش أ
تلعب الساعة الذرية دورًا هامًا في حياتنا اليومية رغم أننا لا نحملها معنا أو نلبسها مثل الساعات العادية، وقد وصل مقدار الخطأ فيها إلى ثانية كل 3 ملايين سنة تقريبًا وفقًا للإحصائيات الحديثة، الأمر الذي جعل منها معيارًا للتوقيت العالمي.
وفي هذا الصدد .. تناول الاستاذ الدكتور مهندس حاتم حسن عامر بقسم الجوامد والمعجلات الالكترونية بالمركز القومي لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع قصة الساعة الذرية ونشأتها وتطورها واستخداماتها، مشيرا إلى أن الساعة الذرية هي ساعة اخترعها العالم الأميركي "وليام ليبي" عام 1948، وهي تعتمد على تردد الرنين الذري لضبط الوقت وتستخدم لمعايرة الثانية ، وتعتبر أدق ساعات توقيت حتى الآن.
وعن طريقة عملها .. يقول الدكتور عامر إن فكرة عملها تعتمد على الإشعاع الراديوي ضمن نطاق الميكروويف للذرات وليس كما يعتقد البعض على النشاط الإشعاعي، مشيرًا إلى أن هذه الإشارات الراديوية تنتج عند تغير مستوىات الطاقة في ذرة السيزيوم-133، وبالتحديد عند انتقال الإلكترون في تلك الذرة من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى للطاقة.
وأضاف أن عنصر السيزيوم-133 يعتبر من أوائل العناصر التي استعملت في الساعات الذرية حين تم الاتفاق على تعريف الثانية عام 1967 على أنها الفترة اللازمة لتسعة مليارات و 192 مليونًا و631 ألفا و 770 (9192631770) ذبذبة كاملة (دورة) من الإشعاع الذي يصدره انتقال الإلكترون بين مستويين معينين للطاقة في ذرة السيزيوم-133.. موضحا أنه مع أن هذا التعريف قد تمت الاستعاضة عنه بالتعريف الضوئي للثانية بسبب النظرية النسبية، إلا أن التعريف التقليدي لا يزال صحيحا كون القياسات مستخدمة في إطار المجموعة الشمسية.
ويمكن فهم الجزء المبسط في عمل الساعة الذرية كما يلي: تحتوي الساعة الذرية على فجوة معدنية تتناسب مع موجات ميكروويف بها غاز، وهذه الفجوة قابلة للضبط بدقة عالية بحيث تتناسب مع أضخم إشارة تردد ناشئة داخل الفجوة ويبدأ الرنين المتذبذب بالنمو وتستغرق هذه العملية بعض الوقت حتى تستقر عملية الرنين الترددي، وتصبح الساعة الذرية جاهزة للعمل على الدوام.
وتعتبر أشهر أنواع الساعات الذرية هي ساعة السيزيوم ، وساعة الروبيديوم وهي أقل دقة من ساعة السيزيوم ولكنها في المقابل أرخص بكثير.
وتصل قيمة الساعة الذرية المصممة بالسيزيوم إلى آلاف الدولارات، بينما يمكن للساعة الذرية المصممة بالروبيديوم أن توفر للشركات مبالغ تصل إلى 200 دولار أميركي.
وقد تطورت دقة الساعة الذرية منذ الستينات حتى اليوم، فقد كانت نسبة الخطأ في الستينات من القرن الماضي 1 ثانية كل 300 سنة، وأصبح ثانية واحدة كل 3 ملايين سنة مع بداية الألفية الثانية.
ومن ناحية حجم الساعة، فمازالت كبيرة نوعًا ما، حيث أن أصغر الأحجام الممكنة تبلغ أبعادها (10 سم في 10 سم في 10 سم).
من ناحية أخرى، تستهلك هذه الساعات قدرة لا تتجاوز المائة ميللي وات.. وعموما في المتوسط تبلغ دقة الساعة الذرية بحدود واحد نانو ثانية في اليوم، أي ما يعادل خطأ مقداره ثانية واحدة كل 2.7 مليون سنة.
وتلعب الساعة الذرية دورًا هامًا في حياتنا اليومية، حيث تستعمل في الكثير من خوادم الوقت، وهي نوعان: النوع الأول به ساعة ذرية مستقلة (باهظة الثمن) بينما النوع الثاني يستطيع إعادة ضبط الوقت عبر أقمار الجي بي إس (نظام تحديد المواقع العالمي)، كما أنها تستعمل في التطبيقات التي تتطلب مقاييس زمنية غاية في الدقة مثل أقمار تحديث الاحداثيات (جي بي إس)، فبواسطتها يتم ضبط تزامن شبكة الانترنت في شتى أنحاء العالم وتشغيل نظام الملاحة العالمي.
كما تلعب الساعة الذرية دورا هاما في تحديد مواقع الأجرام السماوية ومتابعة حركة المركبات الفضائية وتحديد الوقت اللازم لتحرك الكواكب والنجوم وحدوث بعض الظواهر الفلكية.
ولا يمكن حصر استخدامات هذه الساعات، فعن طريقها يتم ضبط شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية والشبكات الضوئية وشبكات توزيع ونقل الطاقة الكهربائية وضبط حركة المواصلات العامة وحركة الطائرات عالميا بدقة عالية وأمان.
أرسل تعليقك