القاهرة - صفاء عبدالقادر
قال بنك الكويت الوطني في تقرير الصادر اليوم"الأحد" أن مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى أنه في طريقه لرفع أسعار الفائدة في ديسمبر للمرة الثالثة هذه السنة، فإن مسار المجلس لرفع أسعار الفائدة مستقبلا تبدو غير أكيدة، على أقل تقدير. فقد ألقت أرقام التضخم الضعيفة، التي وصفها المجلس في الماضي بأنها "مؤقتة"، بظلال من الشك حول خطط البنك المركزي لتقييد السياسة النقدية. وأشار بنك الكويت الوطني ، أن محاضر اجتماع المجلس في أكتوبر الماضي بخصوص وضع السياسات بأن "العديد من المشاركين ظنوا أن رفعا آخر في النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفدرالية سيكون له على الأرجح ما يبرره في المدى القريب إذا ما أبقت المعلومات التوقع في المدى المتوسط على حاله بشكل شامل".
ولكن الأهم من ذلك هو أنه فيما يبقى مسئوولو المجلس واثقين في سوق العمل وفي نمو اقتصادي فوق المسار، ينظر العديد إلى إشارات أقوى إلى أن النمو السعري سيرتفع، حتى أن قليلين يريدون أن يروا ارتفاعا في التضخم قبل رفع أسعار الفائدة مجددا، ما يبرز استمرار الانقسام بشأن وضع السياسة في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح. وقد بقي التضخم باستمرار لسنوات عدة دون النسبة التي يستهدفها المجلس الفدرالي والبالغة %2، ما دفع برئيسة المجلس، جانيت يلن، للقول إنها "غير أكيدة بشكل كبير" بشأن ما إذا كان التضخم سيرتفع قريبا نحو النسبة التي يستهدفها المجلس، وإنها منفتحة على احتمال أن تبقى الأسعار منخفضة لسنوات قادمة.
والتضخم ليس عدم اليقين الوحيد بالنسبة للمجلس الفدرالي. فقد أعلنت "جانيت يلن"، كما كان متوقعا، استقالتها من المجلس وقالت إنها ستترك مجلس المحافظين بعد استلام الرئيس الجديد"جيروم بأول"، منصبه، وسيترك غياب "يلن" أربعة شواغر في مجلس المحافظين من أصل سبعة. وقد أعطى هذا الأمر غير المعتاد ترامب الفرصة النادرة بالنسبة لرئيس لكي يضع بصمته على تشكيل المجلس الفدرالي. وهذا الأمر صحيح على وجه الخصوص بما أن أعضاء المجلس يملكون صوتا دائما ويشكلون غالبية اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح، وهي اللجنة المناط بها تحديد سياسة أسعار الفائدة. وستكون الأسواق تواقة لمعرفة من سيعيّن ترامب، خاصة لأنه أفاد بأنه يفضل أسعار فائدة منخفضة وكان مدافعا عن تسهيل الأنظمة المالية.
وفي أوروبا، رسمت الانتخابات الألمانية في سبتمبر المشهد السياسي المحلي لمجموعة من الأحداث التي نادرا ما تواجهها. وكانت أحزاب هامشية صغيرة، خاصة حزب "البديل لألمانيا" الرافض للاتحاد الأوروبي، قد ضغطت على الأحزاب المعتادة الرئيسة. وبدلا من الأحزاب الأربعة أو الخمسة المعتادة، هناك سبعة أحزاب ممثلة حاليا في مجلس نيابي مجزّأ على نحو غير معتاد. ونتيجة لذلك، فإن الطريق نحو تشكيل الحكومة الجديدة كان شائكا. وتواجه الآن المستشارة أنجيلا ميركل والحزب المسيحي الديموقراطي الذي تنتمي إليه، ثلاثة خيارات غير مرغوب فيها بعد أن انهارت المحادثات لتشكيل ائتلاف حكومي مع الديموقراطيين الأحرار والخضر. الخيار الأول هو تشكيل حكومة أقليات، سيكون الأول على الإطلاق في تاريخ ألمانيا المعاصرة، وسيتطلب العمل مع أحزاب أخرى على أساس غرض محدد من أجل تمرير التشريع. ولكن السيدة ميركل لم تشر إلى اهتمامها بهذا الخيار، قائلة إن حكومة أقليات لا يمكن أن تعطي ألمانيا الحكومة المستقرة التي تحتاجها. وبدلا عن ذلك، يمكن للحزب المسيحي الديموقراطي أن ينعش تحالفه مع الحزب الاجتماعي الديموقراطي بما أن الحزبين قد حكما معا منذ 2013. ولكن وجود هذا الحزب مع السيدة ميركل قد أضرّ به، وأدى إلى تراجع حصته من التصويت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، الأمر الذي دفع الحزب إلى رفض الائتلاف وتفضيل وجوده كمعارض لإنعاش نفسه، حتى إذا كانوا سيملكون أكثر من %50 من الأصوات في المجلس النيابي معا. وأخيرا، يبقى خيار انتخابات جديدة. ولكن بالرغم من أن الرئيس الفدرالي يملك الحقبأن يدعو لانتخابات جديدة، فإنه لا يريد القيام بذلك.ويخشى الرئيس ستاينماير من أن الأحزاب الهامشية قد تحصل على أصوات أكثر في انتخابات جديدة، ما سيؤدي إلى زعزعة وضع حساس أصلا وتهيئة ألمانيا لشيء تملك منه ما يكفي، وهو المزيد من عدم اليقين السياسي. ويأتي هذا في وقت حساس بالنسبة لأوروبا، حيث تحتاج لوجود ألمانيا قوية في مفاوضاتها حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكذلك لمسارها نحو الانتعاش.
أرسل تعليقك