c اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد

رفعت السعيد
القاهرة - مصر اليوم

برحيل الدكتور رفعت السعيد الذي قضى مساء أمس الأول "الخميس" عن عمر يناهز 84 عاما يكون اليسار الثقافي المصري والعربي قد فقد علما كبيرا وأحد أهم المؤرخين لحركات اليسار العربي بقدر ماكان وسيبقى أحد الفرسان الكبار للوطنية المصرية الجامعة بين كل المصريين.
والدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع ورئيس الحزب السابق هو أحد أقطاب اليسار المصري وصاحب مواقف مبدئية في مناهضة الفكر الظلامي كما أنه صاحب كتب ومؤلفات عديدة من بينها :"ثلاثة لبنانيين في القاهرة" و"تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر" و"الصحافة اليسارية في مصر" و"مجرد ذكريات" وهو كتاب يدخل في ادب السيرة الذاتية فضلا عن كتابه المهم :"عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية".
وللأدب أن يشعر أيضا بالحزن لرحيل هذا المثقف المصري الكبير الذي تشهد أعماله الروائية الأدبية:"السكن في الأدوار العليا" و"البصقة" و"رمال" على تمتعه بنفس روائي مميز وقدرة بارعة على الابتكار في الحكي غير أن عالم السياسة لم يمنحه متسعا من الوقت لمزيد من الابداعات الأدبية أو ماكان يسميها تواضعا "بالحكايات".
والدكتور رفعت السعيد الذي ووري أمس "الجمعة" ثرى مصر التي أحبها دوما حظت روايته "رمال" بترجمة لليونانية وامست ضمن المساقات الأكاديمية لطلاب قسم الدراسات الشرقية في جامعة اثينا باعتبارها عملا ادبيا يعبر عن التحولات الاجتماعية في مصر.
ويبدو أن النقاد عليهم الآن دراسة البعد الأدبي في هذا المثقف اليساري المصري الثري التكوين والذي انحاز دوما للعدالة الاجتماعية وكل مايعزز نسيج المجتمع المصري فيما تحمل رواياته صيغا شعرية لافتة رغم سردها الواقعي بصور متعددة لرجل الشارع أو المواطن في مصر.
وإذا كان الدكتور رفعت السعيد قد تناول في كتابه "تآملات في الناصرية" الذي صدر في مطلع الألفية الثانية طرفا من التجربة الناصرية وسنوات مابعد ثورة 23 يوليو 1952 ومرحلة الستينيات بالشرح والتحليل فإن تساؤلات وتآملات هذا المثقف اليساري والوطني المصري هي جزء من حركة فكرية عالمية تمتد في الواقع بمراجعاتها لتشمل زمن اليسار ككل في القرن العشرين ومسيرته ومستقبله في القرن الحالي.
واسهامات رفعت السعيد تشكل اضافة ثقافية مصرية مهمة وسط التساؤلات عن مآلات اليسار الثقافى وما إذا كانت المتغيرات العاصفة والممارسات الاستبدادية لأحزاب وفصائل انتمت لليسار أو كانت قريبة ستسدل الستار تماما على الثقافة والأفكار النظرية لهذه الأحزاب.
ولعل هذه الاسهامات الثقافية لفارس اليسار المصري رفعت السعيد تقدم اجابات حول التجربة الناصرية فى مصر ومدى الخسارة الفادحة التى لحقت بهذه التجربة فضلا عن منجزها الثقافى جراء غياب الحريات مع أن التجربة الناصرية الهمت بالفعل مثقفين ومناضلين حتى فى أمريكا اللاتينية ومازالت العلاقة بين تشى جيفارا وجمال عبد الناصر ماثلة فى الأذهان فيما كان الرئيس الفنزويلى الراحل هوجو تشافيز يصف نفسه بأنه "ناصرى".
وإذا كانت التجربة الناصرية قد جذبت مثقفين هنا وهناك بفضل تميزها على صعيد العدالة الاجتماعية ومقاومة الاستعمار والتبعية فان لحزب البعث الذي يدخل ايضا ضمن تلاوين اليسار العربي سياساته التى انحازت للفلاحين وصغار المزارعين غير أن أية انجازات اجتماعية من هذا النوع تبددت اوشوهت جراء فيروس الاستبداد والعدوان على الحريات.
ومع سقوط الكثير من الأحلام القديمة فان الحاجة ماسة لمراجعة ثقافية عميقة وجديدة للمفاهيم الفكرية والسياسية لليسار فيما تستمر الأزمة العالمية لليسار حتى فى الديمقراطيات الغربية بينما تقدم رؤى واسهامات مثقف مصري مثل الراحل العظيم الدكتور رفعت السعيد اقتراحات مفيدة لمواجهة هذه الأزمة.
ويرحل رفعت السعيد بجسده فيما تبقى أفكاره واسهاماته الثقافية حاضرة في وقت يجتهد فيه مثقفون كبار في الغرب في محاولات للاجابة عنه بمناسبة حلول قرن كامل على الثورة الروسية وظهور ماعرف "بالاتحاد السوفييتي" حتى دخل ذمة التاريخ في مطلع تسعينيات القرن العشرين.
و مازالت سنوات ستينيات القرن العشرين التي كانت موضع اهتمام في كتابات ودراسات وتآملات الدكتور رفعت السعيد والتي توهج فيها اليسار تشكل بؤرة ثقافية لكتب جديدة مثل الكتاب الذي صدر بعنوان "اخي تشي" بقلم خوان مارتن جيفارا الشقيق الأصغر لأيقونة اليسار العالمي في القرن العشرين تشي جيفارا.
وفي سياق تعليقه على هذا الكتاب والرحلة الصعبة لمارتن جيفارا بحثا عن رفات شقيقه بعد نحو ثلث قرن على مقتل تشي جيفارا في احراش بوليفيا، قال الكاتب اللبناني الكبير سمير عطا الله :"تحولت الرحلة إلى مايشبه العمل الروائي المثير والمحزن".
ورأى عطا الله في زاويته بجريدة الشرق الأوسط التي تصدر بالعربية من لندن أن التساؤلات والشائعات المذهلة حول حقيقة مصرع هذا الثائر الأرجنتيني الأصل ومن بينها أن الاتحاد السوفييتي السابق تواطأ مع الأمريكيين ضده "تضع الكتاب في اطار الرواية لا البحث وكل الأقوال تزيد في أن جيفارا كان أسطورة بقدر ماكان حقيقة".
ولئن تساءل فارس من فرسان اليسار المصري مثل الدكتور رفعت السعيد ذات يوم بصورة لاتخلو من مرارة عن مآلات اليسار بعد التضحيات الكبيرة والجسيمة التي كابدها من انتموا لهذا التيار وهو احد من كابدوا هذه التضحيات فمن اهم المثقفين الذين يحاولون الآن الاجابة على هذا السؤال الكبير والمتعلق بأحداث خطيرة وأيام فاصلة في التاريخ الإنساني المثقف البريطاني الجنسية والباكستاني الأصل طارق علي فيما تتجلى جهوده الثقافية في هذا السياق سواء عبر كتاب جديد او طروحات ومقالات ذات صبغة ثقافية عميقة في صحف غربية كبرى.
وفي كتابه الجديد الصادر بالانجليزية بعنوان :"معضلات لينين :الارهاب, الحرب, الامبراطورية, الحب والتمرد " "القرن الأحمر" يثير طارق علي جدلا واسع النطاق في الصحافة الغربية والمنابر الثقافية عبر اوروبا والولايات المتحدة.
وكذلك يبرز اسم طارق علي في صحيفة نيويورك تايمز التي شرعت في نشر سلسلة طروحات بعنوان :"القرن الأحمر" حول تراث وتاريخ الشيوعية بمناسبة الذكرى المئوية الأولى للثورة الروسية التي ستحل في شهر اكتوبر المقبل.
وبين المذابح والحرب الأهلية التي اعقبت الثورة الروسية منذ نحو قرن كامل يحاول المفكر الباكستاني الأصل طارق علي استكشاف التاريخ من جديد أو القيام بزيارات جديدة لأحداث فاصلة في رحلة المسير والمصير للأمم والشعوب وهي قضية حاضرة بقوة في كتب المثقف اليساري المصري رفعت السعيد في سياق جهده المعرفي لاعادة بناء التاريخ وتفسيره.
وإذا كان اليسار أعطى في الحقيقة أسماء فكرية تألقت خلال القرن الماضي مثل المفكرين والكاتبين الفرنسيين جان بول سارتر وريجيس دوبريه والمؤرخ البريطاني اريك هوبسباوم والشاعر التركي الكبير ناظم حكمت فانه منح ايضا لمصر والعالم العربي مثقفا كبيرا ومتعدد الاهتمامات هو الدكتور رفعت السعيد..فتحية لروح مثقف مصري كبير كان يسعى دوما للتعرف على حكمة البسطاء في الشارع وعدم الارتكان لدموع الذكريات.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد اليسار الثقافي فقد علمًا كبيرًا برحيل الدكتور رفعت السعيد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon