قبل 3500 سنة، كانت المرأة تفعل الشيء نفسه الذي يتبع إلى اليوم لمعرفة ما إذا كانت حاملًا أم لا، وهو أخذ عينة من بولها ومن ثم تنتظر التفاعل الكيميائي.
وجاء في بردية من مصر القديمة أن المرأة كانت تتبول في كيس من الشعير، وحقيبة إيمر (تشكيلة من أنواع القمح الفرعونية)، وإذا نما محصول الحبوب، فهي حامل، وإذا كان الشعير ينمو، فالجنين صبي، وإذا نما الإيمير، فهي فتاة، وفقًا للكشف الذي نقلته شبكة "سي إن إن" الأميركية، عن باحث في جامعة كوبنهاجن يدرس البردية.
"إما إذا لم تنمو الحبوب، فإنها لن تلد"، هذا هو النص المكتوب في الوثيقة بالطريقة بالهيراطيقية (أحد طرق كتابة الهيروغليفية)، ويرجع تاريخها إلى عصر الدولة الحديثة، في الفترة ما بين "1500 و 1300" قبل الميلاد.
ووفقًا لـ"سي إن إن"، فإن التنبؤ بالولادة، الذي جاء في البردية التي ترجمها عالم مصريات دنماركي عام 1939، هي مجرد مثال واحد على مجموعة كبيرة من البرديات المصرية القديمة، التي حصلت عليها جامعة كوبنهاجن عن طريق منحة لمؤسسة كارلسبيرج. ومن بين 1400 بردية، احتوت مجموعة منها على نصوص طبية، ومعظمها بقيت غير مترجمة.
ويقول عالم المصريات كيم ريهولت، رئيس مجموعة برديات كارلسبيرج، "إننا نتعامل مع نوع من المواد النادرة للغاية"، وأضاف، "هناك أقل من 12 بردية طبية مصرية قديمة محفوظة جيدًا، وأي شيء جديد سيكون كشفًا هامًا".
رؤى جديدة واعدة
الترجمة هي عملية طويلة، وفق لـ"ريهولت"، مضيفًا أن النصوص تالفة ومتضررة، كما أنها مكتوبة بخط قديم لا يستطيع إلا قلة من الناس قراءته، والمصطلحات معقدة للغاية.
كان اختبار القمح والشعير معروفًا بالفعل، من خلال ورق البردي التي تحمل تاريخًا مماثلًا، والموجودة في المتحف المصري في برلين، ومع ذلك، فقد كان هناك اكتشافات أخرى منذ بدأ التعاون البحثي في سبتمبر/أيلول 2017، بحسب الشبكة الأميركية.
وحتى الآن، يعتقد العديد من علماء المصريات أن الحضارة الفرعونية كانت غير مدركة لوجود الكليتين، لكن إحدى النصوص الطبية المترجمة حديثًا ناقشت هذا العضو، ما يعني أن معرفتهم بالتشريح كانت أكثر تقدمًا مما كان يُعتقد سابقًا.
وتشمل البرديات الأخرى علاجات مختلفة لأمراض العين، مثل داء الشعرة، عندما تنمو الرموش داخل العين. وتصف البردية خلطة "دم السحلية والثور وأنثى الحمار وأنثى الماعز" للعلاج بها عن طريق إدخالها إلى العين.
وتشير إحدى طالبات درجة الدكتوراه التي تحلل النصوص، صوفي شيودت، إلى أنه قد تكون هناك مجموعة طبية موحدة تحتوي على اختبارات وعلاجات تستخدم في مصر القديمة، لكنها تدعو لتوخي الحذر لأن العدد القليل من البرديات وعدم اليقين فيما يتعلق بالمكان الذي أتت منه جغرافيًا، يعني أنه من الصعب القول بالضبط ماذا تمثل النصوص.
الدقة العلمية
لم تقتصر طريقة اختبار الحمل الذي أجراه المصريون القدماء على اختبار الزمن فحسب، بل قد يكون لها أيضًا بعض المضمون العلمي، ووفقًا لمقال نُشر في مجلة "التاريخ الطبي" عام 1963، اختبر الباحثون هذه النظرية ووجدوا أن 70٪ من الحوامل تسبب بولهن في نمو الحبوب، غير أن الاختبار اعتبر غير موثوق به للتنبؤ بجنس الأطفال.
وكانت اختبارات الحمل الأخرى التي تم إثباتها في البرديات المصرية أقل موثوقية، ويتحدث "وينكلر" عن اختبار البصل، حيث كان يُنصح بإدخال البصل في مهبل المرأة، وإذا كان رائحة أنفاسها تشبه البصل في اليوم التالي، فهذا يعني أنها حامل.
وترى "شيودت" أنه "من الصعب وضع فكرتنا عن الطب العقلاني والعلمي على ما كانوا يفعلون"، وتقول إن الطب المصري القديم كان يرتكز على قصص دينية أو أسطورية، وكانت العلاجات الصيدلانية تهدف إلى محو الأرواح أو الشياطين من الجسم، لذلك، في حين أنهم يعترفون بأمراض شبيهة بتلك الموجودة اليوم، لا يمكن مقارنة العلاجات والأخذ بها في عصرنا هذا.
أرسل تعليقك