أكملت وزارة الآثار استعداداتها للاحتفال بالذكرى الـ 116 لافتتاح المتحف المصري بالتحرير، لتجديد شبابه واستعادة مكانته برؤية عصرية، حيث سيستقبل زواره من مصر وجميع أنحاء العالم بشكل جديد.
ويفتتح الدكتور خالد العناني وزير الآثار، خلال الاحتفال، الذي تنظمه الوزارة، مساء الإثنين المقبل، الجناح الشرقي بالدور العلوي بالمتحف، بعد تطويره بمجموعة "تويا ويويا"، والتي تضم أكثر من 200 قطعة، والتي سوف يتم عرضها بدلا من مجموعة توت عنخ آمون خاصة بعد نقل ما يقرب من 4400 قطعة منها إلى المتحف المصري الكبير استعدادا لافتتاحه عام 2020.
مجموعة "يويا وتويا"- أجداد الملك أخناتون- اكتشفها عالم الآثار الأمريكي ثيودور ديفز، عام 1905، في مقبرتهما بوادي الملوك بالأقصر، وهما والدا الملكة "تى" زوجة الملك أمنحتب الثالث، والد الملك "إخناتون".
وكان "يويا" من كبار الموظفين في عصر الملك تحتمس الرابع، حيث كان مشرفًا على ماشية الإله مين، وكانت "تويا" كاهنة الآلهة آمون، وحتحور، ومين في أخميم.
ومقبرة "يويا وتويا" تم نحتها في وادي الملوك الذي كان يقتصر على مقابر الملوك ولكن سمح بنحت مقبرتهما به نظرا لأهميتهما الاجتماعية، وقد استطاع لصوص المقابر في العصور القديمة الوصول إليها، ولكن وُجد بها الكثير من الكنوز، ويبلغ عدد المجموعة حوالي 200 قطعة، وعثر بداخلها على توابيت داخلية وخارجية وبداخلهم المومياوتان اللتان لم تعرضا من قبل، كما عثر داخل المقبرة على بردية بطول ٢٠ مترا مما يعطيها أفضلية على كل البرديات التى عرضت سابقا، وهي من البرديات الجنائزية، التي سجل فيها "يويا وتويا" دعواتهما، وهي تخضع لترميم دقيق حاليا تجهيزا لعرضها لأول مرة، فى فاترينة عرض خاصة بها بنفس طول البردية.
والمتحف المصري بالتحرير سيظل شاهدا على عظمة الأجداد، حيث يعد من أهم المتاحف الأثرية في العالم، والذى ترجع أهميته لكونه أول متحف صمم ونفذ منذ البداية لكي يؤدي وظيفة المتحف، عكس ما كان شائعا في أوروبا من تحويل قصور وبيوت الأمراء والملوك إلى متاحف، بالإضافة إلى ما يضمه من مجموعات أثرية مهمة تعتبر بمثابة ثروة هائلة من التراث المصري لا مثيل لها في العالم.
ويرجع تاريخ إنشاء المتحف، مع الاهتمام العالمي الكبير الذي حظي به فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون وكانت النواة الأولى للمتحف ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة وسط القاهرة، حيث أمر محمد علي باشا عام 1835 بتسجيل الآثار المصرية الثابتة، ونقل الآثار القيمة له وسمي بمتحف الأزبكية وأشرف عليه رفاعة الطهطاوي.
وتم تعيين "مارييت" كأول مأمور لإشغال العاديات رئيس مصلحة الآثار في عام 1858، وقد وجد أنه لابد من وجود إدارة ومتحف للآثار، ولذلك قام باختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التي عثر عليها أثناء حفائره "مثل آثار مقبرة إعح حتب"، وفي عام 1863م أقر الخديوي إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية، ولكن لم ينفذ المشروع وإنما اكتفى بإعطاء مارييت أرض أمام دار الأنتيكخانة في بولاق ليوسع متحفه.
وفى عام ١٨٧٨ حدث ارتفاع شديد في فيضان النيل مما سبب إغراق متحف بولاق وضياع بعض محتوياته، وفي عام 1881م أعيد افتتاح المتحف وفي ذات العام توفى مارييت وخلفه "ماسبيرو" كمدير للآثار وللمتحف، وفي عام 1880م وعندما تزايدت مجموعات متحف بولاق تم نقلها إلي سراي الجيزة، وعندما جاء العالم "دي مورجان" كرئيس للمصلحة والمتحف قام بإعادة تنسيق هذه المجموعات في المتحف الجديد الذي عرف باسم متحف الجيزة.
وفي عام1897م وضع الخديوي عباس حلمى الثاني حجر الأساس للمتحف المصري الذى يقع فى الجانب الشمالي من ميدان التحرير وسط مدينة القاهرة، وكانت الأرض المقام عليها المتحف في الأصل أرضا زراعية، وفي عام 1902م اكتمل بناء متحف الآثار المصرية فنقلت إليه الآثار الفرعونية من سراي الجيزة.
تم اختيار تصميم المتحف من ضمن 73 تصميما تم تقديمهم للمسئولين فى ذلك الوقت، بينما فاز تصميم المهندس الفرنسي مارسيل دورنون والذي شيده على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية، وتم الحفاظ على الطابع الفرعوني في التصميم الداخلي لقاعات المتحف فمدخل القاعات يحاكي ضريح المعابد المصرية، والحجرات تحاكي معبد إدفو، أما واجهة المتحف فهي على الطراز الفرنسي بعقود دائرية، تزينها لوحات رخامية لأهم وأشهر علماء الآثار في العالم، وعلى جانبي باب الدخول الخشبي تمثالان كبيران من الحصى لسيدتين على الطراز الروماني، ولكن برؤوس فرعونية.
وقام الخديوي عباس حلمي الثاني بافتتاحه عام 1902م، وقد سجل مبني المتحف المصري ضمن المباني التاريخية الممنوع هدمها، وقام ماسبيرو بنقل الآثار إلى المبني الحالي للمتحف في ميدان التحرير وكان من أكثر مساعديه نشاطا في فترة عمله الثانية العالم المصري أحمد باشا كمال الذي كان أول من تخصص في الآثار المصرية القديمة وعمل لسنوات طويلة بالمتحف، وكان محمود حمزة أول مدير مصري للمتحف الذي تم تعيينه عام 1950.
ويتكون المتحف من طابقين خصص الأرضي منهما للآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية؛ أما العلوي فقد خصص للآثار الخفيفة مثل المخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية وآثار الحياة اليومية وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة وتماثيل وأواني العصر اليوناني الروماني وآثار خاصة بمعتقدات الحياة الآخرى وكذلك المجموعات الكاملة مثل مجموعة توت عنخ آمون، ويضم المتحف عددا هائلا من الآثار المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر الفرعوني بالإضافة إلي بعض الآثار اليونانية والرومانية.
حديقة المتحف
ويوجد في الجانب الأيسر من حديقة المتحف مقبرة رخامية مصنوعة ل ” أوجست ماريت ” فى إشارة لإكتشافه وحفظه الآثار المصـرية و المقبرة محاطة بتمثال له ، وحول المقبرة توجد تماثيل نصفيه لعلماء آثار مصريين مثل أحمد باشا كمال وماسبيرو وغيرهم، ويوجدفى وسط الحديقة فى نافورة تحمل نباتى البردى و اللوتس ، اللذان يمثلا رمز مصر السفلى والعليا على الترتيب، الى جانب مسلات ترجع لعصر الأسرة التاسعة عشر للملك رمسيس الثانى.
أرسل تعليقك