توقيت القاهرة المحلي 18:29:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم التفوق

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - وهم التفوق

بقلم : قمر النابلسي

يتكلم في مختلف المجالات  بثقة الخبير المطّلع , رغم ضحالة معلوماته وقلة خبرته وأحياناً سخافة توقعاته , ولكن يبدو واثقاً من نفسه , يعرف كيف ستنتهي الحرب في غزة وكم بقي من عمر الكيان بالضبط , يعلم كيف ومن أوجد فيروس كورونا ومن نَشره والأهداف القصيرة والبعيدة المدى لذلك والدول المتورطة, يعرف كيف ستُدار الانتخابات ومن سيتحكم بها ومن سيفوز وتوزيع المقاعد على الأحزاب , وهو على علم من سيكون رئيس الوزراء القادم وسبب اختياره وطبعاً معلوماته من مصادر موثوقة , على علاقة مع أشخاص بمناصب ومواقع مهمة وحساسة وله واسطة في كل مكان ,صديق لعدد كبير من أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة ودائماً معلوماته من راس النبع , يعرف سبب الوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به البلاد وعنده الحلول السحرية ويستطيع وضع خطة خمسية وعشرية وطبعاً النتائج مضمونة , أما كيف ستنتهي الحرب الروسية الأكرانية وتبعاتها فعنده الخبر اليقين .
طبعاً أنا لا أتكلم عن شخص بعينه , نحن محاطون بعدد كبير من هذه الشخصيات التي تضع هالةً حول نفسها من لا شيء, اشخاص محدودي الذكاء يعتقدون أنهم يتمتعون بالفطنة  والذكاء ,أشخاص تلقي بنكاتها السخيفة وتعتقد أنها  تتمتع بروح الدعابة وخفة الظل , كنت استغرب جداً من الثقة واليقين الذي يتكلم به هؤلاء , وكيف يعتقدون فعلاً أنهم أكثر ذكاءً ومعرفةً وقدرةً مما هم عليه فعلاً , حتى اكتشفت أن هناك مصطلحاً يشرح بالضبط حالة هؤلاء ,يسمى تأثير دانينغ وكروجر-عالما النفس اللذان قاما بعمل الدراسة – أو ظاهرة التفوق الوهمي وهو : انحياز سلوكي  يَظهر عندما يعتقد الفرد أنه أكثر ذكاءً وقدرةً مما هو عليه بالفعل (غير ماهر وغير مدرك لذلك ) وبالتالي تضخيم تقيمهم لذواتهم , والمبالغة في تقدير مهاراتهم بسبب عدم قدرتهم على المنافسة , وتحيز معرفي لوهم التفوق وهم فعلياً ذوو قدرات عادية أو منخفضة , فاشلون في تحديد نقاط ضعفهم ومعالجتها , انفصال كامل بين القدرات المتصورة والقدرات الفعلية للمرء.
واللافت أن الأبحاث أظهرت أن الأشخاص الأكفاء بالفعل يقللون من شأن قدراتهم ومؤهلاتهم رغم إنجازاتهم فهم يعرفون أن هناك مزيداً من المعارف لا يدركونها ويسعون إليها , يقول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل :(المشكلة مع العالم هي أن الأغبياء واثقون والأذكياء ممتلؤون بالشك) وكما قال أيضاً تشالز داروين :(إن الجهل في كثير من الأحيان يولد الثقة أكثر من المعرفة).
المشكلة الكبيرة هنا أن هذا التناقض يؤثر على التفاعل البشري في عدة أوجه ,من الحياة اليومية واتخاذ القرارات ,الى العلاقات الشخصية و التفاعل مع الآخرين , يؤجج النزاعات ويسهم في نشر معلومات مغلوطة أو زائفة  , تحوير للخطاب العام على الصعيد المجتمعي ,كذلك تداعياته الكارثية على كل المجالات خاصة إذا كان هؤلاء الأشخاص في أماكن صنع القرار –  لا يمتلكون الكفاءة ولا يعترفون بكفاءة الآخرين – حيث يجنح الذين يعانون من هذه الظاهرة إلى عزل انفسهم فلا يسمعون آراء ذوي الكفاءة والخبرة فيتخذون قرارات سيئة  وهذا ما أدى إلى ما نشهده من تراجع في كثير من مؤسساتنا ووزاراتنا ,ونتائج كارثية على كثير من المشاريع التي أثبتت فشلها , السمكة تتعفن من الرأس .

 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم التفوق وهم التفوق



GMT 11:55 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 08:47 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 08:41 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 12:57 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 22:00 2022 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مسرح "الراويات" المنسي والمغيب

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 17:46 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon