c وهم التفوق - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 09:22:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم التفوق

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - وهم التفوق

بقلم : قمر النابلسي

يتكلم في مختلف المجالات  بثقة الخبير المطّلع , رغم ضحالة معلوماته وقلة خبرته وأحياناً سخافة توقعاته , ولكن يبدو واثقاً من نفسه , يعرف كيف ستنتهي الحرب في غزة وكم بقي من عمر الكيان بالضبط , يعلم كيف ومن أوجد فيروس كورونا ومن نَشره والأهداف القصيرة والبعيدة المدى لذلك والدول المتورطة, يعرف كيف ستُدار الانتخابات ومن سيتحكم بها ومن سيفوز وتوزيع المقاعد على الأحزاب , وهو على علم من سيكون رئيس الوزراء القادم وسبب اختياره وطبعاً معلوماته من مصادر موثوقة , على علاقة مع أشخاص بمناصب ومواقع مهمة وحساسة وله واسطة في كل مكان ,صديق لعدد كبير من أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة ودائماً معلوماته من راس النبع , يعرف سبب الوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به البلاد وعنده الحلول السحرية ويستطيع وضع خطة خمسية وعشرية وطبعاً النتائج مضمونة , أما كيف ستنتهي الحرب الروسية الأكرانية وتبعاتها فعنده الخبر اليقين .
طبعاً أنا لا أتكلم عن شخص بعينه , نحن محاطون بعدد كبير من هذه الشخصيات التي تضع هالةً حول نفسها من لا شيء, اشخاص محدودي الذكاء يعتقدون أنهم يتمتعون بالفطنة  والذكاء ,أشخاص تلقي بنكاتها السخيفة وتعتقد أنها  تتمتع بروح الدعابة وخفة الظل , كنت استغرب جداً من الثقة واليقين الذي يتكلم به هؤلاء , وكيف يعتقدون فعلاً أنهم أكثر ذكاءً ومعرفةً وقدرةً مما هم عليه فعلاً , حتى اكتشفت أن هناك مصطلحاً يشرح بالضبط حالة هؤلاء ,يسمى تأثير دانينغ وكروجر-عالما النفس اللذان قاما بعمل الدراسة – أو ظاهرة التفوق الوهمي وهو : انحياز سلوكي  يَظهر عندما يعتقد الفرد أنه أكثر ذكاءً وقدرةً مما هو عليه بالفعل (غير ماهر وغير مدرك لذلك ) وبالتالي تضخيم تقيمهم لذواتهم , والمبالغة في تقدير مهاراتهم بسبب عدم قدرتهم على المنافسة , وتحيز معرفي لوهم التفوق وهم فعلياً ذوو قدرات عادية أو منخفضة , فاشلون في تحديد نقاط ضعفهم ومعالجتها , انفصال كامل بين القدرات المتصورة والقدرات الفعلية للمرء.
واللافت أن الأبحاث أظهرت أن الأشخاص الأكفاء بالفعل يقللون من شأن قدراتهم ومؤهلاتهم رغم إنجازاتهم فهم يعرفون أن هناك مزيداً من المعارف لا يدركونها ويسعون إليها , يقول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل :(المشكلة مع العالم هي أن الأغبياء واثقون والأذكياء ممتلؤون بالشك) وكما قال أيضاً تشالز داروين :(إن الجهل في كثير من الأحيان يولد الثقة أكثر من المعرفة).
المشكلة الكبيرة هنا أن هذا التناقض يؤثر على التفاعل البشري في عدة أوجه ,من الحياة اليومية واتخاذ القرارات ,الى العلاقات الشخصية و التفاعل مع الآخرين , يؤجج النزاعات ويسهم في نشر معلومات مغلوطة أو زائفة  , تحوير للخطاب العام على الصعيد المجتمعي ,كذلك تداعياته الكارثية على كل المجالات خاصة إذا كان هؤلاء الأشخاص في أماكن صنع القرار –  لا يمتلكون الكفاءة ولا يعترفون بكفاءة الآخرين – حيث يجنح الذين يعانون من هذه الظاهرة إلى عزل انفسهم فلا يسمعون آراء ذوي الكفاءة والخبرة فيتخذون قرارات سيئة  وهذا ما أدى إلى ما نشهده من تراجع في كثير من مؤسساتنا ووزاراتنا ,ونتائج كارثية على كثير من المشاريع التي أثبتت فشلها , السمكة تتعفن من الرأس .

 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم التفوق وهم التفوق



GMT 11:55 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 08:47 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 08:41 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 12:57 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 22:00 2022 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مسرح "الراويات" المنسي والمغيب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
  مصر اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 00:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025
  مصر اليوم - محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025

GMT 06:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
  مصر اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 12:57 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 10:39 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

إطلالات شرقية لرمضان من وحي فاطمة المؤمن

GMT 17:26 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

بايرن ميونخ يصف محمد صلاح بأنه "ميسي أفريقيا"

GMT 12:11 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ميلان يعلن إعارة كولومبو لـ كريمونيزي الأمريكى كولومبو

GMT 03:17 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيديو تفاعلي يتكيف مع حركة الجسم أثناء التمارين

GMT 16:43 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أخطاء تفعلها عند ارتداء الكمامات

GMT 03:12 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

المعهد الأميركي يكشف السيناريو المرعب لـ"كورونا"

GMT 07:29 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

صلاح مع قطة تحصد نصف مليون إعجاب في ساعات

GMT 06:31 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الثلاثاء 13 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:06 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح ديكور هادفة إلى تنسيق حدائق منزلية

GMT 08:41 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وصلة رقص لـ ساويرس على أنغام رايحين نسهر لـ محمد رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon