توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة

كتاب لعالم بريطاني
لندن - مصر اليوم

داهمت العالم مرارا وتكرارا في المائة عام الأخيرة أوبئة مدمرة مثل الإنفلونزا الإسبانية والإيبولا والإيدز، وقد صدر للمؤرخ الطبي البريطاني مارك هونيجزباوم كتاب بعنوان ” قرن الأوبئة…مائة عام من الذعر والهيستريا والعجرفة” تناول فيه أوجه الشبه والاختلاف مع أزمة كورونا الحالية ووضع تحليلا للسبب الذي جعلنا عرضة لانتشار مثل هذه الأمراض على هذا النحو. ربما كانت جائحة كورونا الحالية بالنسبة لكثير من الأشخاص في أوروبا هي أول وباء أصابهم على نحو قوي وبشكل مباشر منذ فترة طويلة، لكن العالم ـ أو أجزاء واسعة منه ـ تعرض مرارا وتكرارا في العقود الأخيرة للأمراض المعدية مثل الإيدز أو سارس أو إيبولا أو زيكا. ويتعرض هونيجزباوم في كتابه الجدير بالقراءة للعديد منها حيث تشير كلمة قرن في عنوان الكتاب إلى الفترة الزمنية بين 1918 و2019.
ولا تزال جائحة سارس-كوفيد-2 محل دراسة وستظهر بعد قراءة الكتاب من منظور مختلف بعض الشيء. ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى أن المؤلف لا يعطي مجرد لمحة عامة بسيطة ومتزامنة عن أوبئة مختلفة بل إنه يقدم توثيقا دقيقا اعتمد على بحث استمر على مدار عشرة أعوام لمسارات هذه الأوبئة، ومنها وصف الحالات الأولى المحيرة وأعمال التحري لبعض الباحثين في البحث عن سبب الوباء والطرق الخاطئة في التعامل مع الوباء وتأثير جماعات الضغط القوية التي تخوفت على امتيازاتها.
وتتسم أجزاء كبيرة من الكتاب بأسلوب أكثر إثارة من القصص البوليسية لاسيما وأن كل قارئ يضع نصب عينيه الموقف الراهن.
غير أن هونينجزباوم لم يكتب كتابا شيقا وحسب بل إنه أيضا كتاب ذكي للغاية؛ حيث يعرض فيه بشكل مفصل مدى الاختلاف الشديد بين الأوبئة الفردية وبعضها البعض، لكن الشاغل الرئيسي للكاتب هو إبراز تلك العوامل التي ساعدت على نشأة الأوبئة وأخفت كشفها وصعبت من مكافحتها، وثمة أوجه شبه كثيرة في هذا الشأن. وكتب هونينجزباوم أن ” كل هذه الأوبئة أظهرت مدى السرعة التي يمكن أن ينقلب بها العلم الطبي المعترف به رأسا على عقب مع ظهور حالات مرضية جديدة، ومدى النجاح الاستثننائي لمثل هذه الأوبئة في نشر الذعر والهيستريا والخوف طالما استمر عدم وجود نتائج معملية ولقاحات فعالة وأدوية ناجعة”.


وكثيرا ما صَعَّبَتْ التقديرات الطبية الخاطئة من فرص توضيح أسباب الأمراض، وساق الكتاب مثالا على ذلك بما أعلنه عالم البكتيريا الألماني صاحب التأثير ريشارد بفايفر (1858-1945) من أن الإنفلونزا الإسبانية عدوى بكتيرية، وأنه عثر على سبب هذا الوباء في بكتيريا المُسْتَدْمِيَة التي اكتشفها (هي جنس من البكتيريا تتبع الفصيلة الباستوريلات من رتبة الباستوريليات).
وفي غرب افريقيا ظل العديد من الخبراء وحتى منظمة الصحة العالمية في 2014 يرفضون على مدار فترة طويلة افتراض حدوث تفش لوباء إيبولا وما صاحبه من عواقب وخيمة. وفي مرض الببغائية (حمى الببغاوات) الذي سببته طيور في عام 1930، حَمَّلَتْ جمعية مربيِّ الطيور الأمريكية المسؤولية عن هذا المرض لخيال الصحافة، كما جاء مرض الإيدز كمثال على مدى السرعة التي يمكن بها لجائحة أن تصم أقلية.


يوضح كتاب هونيجزباوم مدى ارتباط الأوبئة بعوامل مجتمعية وطبية وتاريخية معاصرة، وجاء على رأس هذه العوامل بالنسبة للكاتب الجانب البيئي، لأنه بغض النظر عن الوباء سواء كان مرض الببغائية أو الإيدز أو الإيبولا أو سارس، هناك ظروف بيئية تسهل انتقال مسببات المرض من عالم الحيوان إلى الإنسان. كما أن الطريقة الحياتية للبشر هي التي يمكنها أن تهيئ لمسبب المرض التنقل سريعا حول العالم. ورأى هونيجزباوم أنه ربما كان للغطرسة البشرية دور أيضا في وقوع الأوبئة ونقل عن

الطبيب وعالم الميكروبات البارز رينيه دوبوا (1901-1982) قوله ” يعتقد الإنسان الحديث أنه ارتقى إلى درجة أصبح عندها سيدا كاملا على قوى الطبيعة التي شكلت تطوره في الماضي وأنه صار بإمكانه التحكم في مصيره البيولوجي والثقافي، غير أن هذا يمكن أن يثبت أنه وهم، فهو مثل كل الكائنات الحية الأخرى، جزء من نظام بيئي معقد للغاية مرتبط بكل مكوناته عبر أواصر لا حصر لها”.وثمة تشوق لرؤية الكيفية التي سينظر بها المؤرخون إلى الجائحة الحالية (كورونا) بعد مضي بضعة عقود.

قد يهمك أيضا

16 رواية في القائمة الطويلة لـ "البوكر" في دورة 2021

"كورونا" يؤجّل معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى 15 تموز 202

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon