تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن دعمًا مصريًا وسعوديًا وأردنيًا بشأن إصراره على إنهاء سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة بشكل كلي؛ تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية بأجهزتها الأمنية للقطاع وإعادة افتتاح المعابر والشروع بالإعمار، جراء الدمار الواسع الذي حلّ في القطاع نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأوضحت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى لموقع "مصر اليوم"، الأحد، بأنّ هناك دعمًا عربيًا واسعًا لمطالب عباس بإنهاء وصاية حماس على قطاع غزة؛ من أجل فتح الباب لعودة السلطة الفلسطينية بأجهزتها المدنية والأمنية للسيطرة على غزة، بعيدًا عن وصاية حماس التي تحاول فرضها على القطاع.
وبحسب المصادر، فإنّ إعادة إعمار القطاع وفتح المعابر مرتبطة بعودة السلطة لغزة كسلطة واحدة وسلاح واحد لجميع الفلسطينيين، وأنّ عباس يرفض أنّ تكون هناك سلطة لحماس داخل السلطة، على غرار تجربة حزب الله اللبناني في لبنان.
وأضافت المصادر أنّ السعودية ومصر والأردن تدعم عباس بشكل قوي في مطالبه وترفض إعادة تكرار تجربة حزب الله في لبنان، من خلال سحبها على حماس في قطاع غزة، على حدّ قول المصادر.
وأعلن عباس إنه يجب أنّ يكون هناك سلطة واحدة ونظام واحد في كل الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا: "لن نقبل أنّ يستمر الوضع مع حركة حماس كما هو الآن وبهذا الشكل".
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" عنه الليلة الماضية في لقاء مع عدد من الإعلاميين والمثقفين المصريين في القاهرة: "لن نقبل أنّ يستمر الوضع كما هو، ولن نقبل أنّ يكون بيننا وبينهم "حماس" شراكة إذا استمر وضعهم في غزة بهذا الشكل، فهناك حكومة ظلّ مكونة من 27 وكيل وزارة هي التي تقود البلد، وحكومة الوفاق الوطني لا تستطيع أنّ تفعل شيئًا على أرض الواقع".
وأكدت مصادر فلسطينية، الأحد، بأنه لنّ يكون هناك فتح لمعبر رفح أو المعابر الأخرى في قطاع غزة، ولنّ يشرع في إقامة أي ميناء أو مطار، من دون عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بشكل كامل، موضحةً أنّ مصر أبلغت حركة حماس بذلك.
ونقل عن المصادر الفلسطينية حديثها: "الترتيبات الآن تتركز على عودة السلطة لتسلم غزة، وسيكون ذلك تدريجيًا"، مؤكدة أنّ مصر أبلغت حماس أنها "لا تتعاطى مع تنظيمات، وإنما مع السلطة الفلسطينية، المُمثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وهذا ما تسمعه حماس بعد كل سؤال توجهه إلى مصر".
وأكدت حماس مبدئيًا إنها مع عودة السلطة إلى المعابر، ولكن مع وجود قوة ثانية فلسطينية مشكّلة من الفصائل للمساعدة في إدارتها.
وهو الأمر نفسه الذي تطرحه بخصوص مسألة إعادة الأعمار، إذ وافقت الحركة على أنّ تكون حكومة التوافق برئاسة رامي الحمد الله، هي الجهة المُشرفة على إعادة إعمار غزة، ولكن مع وجود هيئة وطنية مستقلة تعمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة، وهذا ما يرفضه عباس بدعم مصري وسعودي وأردني.
وفي ظلّ إصرار عباس على تخلي حماس عن سيطرتها على قطاع غزة بشكل مُطلق تمهيدًا لإعادة الاعمار وفتح المعابر، دعا القيادي البارز في حماس، الدكتور موسى أبو مرزوق، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة؛ بحجة أنّ حكومة التوافق الوطني برئاسة الحمد الله فشلت في القيام بمهامها لإنهاء الانقسام الداخلي.
ودعت حركة حماس عباس لإعطاء الفرصة للحوار، بحديثها: "أنّ تصريحاته ظلم للشعب والمقاومة".
وأكد الناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، في تصريحات صحفية، الأحد: "تصريحات الرئيس ضد حماس والمقاومة غير مُبررة والمعلومات والأرقام التي اعتمد عليها مغلوطة ولا أساس لها من الصحة وفيها ظلم لشعبنا وللمقاومة التي صنعت هذا الانتصار الكبير".
وأوضح عباس إنه من بين 2149 شخصًا استشهدوا في العدوان الأخير على غزة فإنّ عدد شهداء حركة حماس "بلغ 50 شهيدًا فقط، بينما الذي استشهد من حركة فتح بلغ 861 شهيدًا".
وأكد أبوزهري أنّ حماس وفتح اتفقتا على عقد لقاء قريب بينهما؛ لاستكمال الحوار وبحث تنفيذ بقية بنود المصالحة، داعيًا عباس للتوقف عن الحوار عبر الإعلام وإعطاء الفرصة للحوار والتفاهم بين الحركتين.
وفي ظلّ الانتقادات التي وجّهها عباس لحماس، رحّب وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، الأحد، بالهجوم الذي شنّه الرئيس الفلسطيني على حركة حماس مؤكدًا: "أنه هجوم لائق لكنه لا يعفيه من مسؤوليته عما يجري في قطاع غزة".
وأضاف شتاينتس أنه حري بعباس السيطرة على غزة وجعلها منطقة منزوعة السلاح، معتبرًا أنّ عجزه عن ذلك يضع علامة استفهام كبرى أمام جدوى التعامل معه نحو المزيد من الخطوات الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة حسب تعبيره.
وطرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمام المجلس الوزاري المُصغّر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت"، قبل أسبوعين، وثيقة سريّة تضمنت اقتراحًا لنشر قوة دولية في قطاع غزة تكون مهمتها الإشراف على عملية إعادة إعمار القطاع ومنع تسلح حركة حماس وباقي فصائل المقاومة.
ويعتبر واضعو الوثيقة أنّ نشر قوة دولية في قطاع غزة من شأنه أنّ يخدم المصلحة الإسرائيلية في حال نفّذت أنشطة أمنية فعّالة في غزة.
وأعلنت صحيفة "هآرتس"، اليوم الأحد، إنّ الوثيقة مؤلفة من صفحتين، وجاءت بعنوان "مبادئ ومعايير لنشر قوة دولية في غزة"، وسلّمها إلى الوزراء الأعضاء في الكابينيت في 21 آب/ أغسطس الماضي، مدير عام وزارة الخارجية، نيسيم بن شيطريت.
وبحث كبار مستشاري رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الوثيقة مع مسؤولين في وزارة الخارجية، لكن أعضاء الكابينيت ورغم إطلاعهم عليها إلا أنه لم تجرِ مداولات منتظمة حولها في الكابينيت.
وأكد موظف رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية للصحيفة إنه تمّت بلورة الوثيقة على خلفية توجهات من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة، شملت أفكارًا لإقامة نظام رقابة دولي في غزة يستند إلى تحسين مكانة قوة المفتشين الأوروبيين الذين عملوا في معبر رفح بين الأعوام 2005 و2007.
على إثر ذلك تشكّل طاقم في الخارجية الإسرائيلية ضمّ عشرة مسؤولين وترأسه نائب مدير عام الوزارة للشؤون السياسية، ألون أوشفيز.
وذكر الموظف إنّ الوثيقة، التي صيغت بعد سلسلة مداولات، تعتبر أنّ قوة دولية من شأنها خدمة مصلحة إسرائيل إذا نُفذت أنشطة أمنية فعّالة في مجال تجريد غزة من السلاح ومنع تعاظم قوة حماس.
ووفقا للوثيقة فإنه يتعين على إسرائيل أنّ تتطلع إلى عمل القوة الدولية بموجب أربعة مبادئ: تركيبة القوة، صلاحياتها، حجم انتشارها والتفويض الذي سيمنح لها.
واقترحت الوثيقة أربعة بدائل محتملة لتركيبة القوة: قوة تابعة للاتحاد الأوروبي، قوة غربية بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا، قوة تابعة للأمم المتحدة، قوة تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأوصت الخارجية الإسرائيلية بالبديل الأول وهو نشر قوة أوروبية، لأنها القوة المتوفرة وبالإمكان بلورتها بأسرع وقت وكذلك لأن الأوروبيين عبروا عن استعداد مبدئي لتنفيذ خطوة كهذه.
وأضافت الوثيقة أنّ القوة الدولية يجب أنّ تكون مسلّحة ولديها صلاحيات تطبيقية "تمكنها من مواجهة تهديدات من جانب حماس وباقي الفصائل"، وأنّ تكون مخولة بمنع دخول أسلحة إلى القطاع ومصادرة أسلحة ومواد محظورة في حال العثور عليها.
وتابعت الوثيقة أنّ القوة الدولية ينبغي أنّ تنتشر في الجانب الفلسطيني من معبر رفح وعلى طول محور فيلادلفي وفي مناطق معينة داخل القطاع مثل مُنشآت الأمم المتحدة.
وأوصت وزارة الخارجية بأنّ يكون عمل القوة الدولية نتيجة لقرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي، أو بموجب اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ويكون مدعومًا بقرار من مجلس الأمن.
كذلك أوصت الوزارة بأنّ تكون مدة عمل القوة الدولية عامًا قابل للتمديد لعام آخر، وأنّ تعمل بصورة مشابهة لقوات يونيفيل الدولية في جنوب لبنان.
ووفقا للموظف الإسرائيلي فإنّ هذا الاقتراح يمكن أنّ يصبح قابلاً للتنفيذ بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة في القاهرة بين إسرائيل وحماس وفصائل المقاومة حول اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد.
وخلص الموظف إلى أنّ مصر يجب أنّ تكون شريكة مركزية في أيّة مداولات حول نشر قوة دولية في القطاع، وأنّ التنسيق مع مصر هو أمر بالغ الأهمية. مؤكدًا إنّ عدّة دول أوروبية بدأت تبحث الأمر مع مصر.
أرسل تعليقك