استهل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقاءه بمدير وكالة الأنباء الكويتيّة برسالة طمأنة بأنَّ مصر بدأت تتعافى وتستعيد مكانتها الإقليمية والدولية رغم ظروفها الاقتصادية ومحاولات عرقلة دورها، مشيرًا إلى أهمية تصويب الخطاب الديني وتخليصه من أيّة شوائب تجافي صحيح الدين الإسلامي.
وأكد السيسي، خلال حوار مع مدير "كونا"، الشيخ مبارك الدعيج الإبراهيم، إنَّ العلاقات بين مصر والكويت تاريخية ووطيدة، وكانت دائمًا نموذجًا لعلاقات الأخوة ووحدة المصير بين الأشقاء العرب، وأنها ستظل علامة مضيئة للتعاون العربي، مشددًا على أنَّ أمن الخليج خط أحمر لا ينفصل عن الأمن القومي المصري.
وأوضح الرئيس المصري ارتباط القاهرة بمحيطها الخليجي ارتباطًا قويًا ووثيقًا، مضيفًا أنَّ التعاون بينهما يمثّل أرضية مناسبة لدعم العمل العربي المشترك، كما أكد أهمية تكاتف الدول العربية وترابطها في المرحلة الفارقة، والعمل على إعادة بناء الدول العربية المتضرّرة والحيلولة دون إضعاف دول عربية أخرى.
ولفت الرئيس إلى أنَّ هناك تدخلات خارجية استغلت الثورات العربية وموّلت قوى التطرُّف في ليبيا وسورية، معتبرًا أنَّ استفحال خطر المجموعات التكفيرية في سورية والعراق وسعيها إلى التوسُّع سيقرب وجهات النظر العربية تجاه تسوية الأزمة السورية.
وحول بعض الأعمال التي تعكِّر صفو المجتمع المصري، رغم ما شهده من استقرار ملحوظ خلال الأشهر الماضية، وإلى متى تستمر هذه الأعمال؟ ذكر السيسي: "هذه المظاهرات تمثل فئة قليلة للغاية تحاول الخروج عن النظام وإثارة الرأي العام"، مؤكدًا وعي الشعب المصري لمثل هذه المحاولات وأنه لن يستجيب لها".
وأضاف الرئيس المصري: "أود أنَّ أطمئنك وأطمئن الشعب المصري وجميع الشعوب العربية المُحبة للسلام والاستقرار، أنَّ الحكومة المصرية وبمساندة الشعب المصري تنتهج سياسة "النفس الطويل" وسنظل صامدون شعبًا وجيشًا لحماية الوطن، وعن قريب سنقتلع جذور التطرُّف وسننعم بكامل الاستقرار والهدوء في مصر".
وبشأن رؤيته لمكافحة التطرُّف، أوضح الرئيس المصري أنَّ الرؤية المصرية لمكافحة التطرُّف شاملة تؤكد على أهمية البعد التنموي بشقيه الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب الجهود الأمنية بهدف القضاء على الأسباب الأساسية له، لافتًا إلى أنه تبرز هنا أهمية تصويب الخطاب الديني لتصحيح صورة الإسلام وعرض حقائقه بسماحتها واعتدالها.
وأضاف: "تتواكب مع ذلك أهمية الخطاب الإعلامي فنحن في العالم العربي بحاجة إلى خطاب واعٍ ومسؤول يساهم في توفير حالة اصطفاف وطني وراء هدف واحد، وهو الحفاظ على الدولة والعمل على دعمها وتقويتها والحيلولة دون سقوطها أو تفتيتها، أما بالنسبة لجهود مكافحة التطرُّف في سيناء، وأنها تُجرى على قدم وساق، بعدما تمّ إغلاق معظم الأنفاق، وتنفيذ عمليات لتمشيط سيناء بشكل دوري، ما نشهده من عمليات متطرُّفة، ومنها العملية الأخيرة التي استهدفت نقطة تفتيش "كرم القواديس" فإنما تتمّ بمساعدات خارجية، لكن الدولة اتّخذت إجراءات سريعة، ومن بينها فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال وحماية المنشآت العامة والحيوية بمشاركة القوات المُسلّحة، إلى جانب رجال الشرطة وجارِ تنفيذ عمليات عسكرية في سيناء لملاحقة العناصر المتطرُّفة، وتمّ بالفعل القضاء على عدد من المتورطين في تنفيذ العملية".
وردًا على سؤال حول العلاقات المصرية- الكويتية، ذكر السيسي: "العلاقات بين مصر والكويت عريقة واستثنائية، بعدما قدمت دائمًا نموذجًا لعلاقات الأخوة ووحدة المصير بين الأشقاء العرب اختلطت خلالها دماء الشهداء من مصر والكويت، وستبقى العلاقات المصرية- الكويتية علامة مضيئة للتعاون والتنسيق بين الأقطار العربية، وسنعمل معًا لتعزيزها وتدعيمها حفاظًا على مصالحنا المشتركة".
ونوّه بأنَّ لقاءه مع أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال حفل تنصيبه في القاهرة، ساده مناخ من الأخوة والتفاهم والحرص المشترك على دعم العلاقات الثنائية، مشيرًا إلى أنه دائمًا ما تسود اللقاءات المصرية- الكويتية الأجواء الودية والحرص على تطوير العلاقات بشكل خاص في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، فتحتل الكويت المرتبة الخامسة ضمن قائمة الدول الأجنبية المستثمرة في مصر، والثالثة عربيًا.
وأكد أنه سيتمّ العمل بين البلدين على دعم هذه الاستثمارات وتنميتها وتذليل أيّة عقبات تواجهها بما يحقق المصالح المصرية والكويتية، وجدّد إعرابه عن تقدير الشعب والحكومة المصرية للدعم السياسي والاقتصادي الكويتي لمصر منذ ثورة 30 حزيران/ يونيو حتى الآن، موضحًا أنه يؤكد على إيمان الجانبين بوحدة المصير المشترك.
وحول إذا كانت لديه نية لزيارة الكويت في الوقت القريب، أكد الرئيس: "دائمًا ما تكون النية منعقدة لزيارة الدول العربية الشقيقة، واتطلع إلى زيارة الكويت للالتقاء بالأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والتباحث بشأن مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي وتعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين".
وبشأن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي للتحديات الداخلية والخارجية ومنها الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها مصر منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011 في ضوء تطلعات شعبية كبيرة وخطط تنموية طموحة، ذكر السيسي: "لقد تراكمت مشاكل اقتصادية على مدار عقود طويلة وترافقت معها زيادة سكانية متنامية بمعدلات مرتفعة ولكن هذه المشكلات لن تثنينا عن مواصلة خطط التنمية الشاملة في مصر، ولذلك فلقد توجّهنا في مصر نحو المشاريع الاقتصادية العملاقة التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري، والتي يأتي في مقدمتها مشروع حفر قناة السويس الجديدة وتنمية محورها والعمل فيه يجري على قدم وساق".
وأعرب عن أمله في أنَّ يتم إنجاز مشروع القناة الجديدة في عام واحد بدلاً من الفترة التي توقعها الخبراء، والتي تراوحت فيما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، مشيرًا إلى أنه بالتوازي مع هذا المشروع فقد أعطي إشارة البدء في إنشاء مركز لوجيستي عالمي لتخزين وتداول وتجارة الحبوب والغلال في ميناء دمياط، منوهًا بأنه الأول في سلسة من مشاريع مماثلة سيتم تنفيذها.
وأضاف أنه "على صعيد التنمية الزراعية فنستهدف استصلاح مليون فدان كمرحلة أولى من خطة التنمية الزراعية، التي تستهدف استصلاح أربعة ملايين فدان، إننا نتحرك في اتجاهات متعددة، ونتوقع المزيد من الدعم والتعاون من جانب أشقائنا سواء من خلال المساهمات المالية أو الاستثمارات المباشرة أو القروض الميسرة".
وعن عودة الاستثمارات العربية والأجنبية لما كانت عليه وما تحتاجه من جهد كبير من خلال سنّ تشريعات وقوانين وإجراءات جاذبة للاستثمار ومعالجة المشاكل التي تعرض لها بعض المستثمرين بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، ذكر الرئيس السيسي: "التشريعات الاستثمارية المصرية كانت في حاجة ماسة إلى التعديل للتيسير على المستثمرين والمساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات، ومن ثم فإنَّ الدولة عاكفة على صياغة حزمة جديدة من القوانين في هذا الصدد، وفي مقدمتها قانون الاستثمار الموحد وما يتصل به من قوانين العمل والضرائب وغيرها".
وأضاف: "كما أننا نتوجه إلى تطبيق نموذج "الشباك الواحد" لاختصار الإجراءات وتوفير الوقت والجهد على المستثمرين، وفي هذا الصدد نرحب بالأشقاء من دولة الكويت للاستثمار في مصر في شتى المجالات، كما نتطلع إلى حضور فاعل لدولة الكويت ومؤسساتها التمويلية مثل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في المؤتمر الاقتصادي الذي ستستضيفه مصر في شباط/ فبراير المُقبل".
وأوضح الرئيس السيسي أنَّ حفر القناة الجديدة سيؤدي إلى سهولة الحركة الملاحية في القناة لقوافل السفن المُقبلة من شمال وجنوب القناة، وسيخفض ساعات الانتظار بشكل كبير، وهو الأمر الذي من شأنه اختصار وقت ملاحة السفن وإيصال البضائع؛ حيث تستوعب القناة بمجراها الملاحي الحالي 49 سفينة يوميًا، وبعد تشغيل القناة الجديدة سيتضاعف حجم استيعابها ليصل إلى حوالي 98 سفينة يوميًا.
وتابع: "كما أشرت من قبل فإنه من المقرّر أنَّ يتم الانتهاء من حفر القناة الجديدة خلال عام واحد، ومن ثم فإنَّ إيرادات القناة ستزداد بواقع 4.7 مليار دولار تضاف إلى 5 مليارات دولار، هي الإيرادات المقدرة للقناة عن العام 2014، إلا أنّ هذه الزيادة مرشحة للارتفاع حال اكتمال مشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة وما سيتضمنه من مشروعات صناعية وخدمية في منطقة القناة مثل إنشاء مصانع لتصنيع السفن والناقلات البحرية وورش لإصلاحها، فضلاً عن خدمات الشحن والتفريغ والاتجاه نحو إنشاء مدينة عالمية للسياحة والتسوق في خليج السويس، بالإضافة إلى توفير فرص العمل، ولاسيما للشباب وتنمية محافظات القناة، وكذا سيناء التي سيزداد ارتباطها اقتصاديًا واجتماعيًا بالعمق المصري".
وشدّد على أنَّ تأسيس هذا المشروع سيجعل من قناة السويس المعبر الملاحي الأهم لحركة التجارة العالمية، وسيساهم في اجتذاب المستثمرين من دول العالم كافةً لاستثمار أموالهم في المشاريع التي سيتمّ تنفيذها في إطار تنمية محور القناة.
وألقى رئيس الوفد الإثيوبي، السفير سلمون أبيبا، على مستوى كبار المسؤولين كلمة افتتاحية بدأها بتتقديم التعازي للشعب والحكومة المصرية على ضحايا حادث سيناء الإجرامي، الذي تعرّض له رجال القوات المُسلّحة يوم ٢٤ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مؤكدًا أهمية استغلال الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين لدعم وتعزيز العلاقات التاريخية بين مصر وإثيوبيا، اللتان تُعدان من أعظم وأقدم الحضارات في أفريقيا والعالم.
أرسل تعليقك