طالبت القيادة الفلسطينية، الخميس، الأمم المتحدة بالتحرك الجديّ لوقف عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وحلِّ القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدوليّة، بينما تنعقد قمّة ثلاثيّة في الدوحة، الخميس، بين الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل للبحث في التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما وضّح الأخير المطالب الفلسطينية للوصول لاتفاق وقف إطلاق نار مع الاحتلال، الذي يواصل عدوانه على قطاع غزة.
وجاءت المطالبة الفلسطينية للأمم المتحدة عبر المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى المنظمة في نيويورك السفير رياض منصور، الذي دعا المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى "الوقف الفوري للعدوان العسكري الإسرائيلي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون تحت الاحتلال".
وبعث منصور رسائلاً متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن (المملكة المتحدة)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، يطالبهم بـ"التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، مشيرًا إلى أنَّ "هناك إجماعًا دوليًا بأنه لا يوجد حل عسكري لهذه الأزمة، أو لهذا الصراع برمته، وأنه لا بد من وقف العنف الآن، لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء، ولتوفير الهدوء اللازم لإبرام اتفاق وقف دائم لإطلاق النار، ومعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة، بما في ذلك الحصار الإسرائيلي غير القانوني المفروض على قطاع غزة منذ فترة طويلة، وجميع العواقب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية في هذا الصدد".
وحثّ منصور المجتمع الدولي على "التحرّك الفوري للمطالبة بوقف إطلاق النار بصورة شاملة ودائمة، ولدعم الجهود المبذولة في القاهرة لتحقيق هذا الهدف، وعدم التسامح مع التعنت الإسرائيلي المستمر في المفاوضات الذي يزيد من زعزعة الاستقرار في الوضع وخروجه عن نطاق السيطرة".
وشدّد على "ضرورة قيام مجلس الأمن بواجبه في حفظ السلم والأمن الدوليين"، مؤكّدًا أنَّ "مشروع القرار المعروض على المجلس يشكل أساسًا سليمًا للعمل الجاد الواجب القيام به، وحثِّ أعضاء المجلس على الاضطلاع بهذه المسؤولية دون تأخير".
وأشار منصور في الرسائل إلى أنَّ "دائرة العنف قد استؤنفت بمواصلة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، عمليات القتل والدمار ضد السكان المدنيين الفلسطينيين العزل في قطاع غزة، وأنه حتى طوال فترة وقف إطلاق النار الإنساني الموقت، وأثناء المفاوضات في القاهرة من أجل التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، فإن إسرائيل لم تلتزم أبدًا بوقف إطلاق النار، واستمرت في شن غاراتها الجوية العسكرية على قطاع غزة".
وأبرز أنّه "خلال الـ24 ساعة الماضية، قامت قوّات الاحتلال الإسرائيلية بأكثر من 60 ضربة جوية عسكرية ضد المناطق المدنية المكتظة بالسكان في غزة، ما أسفر عن استشهاد 37 فلسطينيًا على الأقل، من بينهم 6 من عائلة الدلو، و8 من عائلة اللوح، ووداد الضيف وطفلها البالغ من العمر 7 أشهر، والطفلة نور أبو حصيرة (عامين)".
وأضاف أنَّ "إسرائيل لم توقف للحظة أيّ من إجراءاتها غير القانونية، والمدمّرة، وتواصل إلحاق الخسائر والمعاناة بشعبنا الفلسطيني، في جميع أنحاء دولة فلسطين المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية، من خلال الغارات والهجمات العسكرية وهدم المنازل والاعتقالات، فضلاً عن ما يمارسه المستوطنون من إرهاب واستفزاز"، مبرزًا أنّه "يبقى الوضع في قطاع غزة خطيرًا وكارثيًا، بسبب العدوان المتواصل والحصار".
وفي سياق متّصل، رهن مشعل، في تصريح صحافي، العودة إلى المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بـ"تأكد المقاومة من أن هناك ظرفًا حقيقيًا يدفع إسرائيل للتسليم بالمطالب الفلسطينية، وعلى رأسها كسر الحصار المفروض على غزة".
وجدّد مشعل تأكيده على "تمسك المقاومة بمطالبها"، مبديًا "استعداد المقاومة للقتال حتى النهاية، دفاعًا عن النفس والأرض"، موضحًا أنَّ "الشعب الفلسطيني يقاتل منذ مئة عام، ولن يتعب من شهر أو عام أو أعوام".
ونفى الرواية الإسرائيلية عن خرق "حماس" للتهدئة، معتبرًا أنها "تمارس الكذب مرة أخرى على المجتمع الدولي، كما سبق أن خدعته وخرقت الهدنة قبل ذلك بزعم أن هناك جنديًا مختطفًا"، مبيّنًا أنَّ "إسرائيل كانت تخطط لخرق التهدئة لاغتيال قيادات في المقاومة".
واعتبر مشعل أنَّ تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بشأن ضرب البنية التحتية لـ"حماس" تنطوي على "مبالغة"، مشيرًا إلى أنَّ خسائر الحركة العسكرية "محدودة".
ووصف قائد حماس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"قاتل الأطفال"، معتبرًا ما قامت به إسرائيل في غزة منذ شن عدوانها على القطاع في 7 تموز/ يوليو الماضي هو "هولوكست" حقيقي.
وشدّد مشعل على "عدم تدخل الحركة في الشأن المصري"، مطالبًا بفتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع، غزة كمعبر دولي، فيما ثمّن الموقف التركي والقطري تجاه القضية الفلسطينية عمومًا، لاسيّما غزة".
وأبرز أنَّ لقاءه المرتقب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يعقد في وقت لاحق الخميس، سيركز على تعزيز مسيرة المصالحة والوحدة الوطنية، وتنسيق التصدي للملفات الوطنية بموقف مشترك، على قاعدة الشراكة الوطنية في مسيرة المصالحة.
إلى ذلك، بيّنت مصادر فلسطينية أنَّ القمّة الثلاثيّة، التي تنعقد في الدوحة، جاءت لبحث تطورات الأحداث في قطاع غزة، ومجمل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والسبل الكفيلة لدعم الشعب الفلسطيني في ضوء العدوان الإسرائيلي الغاشم.
هذا، وتلقّى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أعرب عن قلقه من التصعيد في قطاع غزة.
وأعلنت المتحدث باسم نائب وزارة الخارجية أنَّ "كيري يعتقد أنه يمكن العودة إلى هدنة موقتة تقود إلى وقف إطلاق نار دائم بوساطة أميركية".
ورأى الوزير من حزب "الليكود" الإسرائيلي غدعون ساعر أنَّه "لا يجوز العودة إلى المفاوضات مع حماس في القاهرة لأنها لن تحقق إلا المكاسب للحركة التي قد تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية"، على حد تعبيره.
واعتبر ساعر، في حديث إذاعي، أنه "لن يكون هناك أفق سياسي دون دحر حركة حماس"، مؤكدًا أنَّ "المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الإسرائيلي يعارض التوصل إلى اتفاق مع حماس".
ورفض ساعر الانتقادات التي وجّهها نتنياهو إلى بعض أعضاء المجلس المصغر لإدلائهم بتصريحات في وسائل الإعلام ضد سياسته، مؤكدًا أنه "من واجب الوزراء أن يعبّروا عن آرائهم بصفتهم ممثلي الجمهور".
وبدوره، أشار الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينيتس، الذي يشارك في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر بصفة مراقب، إلى أنَّ "الجميع ملزمون بدعم رئيس الوزراء ووزير الحرب ورئيس الأركان"، داعيًا إلى "ترك الخلافات إلى ما بعد انتهاء المعركة العسكرية".
في المقابل، دعا رئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتصوغ، رئيس الوزراء إلى "إقالة أعضاء المجلس الوزاري المصغر الذين انتقدوه بشدّة في وسائل الإعلام"، لافتًا إلى أنَّ "بعض الوزراء تصرفوا بصورة مخزية، وسرّبوا معلومات سرية من اجتماعات المجلس".
وأضاف هرتصوغ أنَّ "المعركة الراهنة أظهرت خطورة الخلل في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، وعدم وجود رؤية لدى نتنياهو حيث قدم الوهم لسكان مستوطنات غلاف غزة".
أرسل تعليقك