قدم المستشار يحيى الدكروري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، تظلمًا من تخطيه وتجاهله في التعيين في وظيفة رئيس مجلس الدولة، وجهه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي باعتباره أول رئيس جمهورية في تاريخ مصر يتخطى الأقدمية في مجلس الدولة .
وتضمن تظلم الدكروري للرئيس السيسي 9 عناصر، جاءت على النحو الآتي، الأول أن "القاضي ينظر لمقام الرئاسة بمعاييره التي لا تهتز، وفي قناعات القاضي أيضًا قواعد لا ترتعش، وما أصعب على النفس أن يشعر القاضي بهذا الظلم، لأن مناط مسؤولياته أن يرفع الظلم باسم الشعب عن كل الشعب".
والعنصر الثاني في خطاب الدكروري للرئيس السيسي "تظلمي ليس شخصيًا، بل لمنظومة العدالة وشيوخ القضاة يأتون بالأقدمية المطلقة، وهي قاعدة يجب أن تلازم الرئيس كما تلازم الأحدث منه، والمنصب ليس منحة من أحد أو حقًّا لأحد، بقدر ما تسمو مسؤولياته في أعبائها أمام الله وأمام الوطن وأمام الشعب".
وأوضح النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، في العنصر الثالث "قرار سيادتكم بتعيين زميل أحدث مني لرئاسة المجلس متخطيًا لي، سابقة لم تحدث منذ ما يزيد عن 70 عامًا دون مبرر واضح أو مقتضًا مقبولًا، بالمخالفة لقاعدة الأقدمية التي استقام عليها التنظيم القضائي، وهدمها يؤثر على حسن سير العدالة".
وتابع الدكروري في العنصر الرابع: "الدستور الذي أقره شعب مصر العظيم، أكد في المادة "159/3" قاعدة الأقدمية كمعيار وحيد في القضاء، عندما نصت على تشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية، واختتمت بأنه إذا قام مانع لدى أحد الأعضاء، حل محله من يليه في الأقدمية، كما ناط في المادة 209، بأقدم أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات من محكمة النقض رئاسة الهيئة، ومن ثم فإن مخالفة قاعدة الأقدمية تجعل القرار مخالفًا للدستور والقانون.
وأضاف النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، في العنصر الخامس: "الإدارية العليا مستقرة على 3 قواعد، أن السلطة المنوط بها الاختيار ليست طليقة من كل قيد، إنما مقيدة بالمبدأ العادل المتمثل في أنه عند التساوي في درجة الكفاية يجب اختيار الأقدم، وتلزم حدود الحق فلا تنقلب ستارًا على الحق يطويه ويهدره، وإلا أصبحت سلطة الاختيار عرضة للتحكم والأهواء، ولا يجوز تخطي الأقدم للأحدث عند التساوي، وإلا وقع الاختيار فاسدًا، والقرار الذي اتخذ على أساسه".
ولفت الدكروري، في العنصر السادس: "تخرجت من مدرسة الاستقامة القضائية التي لا تعرف الهوى، وعلى استعداد لتحمل تبعات أي قرار قضائي اتخذته من فوق المنصة وأتحملها عن طيب خاطر، لأن ضمير القاضي لا يتردد أو يتلعثم أمام كلمة حق ينطقها"، وزاد النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، في العنصر السابع: "القاضي مقيد بما يعرض عليه من وقائع ووثائق، وكل حكم يصدره القاضي ليس رأيًا شخصيًا أو رؤية خاصة، وإنما مداولة بين القضاة في المحكمة، بما تضفي على النتيجة العدالة والاطمئنان والثقة والقناعة"
واستطرد الدكروري، في العنصر الثامن: "يصعب على أن أطلب اعتبار تعيين رئيس لمجلس الدولة متخطيًا لي، منعدمًا لتصادمه مع قواعد دستورية وقانونية راسخة لا تعرف التأويل أو التفسير منذ فجر التاريخ، وأحقيتي في رئاسة مجلس الدولة باعتباري أقدم الأعضاء في المجلس".
واختتم النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، خطابه للرئيس السيسي، بالعنصر التاسع: "يكتب إليكم أحد أبناء شعب مصر، وقاضٍ وطني أدى واجبه على أكمل وجه، أرضى ربه وضميره، وكان وما زال وسيظل مهمًا لحقه من ظلم، ابنًا بارًا لهذا البلد الأمين، مدافعًا عن حقوق شعبه الطيب"، ووصف قانونيون، الخطاب، بأنه ليس شخصيًا بين أقدم أعضاء مجلس الدولة المتخطي وبين رئيس الجمهورية، لكنه خطاب يتعلق بالأجيال الحالية والمقبلة لمجلس الدولة، قوامه التواصل بفكر مستنير لسدنة العدالة وحراسها الآمنين.
وأوضح محللون، أن الدكروري كرر في خطابه للرئيس السيسي، كلمة الشعب في أكثر من موضع، قائلًا إنه مصدر السلطات، لافتين إلى أن الخطاب امتاز بالأصالة والتبجيل والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي، بتكرار كلمة "فخامتكم" في أكثر من موضع، وحرصه على التمني لمصر وللرئيس شخصيًا، التوفيق والسداد، مؤكدين أنه خطاب يليق بين رئيس متخطٍ لأعرق جهة قضائية، ورئيس لأعظم دولة في الشرق الأوسط.
وأعربت مصادر قضائية، أن التظلم المقدم من الدكروري للرئيس السيسي "إجرائي واجب تقديمه"، والأصل فيه أنه يمنح الجهة التي أصدرته فرصة مراجعة قرارها المتظلم منه، وليس هناك قانونًا ما يمنع سحبه. كما أعربت المحكمة الإدارية في أحكامها المستقرة "الحكمة من التظلم هي الرغبة في التقليل من المنازعات بإنهائها في مراحلها الأولى، بطريق أيسر للناس، وذلك بالعدول عن القرار المتظلم منه، إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه".
واستقر القضاء الإداري، بقوله: "علة التظلم الإداري لمُصدر القرار، إنما هو احتمال تبين خطأ القرار والعدول عنه بسحبه في المدة القانونية", وأوضحت المصادر، أن "التظلم شيء، وإقامة الطعن أمام دائرة شؤون الأعضاء في المحكمة الإدارية العليا شيء أخر"، متوقعة أن تشتمل عريضة الطعن، على عناصر أكثر تأصيلًا في علم القانون، باعتبارها المعنية بتطبيق قواعد القانون.
أرسل تعليقك