تعهد الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، الثلاثاء، في أول خطاب له بعد توليه المنصب، بإجراء انتخابات حرة؛ وذلك بعد أسابيع من الاحتجاجات التي أدت إلى استقالة عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 عاما في الحكم.وأكد بن صالح، أن طموحه الوحيد هو تأدية مهمته بتفاني، والإسراع في إقامة انتخابات رئاسية.
وقال بن صالح، الذي رفضه المحتجون مباشرة بعد اختيار البرلمان له لقيادة فترة انتقالية، إن الجيش احتكم للدستور كسبيل للخروج من الأزمة.
وأضاف أنه عازم على التشاور مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني سعيا لبناء جزائر جديدة.
أقرأ أيضًا:
وصول ممثل رئيس الجزائر لحضور "القمة"
وقال بن صالح، "إنه سيعمل على إحداث هيئة وطنية جماعية تعهد لها مهمة تحضير شروط إجراء الانتخابات، وتعهد بأن تسخر الحكومة لها جميع السبل لأداء مهامها بحرية".
وطلب بن صالح من الطبقة السياسية أن تتحلى بالثقة لبناء الصرح القانوني، الذي يمهد لبناء نظام سياسي جدي، وقال، "المهم هو أن يختار الشعب الشخص والبرنامج المتجاوب مع طموحاته".
وعن مهمته كرئيس مؤقت للجزائر، أكد بن صالح " أن الأمر يتعلق بمهمة دستورية ظرفية يتعين علي الاضطلاع بها.. وأنا عازم على القيام بهذا بتفان ووفاء وحزم، خدمة لشعبنا الأبي ".
وأثنى بن صالح على القوات الأمنية قائلا: "باسم جميع المواطنين أجزي شكري لجميع قوات الأمن على ما تحلت به من احترافية والتزام"، خلال المظاهرات الجزائرية التي اجتاحت اليلاد في الأسابيع الماضية.
وقال الرئيس الجزائري المؤقت، "إن الأسابيع الأخيرة فتحت للبلاد أفقا ديمقراطيا جديدا، وأشاد بالمظاهرات الجزائرية، التي عبر بها الشعب " عن تطلعاته للتغيير والإصلاح والمشاركة الفعلية بالتغييرات المتعلقة بمستقبله".
وعلى الرغم من شغله لمنصب يأتي في الترتيب الثاني خلف رئاسة الجمهورية دستوريا، لم يكن رئيس مجلس الأمة الجزائري، عبد القادر بن صالح، مؤثرا كبيرا في المشهد الجزائري، لكنه وجد نفسه الآن في صدارته لدى تعيينه بحكم الدستور رئيسا مؤقتا للبلاد بدون صلاحيات حقيقية.
رئيس "مكبَّل اليدين"
وأصبح الرجل ذو الـ 77 عاما حاضرا في لافتات الاحتجاجات التي تطالب برحيله مع شخصيات أخرى نافذة في نظام الرئيس السابق.
وبن صالح أو أحد الباءات الثلاث المرفوضين شعبيا، والتي تضم أيضا الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري ونور الدين بدوي رئيس الحكومة.
ووفقا للدستور، سيتولى بن صالح بصفته رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، رئاسة البلاد مؤقتا خلال فترة 90 يوما، لحين إجراء انتخابات رئاسية.
وسيكون بن صالح خلال هذه الفترة، مكبل اليدين دستوريا، حيث لا يملك صلاحيات اتخاذ قرارات مهمة بشكل مباشر.
ووفق المادة 104 من الدستور الجزائري لا يمكن للرئيس المؤقت تعيين أعضاء الحكومة أو حل البرلمان أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها، ولا يمكنه العمل على أي مبادرة لإجراء تعديل دستوري، كما لا يحق له الدعوة إلى إجراء استفتاء عام، أو إصدار العفو أو خفض العقوبات على المدانين قضائيا.
كما لا يمكن للرئيس المؤقت إعلان حالة الطوارئ إلا بموافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه، وبالطبع لا يمكنه إعلان التعبئة العامة وإعلان الحرب أو السلم إلى بموافقة البرلمان، ووفقا للمادة 102 من الدستور، فلا يحق للرئيس المؤقت ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من القيود الكثيرة المفروضة على المنصب المؤقت، فإن الجزائريين يرفضون بشكل تام تولي بن صالح قيادة الفترة الانتقالية، حيث ينظر إليه على أنه أحد الرجال المقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ويعد بن صالح ممن يطلق عليهن قدامى المحاربين في جيش التحرير الوطني الجزائري، وقد انطلق منه مثل آخرين في مشواره السياسي.
والتحق بن صالح بجيش التحرير في عام 1959 انطلاقا من المغرب، ولم يبلغ حينها سن الثامنة عشر.
وبعد تركه لجيش التحرير بطلب منه في عام 1962، استفاد من منحة لدراسة الحقوق بجامعة دمشق، ولدى عودته، سلك بن صالح العمل الإعلامي عبر التحاقه كصحفي بيومية الشعب الرسمية عام 1967.
وتنقل بن صالح في عدد من المؤسسات الصحفية قبل أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية ويفوز بمقعد عن ولاية تلمسان عام 1977، ولمدة 3 دورات متتالية "15 عاما".
"رجل المرحلة الانتقالية"
ودخل بن صالح السلك الدبلوماسي عندما جرى تعيينه كسفير للجزائر لدى المملكة العربية السعودية وممثلا دائما لدى منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1989، وذلك قبل عودته ليشغل منصب مدير الإعلام والناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية.
ويمكن وصف بن صالح بأنه رجل المراحل الانتقالية، فعقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة في عام 1992، عين بن صالح عضوا وناطقا رسميا "للجنة الحوار الوطني" التي قادت الحوار والتشاور بين مختلف القوى السياسية وممثلي المجتمع المدني، وأعدت ندوة الوفاق المدني (فبراير 1994)، التي انبثقت عنها هيئات المرحلة الانتقالية في مرحلة الأزمة التي واجهت البلاد والتي سميت فيما بعد بالعشرية السوداء بسبب أحداث العنف التي صاحبتها.
وانتخب بن صالح عام 1994 رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي (برلمان المرحلة الانتقالية) الذي أوكل إليه مهام التشريع خلال المرحلة الانتقالية (لمدة ثلاث سنوات).
وأسس بن صالح حزب التجمع الديمقراطي وأصبح رئيسا له عام 1997، وقاده في أول انتخابات تعددية بعد المرحلة الانتقالية ممثلا عن ولاية وهران، وانتخب رئيسا للمجلس الشعبي الوطني.
وأعيد انتخاب بن صالح في الانتخابات اللاحقة عام 2002، وعين من قبل بوتفليقة رئيسا لمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) ضمن الثلث الرئاسي، وظل في هذا المنصب 6 دورات متتالية كان آخرها عام 2016.
وجاءت المرحلة الانتقالية الثانية ليجد بن صالح نفسه مفوضا دستوريا لقيادتها، وسط اعتراض شعبي كبير على تصدره لهذه المرحلة التي يطالب فيها الجزائريون أن تكون خالية من رجال الدائرة المحيطة بالرئيس السابق.
رسالة "طمأنة" للجزائريين
قال قائد الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، إن الجيش سيبذل قصارى جهده من أجل أن يطمئن الشعب على حاضره ومستقبله، في وقت لا تزال فيه الاحتجاجات مشتعلة بعد تنصيب رئيس مجلس الأمة القريب من بوتفليقة رئيسا مؤقتا للبلاد.
وأوضح صالح في كلمة له خلال حضور تمرين عسكري في ولاية وهران، "وعيا منا بالدور المنوط بنا كعسكريين، فإن الجيش الوطني الشعبي سيواصل، بإذن الله تعالى، بذل قصارى الجهود الكفيلة بالترقية المستمرة والتطوير المتواصل والدفع بكافة مكوناته المختلفة، إلى ما ينسجم ويتساوق تماما مع حق الشعب الجزائري الشرعي في الاطمئنان الكامل على حاضر بلاده وعلى مستقبلها".
وتأتي كلمة بن صالح بعد ساعات من تعيين البرلمان الجزائري رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، رئيسا مؤقتا للبلاد لمدة 90 يوما وذلك في أعقاب استقالة عبد العزيز بوتفليقة، وسط معارضة واسعة من المحتجين الذين يطالبون بتنحي الساسة المحسوبين على الرئيس السابق.
وهتف متظاهرون في ساحة البريد المركزي التي أضحت ميدان الاحتجاج الرئيسي في العاصمة، "إرحل مع النظام" بينما دعوا إلى تفكيك الهرم السياسي الذي قاد الجزائر لعقدين من الزمان.
وأجبرت أسابيع من الاحتجاجات بوتفليقة على التنحي الأسبوع الماضي بعد عقدين من الحكم.
وبحسب الدستور الجزائري، اختار البرلمان بن صالح، الثلاثاء، ليشغل المنصب الشاغر لمدة 90 يوما كحد أقصى لحين إجراء انتخابات جديدة. لا يستطيع بن صالح الترشح للمنصب.
وقال بن صالح "إننا امام واجب وطني جماعي يملي على الجميع توفير أنسب وأنجع الظروف لإحاطة الفترة القصيرة القادمة، والإسراع وتدشين مرحلة جديدة في حياة الأمة عبر الاختيار الديمقراطي الشعب الجزائري وتقرير مصيره".
قائد الجيش واستقالة بوتفليقة
وكان لقائد الجيش دورا حاسما في دفع بوتفليقة إلى تقديم استقالته بعدما انحاز بشكل واضح لمطالب الحراك الشعبي وطالب تفعيل المادة 102 من الدستور بإعلان شغور منصب الرئاسة.
وبعد مماطلة من دوائر السلطة، عاد قائد الجيش وطالب بتفعيل المادتين السابعة والثامنة من الدستور بالإضافة إلى المادة 102، وهو ما اعتبر اصطفافا من الجيش إلى جانب مطالب تغيير هرم السلطة بالكامل.
وتنص المادة السابعة على أن "الشّعب مصدر كلّ سلطة، وأن السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده"، فيما تنص المادة الثامنة على أن "السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب، ويمارس الشّعب سيادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها.ويمارس الشّعب هذه السّيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخَبين. ولرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلى إرادة الشّعب مباشرة".
قد يهمك أيضًا:
وصول ممثل رئيس الجزائر لحضور "القمة"
"التجمع الوطني" في الجزائر يدعو إلى وقف مجازر إسرائيل
أرسل تعليقك