لندن ـ سليم كرم
نقلت صحيفة بريطانية عن محللين ومسؤولين سابقين قولهم إن وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "الحرس الثوري الإيراني" على قائمة الإرهاب "سيكون تصعيداً خطيراً". ومعلوم أنه منذ 11 شهراً، وتحديداً بعد انتخابه، وهو يهدد باتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران، ويبدو أنه ما زال يخطط لاتخاذ المزيد منها، إلا أن ردود الفعل الإيرانية على تهديدات ترامب هذا الأسبوع أخذت منحنى تصعيدياً، بعد تسريب أنباء عن نية واشنطن وضع "الحرس الثوري الإيراني" على لائحة الإرهاب.
وقال هؤلاء المحللون والمسؤولون السابقون لصحيفة " الغارديان" البريطانية، إنه على ترامب أن يتخذ موقفاً نهائياً حول ما يقول إنه عدم امتثال إيران للاتفاق النووي في الخامس عشر من أكتوبر الجاري، الأمر الذي يفسر حدة التصريحات الأخيرة لترامب، على الرغم من عدم اتفاق بقية الدول التي وقعت الاتفاق النووي مع رأي واشنطن. وأشاروا الى أن ترامب لم يظهر أي حماسة للاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما مع إيران عام 2015، والذي يمثل قمة إنجازات الإدارة السابقة، وإذا ما قرر أن يعلن عقوبات جديدة أو حتى إعادة العقوبات القديمة، فإن ذلك سيكون انتهاكاً صارخاً للاتفاق النووي. وقد ردت إيران سريعاً على ما تردد حول نية ترامب وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، بعد أن اتهمت بدعم جماعات إرهابية مثل "حزب الله" اللبناني.
وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية عن بهرام قاسمي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، فإن طهران تأمل أن لا تتخذ الولايات المتحدة مثل هذا القرار، وأن لا تقع في هذا الخطأ الاستراتيجي، "وقال: "إذا فعلوا ذلك فإن رد إيران سيكون حازماً وحاسماً، ويجب أن تتحمل عواقب فعلتها تلك". وكانت وسائل إعلام إيرانية أشارت إلى أن الحرس الثوري يمكن أن يدمر قواعد عسكرية أميركية في الخليج، إذا ما قررت واشنطن وضع هذه القوات على لائحة الإرهاب. وقال محمد علي جعفري إن "تمرير العقوبات الأميركية الجديدة على إيران سيضطرنا إلى نقل المعركة الى القواعد الإقليمية الأميركية، وإن صواريخنا قادرة على الوصول إليها".
أندرو كيلر، نائب مساعد وزير الخارجية البريطاني السابق، قال لـ"الغارديان" إن قرار واشنطن وضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب "سيعتبر تصعيداً أميركياً كبيراً، وإذا ما صدق عليه ترامب في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فإن ذلك سيكون تصرفاً شخصياً، الأمر الذي سيعمق الأزمة مع إيران ويضر بالاتفاق النووي". وتابع: "قرار مثل هذا يمكن أن يؤدي إلى تفكيك الصفقة النووية مع إيران التي يقال إنها ملتزمة بها، الأمر الذي أدى إلى دخول العديد من الشركات بعد تخفيف تلك العقوبات". وأكد أن هذا القرار إذا ما صدر، سيزعزع استقرار الحكومات والشركات على حد سواء، علمًا أن الحرس الثوري الإيراني يخضع بالأصل لعقوبات أميركية متعددة".
من جهته اعتبر ريتشارد دالتون، السفير البريطاني السابق لدى طهران، أن "تعيين الحرس الثوري كجماعة إرهابية سيكون تصعيداً كبيراً". وتابع: "إن إيران مترددة حيال ما يمكن أن تفعله واشنطن، إنهم بالنهاية لا يمكنهم ضرب أميركا، حتى إنه يصعب معرفة ردة فعلهم حيال ما يصرحون به، هل هو حقيقي أم مجرد تهديدات؟، وأنا لا أعتقد أن الإيرانيين يريدون الدخول في حرب مع أميركا". وأعرب عن اعتقاده بأن ترامب سيوصي بمجموعة جديدة من العقوبات، وربما سيصعد باتجاه طلب تفتيش مواقع عسكرية إيرانية جديدة، وكل ذلك سيولد مزيداً من الإحباط للشركات غير الأميركية ومنها "إيرباص" على سبيل المثال، خرق الصفقة النووية مع إيران سيؤدي إلى عدم إمكانية رصد أي تطور قد تقوم به إيران في برنامجها النووي، إن ذلك يضعف موقف أميركا.
وحذرت إيران من أنها سترد بقوة إذا صنفت الولايات المتحدة قوات الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية". وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن رد طهران سيكون "ساحقا" لكنها لم تعط مزيدًا من التفاصيل. ومن المقرر أن يكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع الأسبوع المقبل قراره النهائي بشأن كيفية التعامل مع طهران، وهناك إشارات على أن إدارته سوف تصنف قوات الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية. ومن المتوقع أن يسحب ترامب الثقة في 15 أكتوبر / تشرين الأول من الاتفاق الدولي لكبح برنامج إيران النووي، في خطوة قد تؤدي إلى انهيار الاتفاق الذي جرى التوصل إليه عام 2015. ويوجد حاليا أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، لكن الحرس الثوري ليس مدرجا على تلك القائمة.
ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، قوله يوم الأحد: "لو صحت الأنباء عن ارتكاب الحكومة الأميركية حماقة في ما يتعلق بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، فإن الحرس الثوري سوف يعتبر الجيش الأميركي مثل تنظيم "داعش" في جميع أنحاء العالم". وأضاف جعفرى أن "فرض عقوبات إضافية سوف ينهي فرص إجراء حوار مستقبلي مع الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنه "سيتعين على الأميركيين نقل قواعدهم الإقليمية خارج مدى صواريخ الحرس الثوري الذي يصل إلى ألفي كيلومتر (1,250 ميلا). وقال قاسمي إن الاتهامات "لا أساس لها من الصحة"، مشيرا إلى أن "إسرائيل وبعض الدول المحددة تثير هذه الاتهامات لخلق شعور بالخوف من إيران".
وفي كلمته الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، وصف ترامب إيران بـ "الديكتاتورية الفاسدة"، والاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما بأنه "ارتباك". وفي هذه الاتفاقية، التي حظيت بتأييد كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية التي دمرت اقتصادها. ولا تزال واشنطن تفرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها الصاروخي وبسبب اتهامات لها بأنها تدعم الإرهاب.
وتسعى إدارة ترامب إلى وضع مزيد من الضغوط على الحرس الثوري الإيراني، خاصة فيما يتعلق بالتجارب الصاروخية الباليستية الأخيرة وما وصفته واشنطن بـ "نشاطاته الخبيثة" في الشرق الأوسط. ويمكن أن تؤثر العقوبات الأميركية على الحرس الثوري الإيراني على الصراعات في العراق وسورية، حيث تدعم كل من طهران وواشنطن الأطراف المتحاربة التي تقاتل تنظيم "داعش". وفي يوليو/تموز الماضي، فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على 18 كيانا وشخصا لدعم الحرس الثوري الإيراني في تطوير طائرات بدون طيار ومعدات عسكرية.
أرسل تعليقك