توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لأنه ليس لديه تاريخ سياسي واجتماعي كاف للقيام بمثل هذه الخطوة

الشعب الفرنسي يغار من توجه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الشعب الفرنسي يغار من توجه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي

الرئيس إيمانويل ماكرون و تيريزا ماي
باريس ـ مارينا منصف

كانت القناة الإنجليزية أو ما يعرف بـ"بحر المانش" تمثل دائمًا لدى الفرنسيين رمزية كبيرة من الإحساس بترابط الأمة، ولكن اليوم تمثل هوة سياسية دائمة الاتساع. خصوصًا بعدما تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي باحترام نتائج الاستفتاء العام الماضي واستعادة دور بريطانيا كدولة مستقلة. ولكن في باريس وفي يوم 7 مايو/أيار، احتفل الرئيس إيمانويل ماكرون بفوزه الانتخابي على صوت النشيد الأوروبي، بدلا من النشيد الوطني الفرنسي "مرسيلياز"، ودعا بعد ذلك إلى تكاملٍ أعمق في الاتحاد الأوروبي.

ولكن ما الذي يكمن في قلب هذه الرؤى المتعارضة جذريا؟ الإجابة على هذا الأمر بالغة الأهمية مع تزايد قتامة الغيوم التي تُخيم على مفاوضات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت" والعواصف السياسية التي تثيرها هذه الخطوة. وكجزء مهم من الجواب هو أنه من الأسهل بكثير على الرجل الفرنسي العادي تسليم سيادة بلاده إلى الاتحاد الاوروبي في بروكسل مقارنة بنظيره البريطاني. ويعتبر ذلك لأن مؤسسات بريطانيا لديها أصول أعمق، وبالتالي قيادة الولاء أكبر؛ وليس لديهم أصل أطول بكثير فحسب بل لا يمكن فصلهم عن تطورنا كأمة.

ومن السهل أن ننسى أن المؤسسات السياسية والدستورية في فرنسا هي اختراعات حديثة نسبيًا، لم تنقسم إلا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وأدت تشنجات الثورة عام 1789 إلى تمزيق الصلة التاريخية بين الأمة الفرنسية ومؤسساتها، وعانت فرنسا بعد ذلك من سلسلة من التجارب الدستورية، التي كان الكثير منها قصير الأجل وغير ناجح. وقد تأسس دستورها الحالي، الجمهورية الخامسة، فقط في عام 1958، ويظهر عمرها المستمر 59 عامًا، حسب المعايير الفرنسية، طول العمر النسبي. بيد أن أمتنا لم تنج من صدمة الثورة، وبالتالي أصبحت لا يمكن تمييزها عن مؤسساتها التقليدية.
وكل من البرلمان والنظام الملكي لديهما أصول قديمة، نشأت في الدستور القديم من العصر "الساكسوني" الذي كان في وقت لاحق يعتز بها البرلمانيون مثل السير إدوارد كوك. وثم تطور هذا إلى التسوية الدستورية لعام 1688 التي بقيت كما هي إلى حد كبير حتى يومنا هذا.

ولا يوجد تباين أوضح بين البلدين من دور برلماناتهما الوطنية. ففي فرنسا، قبل الثورة، اجتمعت هيئة تمثيلية وطنية فقط في عامي 1614 و1789. وفي وقتٍ لاحق، لم يكن لدى الجمعية الوطنية الفرنسية سوى ناخبين مقيدين، وبالنسبة لكثير من المواطنين، بدا أن الانتخابات المحلية أكثر أهمية من الانتخابات الوطنية. وحتى ظهور الجمهورية الثالثة في عام 1870، كانت تهددها وتقوضها باستمرار مخاطر مثل الاستفتاء والسلطات العامة وتزوير الأصوات.

وحتى ذلك الحين، كانت السلطة الحقيقية في كثير من الأحيان تقع على عاتق البيروقراطيين غير المنتخبين الذين قدموا بعض العقبات أمام الاستقرار في البحار الفرنسية القاسية التي عانت من الفوضى السياسية شبه المستمرة. ويمكن للفرنسيين اليوم أن يستسلموا أكثر من ذلك بكثير عبر تسليم مؤسساتهم إلى الاتحاد الاوروبي في روكسل.

ولكن بغض النظر عن ماهية هذه الأصول بالضبط، فإن التباين عبر القنوات مع اصطناع المؤسسات الدستورية الفرنسية واضح؛ مقارنة بـ"الثبات غير القابل للتغيير"، وكما قال المفكر السياسي، إدموند بورك، يمارس برلماننا إرادته السيادية عبر العصور مع الاتساق وأن حرم الآخرين من ذلك. والبرلمان، مثل المنحدرات البيضاء في دوفر، علامة لا لبس فيها وفريدة من نوعها بالنسبة للبريطانيين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن السطحية النسبية للمؤسسات الفرنسية تتجلى في جميع الطرق؛ فقد أظهر الفرنسيون تاريخيا يميل أكثر وضوحا للثورة والأناركية وليس سيادة القانون؛ والحراك بدلا من الحوار؛ وللانقلابات العسكرية، الحقيقية كما في 1851 أو المخطط لها كما في عام 1961 - بدلا من التفاوض؛ والتطرف على الاعتدال. ولا توجد مثل هذه التشابهات في قصة في بريطانيا.

وإذا أرادت بروكسل تعزيز سلطاتها وإدماج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل أوثق، فستظل بحاجة إلى حساسية تاريخية حقيقية. وليس من قبيل المصادفة إن الأمة الفرنسية قد بنيت على خوف جماعي واستياء وغيرة، وأن نجاح مؤسسات بريطانيا وطول أمدها لا يزال اليوم يثير إعجاب وحسد العديد من المواطنين الفرنسيين.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعب الفرنسي يغار من توجه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي الشعب الفرنسي يغار من توجه بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي



GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon