توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر تفقد أحد أبرز وجوه اليسار الذي تصدَّر قائمة خصوم "الإخوان المسلمين"

رفعت السعيد يرحل بعد مسيرة امتدت عشرات السنين في قلب "الحركة الشيوعية"

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - رفعت السعيد يرحل بعد مسيرة امتدت عشرات السنين في قلب الحركة الشيوعية

الدكتور رفعت السعيد
القاهرة ـ سعيد غمراوي

 امتدت مسيرة رفعت السعيد في قلب "الحركة الشيوعية" المصرية منذ أربعينات القرن الماضي، وانطلقت من مسقط رأسه "المنصورة"، حيث اعتقل للمرة الأولى عام 1946 وهو في الرابعة عشرة من عمره، خلال مشاركته في تظاهرة سياسية. وظل السعيد حتى وفاته مساء الخميس عن 85 عاماً، أحد أبرز وجوه اليسار المصري والعربي، واحتل مكانة المؤرخ الأبرز لتلك الحركة بلا منازع، وتصدَّر قائمة خصوم تيار الإسلام السياسي، ويُنسَب إليه مصطلح "المتأسلمين" لوصف الأفكار التي يتكئ عليها المنتمون إلى ذلك التيار، وفي مقدمهم جماعة "الإخوان المسلمين".

والغريب أنه اتخذ موقفاً مماثلاً لموقف قيادة تلك الجماعة مِن الدعوة إلى التظاهر يوم 25 كانون الثاني/يناير 2011، إذ حض المنتمين إلى حزب التجمع على عدم النزول إلى الشوارع والميادين في ذلك اليوم، لأنه "عيد الشرطة"! وبسبب ذلك الموقف، اعترض مسؤولون في حزب التجمع على ما وصفوه بأنه تحول في مسار الحزب، ومن ثم انشقوا عنه وأسَّسوا حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي". وفي تطور لاحق، اعتبر السعيد حزبه شريكاً في ثورة 30 حزيران/يونيو 2013، بما أنه شارك في محاربة "الإخوان المتأسلمين"، وقال أخيراً في حوار تلفزيوني، موجهاً حديثه إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي: "نحن نحبك. أنت أنقذتَ رقبتي في 30 يونيو/حزيران، لكن لا بد أن يتساوى الجميع في حمل عبء البناء والتنمية".

وعقب إعلان أسرة السعيد خبر وفاته فجأة في منزله، صدر بيان مِن رئاسة الجمهورية جاء فيه: "فقدت مصر رمزاً من رموز العمل السياسي الوطني الذي أثرى الساحة السياسية المصرية بفكره ومواقفه". ويرى البعض أن السعيد بالَغ في مهادنة السلطة على رغم قيادته حزباً معارضاً، ربما انطلاقاً مِن إيمانه بضرورة الاصطفاف إلى جانبها في مواجهة الذين يتبنون العنف المسلح، ولوحظ أنه لم يرشح مطلقاً للفوز بأي من جوائز الدولة تقديراً لإنتاجه الفكري والأدبي، علماً أنه احتفظ حتى رحيله بعضوية لجنة التاريخ في المجلس الأعلى للثقافة الذي يتولى منح تلك الجوائز.

وبعد سنوات طويلة شغل السعيد خلالها رئاسة حزب التجمع خلفاً لمؤسسه خالد محيي الدين، تولى في السنوات الأخيرة منصب رئيس المجلس الاستشاري للحزب ذاته. واحتفل الأسبوع الماضي بصدور كتاب جديد له عنوانه "الإرهاب المتأسلم... حسن البنا وتلاميذه من سيد قطب إلى داعش"، كما شارك منتصف الشهر الماضي في لقاء نظمته مكتبة الإسكندرية تحت عنوان "حوار النخبة"، وشدَّد خلاله على ضرورة أن تلعب المكتبة دوراً أكبر في مواجهة تزييف المتأسلمين وعي الشباب.

وفي خضم انخراطه في العمل السياسي، السري والمعلن، كتب "السكن في الأدوار العليا"، ثم "البصقة" و "رمال" و "مع حكايات الحكايات" و "مجرد ذكريات"، لتضعه مع رواد "أدب السجون" في العالم العربي، لكنه كان يعتبرها مجرد محاولات في الكتابة الأدبية. وإلى تأريخ حركة اليسار المصري، كتب عن شخصيات بارزة في الحركة الوطنية المصرية، مثل رفاعة الطهطاوي، أحمد عرابي، مصطفى النحاس. وعالج قضية العلاقة بين مسلمي مصر وأقباطها، وقضايا الماركسية الحديثة في مصر والعالم بأسره.

تعرض السعيد للسجن على خلفية نشاطه السياسي لفترات محدودة في العهد الملكي، وعقب الثورة قبع في السجن من 1953 إلى 1958، ثم من 1959 إلى 1964. بعد ذلك انضم إلى "الاتحاد العربي الاشتراكي"، التنظيم الحاكم وقتذاك، وعمل صحافياً في "أخبار اليوم" القاهرية، ثم سكرتيراً شخصياً لخالد محيي الدين، العضو المؤسس في تنظيم "الضباط الأحرار". بعد ذلك، أصبح أحد قادة المجلس المصري للسلام وتمكن من إكمال دراسته الأكاديمية، فحصل على الدكتوراه من جامعة "لايبزيغ."

ولدت فكرة روايته الأولى "السكن في الأدوار العليا" في السجن، وعلى حد تعبيره: "فجأة مرق سهم مضيء جعلني أتساءل لماذا لا أكتب شيئاً؟ وقررت أن أكتب رواية، أو بالدقة حكاية. وراودتني مجموعة من الأسئلة أين أكتب؟ وكيف؟ وكان الرد جنونياً، أسجلها شفوياً، أختزن الوقائع والحكايات وأصوغها وأعيد صياغتها وأرتبها وأعيد ترتيبها، لكن الأمر تحول إلى حال تشبه الإدمان، أن أكمل الرواية، أتقنها، أعيد صياغتها حرفاً حرفاً، مرات عدة. الساعات لم تعد تكفي، وإعادة الصياغة أرهقتني، وأخيراً اكتملت الرواية وراجعتها في ذاكرتي عشرات المرات، ثم كان قرار الإفراج. إلى البيت عدتُ، وبعد السلامات والتحيات وقبلات الأم والزوجة والأولاد والأخوات، بدأ هذا المولود الكامن في عمق الذاكرة يتمرد، أنا لم أستطع المقاومة، وجلست وشربت كوباً كبيراً من القهوة. أغلقت غرفة المكتب وأطلقت كلمات الذاكرة، كما كانت صياغتها الأخيرة، وفي ست ساعات كانت الرواية مخطوطاً مكتملاً".

أما سبب دخوله السجن تلك المرة، فهو اتهامه بأنه العقل المدبر لتظاهرات كانون الثاني/يناير 1977 التي أطلق عليها الرئيس أنور السادات "انتفاضة الحرامية"، فيما سمتها المعارضة "انتفاضة الخبز".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفعت السعيد يرحل بعد مسيرة امتدت عشرات السنين في قلب الحركة الشيوعية رفعت السعيد يرحل بعد مسيرة امتدت عشرات السنين في قلب الحركة الشيوعية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon