بعد أيام من إعلان وزارتي الدفاع في مصر والولايات المتحدة استئناف التدريب العسكري المشترك "النجم الساطع" بعد ثماني سنوات من توقفه، في دلالة إيجابية على تقدم العلاقات بين البلدين في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، صدرت إشارة سلبية تُعطي رسائل متضاربة بخصوص تلك العلاقات، بإعلان لجنة في مجلس الشيوخ خفض مبلغ من المساعدات العسكرية المقدمة لمصر.
فقد قررت لجنة المساعدات الخارجية الفرعية التابعة للجنة المخصصات المالية في مجلس الشيوخ خفض المساعدات العسكرية ضمن برنامج المساعدات للعام المقبل، بمقدار 300 مليون دولار، إضافة إلى 37 مليوناً من المساعدات الاقتصادية، بسبب ما اعتبرته عدم احترام حقوق الإنسان. وكانت الإدارة الأميركية أوقفت صرف نحو 96 مليون دولار من المساعدات المقدمة لمصر، وأرجأت تسليمها 195 مليوناً. وتحصل مصر على مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 بليون دولار ومعونة اقتصادية بقيمة 200 مليون دولار سنوياً.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد عن قرار لجنة المساعدات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن الكونغرس الأميركي مازال في مرحلة التداول الداخلي بين مجلسي النواب والشيوخ حول قانون الاعتمادات الخارجية لميزانية العام 2018، ولم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية في هذا الشأن حتى الآن. وأوضح أن لجنة العمليات الخارجية في مجلس النواب كانت أقرت نسختها من مشروع القانون متضمناً المخصصات الخاصة ببرنامج المساعدات العسكرية والاقتصادية في ميزانية العام المقبل من دون أي تخفيضات، إلا أن اللجنة المناظرة في مجلس الشيوخ طالبت بإدخال تخفيضات على البرنامج، وبالتالي فإن الأمر لا يزال قيد التداول بين مجلسي الشيوخ والنواب وفقاً للإجراءات المتبعة.
وأتى قرار لجنة مجلس الشيوخ تخفيض المساعدات العسكرية في ظل تحسن ملحوظ في العلاقات بين البلدين خصوصاً في شقها العسكري، وهو ما يعكسه استئناف مناورة "النجم الساطع" في قاعدة "محمد نجيب" العسكرية غرب مصر، بعد توقف التدريب العسكري المشترك لمدة ثمانية أعوام.
وأُعلن القرار فيما طلائع القوات الأميركية المشاركة في التدريب، الذي ينطلق غداً الاحد، تحط على أرض مصر، ووسط احتفاء لافت من القيادة العسكرية في البلدين باستئنافه، إذ اعتبرت القيادة المركزية الأميركية أن تدريب "النجم الساطع" مبنى على العلاقة الاستراتيجية الأمنية بين مصر والولايات المتحدة، وهي شراكة تاريخية تلعب دوراً رائداً في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي والجهود المبذولة لمكافحة التطرف العنيف.
وسيشارك في التدريب حسب بيان للسفارة الأميركية في القاهرة 200 من عناصر القوات العسكرية الأميركية، وسيتم التركيز فيه على الأمن والتعاون الإقليمي والتدريب على إمكان التشغيل الجمعي على سيناريوات الحرب التقليدية وغير النظامية. وقال الجيش المصري إن "النجم الساطع" يعد من أهم التدريبات المشتركة للقوات المسلحة المصرية والأميركية ما يعكس عمق العلاقات ومستوى التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين.
وقال المستشار العسكري في أكاديمية ناصر العسكرية العليا اللواء أركان حرب محمد الغباري لـ "الحياة" إن قرار لجنة مجلس الشيوخ لا يعكس أبداً أي تدهور في العلاقات العسكرية بين البلدين، ولا توجد ثمة تضارب أو اضطراب بخصوص تزامن القرار مع الإعلان عن استئناف مناورة "النجم الساطع". وأوضح الغباري أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تتعلق بالمجالين السياسي والعسكري، ولو أن هناك استقراراً في المجالين، تكون العلاقات في قمة تطورها، ولو وجد اختلاف في السياسة واستقرار في المجال العسكري تُعتبر العلاقات في مجملها مستقرة، وهو الوضع الحالي.
واشار الى أن هناك مشكلة يتم بسببها ممارسة ضغط سياسي لتغيير مواقف مصر، لكن عودة المناورات العسكرية يؤكد استقرار العلاقات العسكرية… أما بخصوص المساعدات العسكرية، فهي دائماً مرتبطة بشروط تلتزم بها البلدان، أما المعونة الاقتصادية فهي غير مشروطة، ومن شروط المساعدات العسكرية الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط وعدم وجود نزاع عسكري مع إسرائيل بما يحقق الأمن القومي الأميركي.
وقال: الآن أميركا تواجه مشكلة في ما يخص مشروع الشرق الأوسط الكبير، فأداة التنفيذ ممثلة في المعاهد الممولة من أميركا تم إعاقتها في مصر، والولايات المتحدة تريد لتلك الجماعات أن تأخذ المدى الذي كان مخططاً له لتنفيذ أهدافها في المنطقة، ومن ثم تضغط على مصر في تلك الفترة، خصوصاً أن شهر أيلول/سبتمبر يشهد عقد المائدة البيضاء بين العسكريين المصريين والأميركيين قبل التصديق على برنامج المساعدات العسكرية للاتفاق على المشتريات التي ستشملها تلك المساعدات من معدات وقطع غيار وأسلحة».
واعتبر أن قرار استئناف المناورة العسكرية وبحث تخفيض مبلغ المساعدات ليسا متضاربين، فهذا مجال وذاك آخر. وقرار لجنة مجلس الشيوخ لا يعكس أي مشكلة في العلاقات العسكرية بين البلدين والدليل انطلاق مناورة النجم الساطع غداً.
وأشار الغباري إلى أن المناورة عقدت دائماً في منطقة الحمام في غرب مصر، لذا تستضيفها هذا العام قاعدة "محمد نجيب" العسكرية في المنطقة الغربية، لأن الأرض هناك مجهزة للتدريب المشترك، إذ تسمح بيئتها الصحراوية وتضاريسها الجبلية على التدريب على ميادين قتال مختلفة، فضلاً عن إمكان حصول إبرار بحري، لافتاً إلى أن من التدريب المشترك سيتيح لمصر الإطلاع على أحدث البرامج الأميركية وأحدث المعدات لمقاومة الإرهاب، كما أن الأميركيين سيطلعون على الخبرات المصرية المكتسبة من مكافحة الإرهاب في سيناء.
أرسل تعليقك