أنهت الدورة العادية لقمة الاتحاد الأفريقي التاسعة والعشرين أعمالها أمس الثلاثاء، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد أن استمرت تسعة أيام، بحث خلالها القادة الأفارقة قضايا إصلاح أجهزة الاتحاد، والشباب، وإسكات دوي السلاح، ووقف النزاعات والحروب في القارة. وشهدت القمة حضوراً كبيراً من القادة الأفارقة، بيد أن غياب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قمتين كان لافتاً، كما شكل غياب الرئيس السوداني عمر البشير الذي اعتاد حضور القمم الأفريقية علامة استفهام كبيرة، هذا بالإضافة إلى تخلف كل من رؤساء جنوب أفريقيا، والمغرب وجنوب السودان عن القمة، رغم حساسية الموضوعات التي تناولتها وتعلقها ببلادهم.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي التشادي موسى فكي محمد في المؤتمر الصحافي الختامي، إن القمة ركزت على ثلاث قضايا، وهي إصلاح مؤسسات الاتحاد، وتعزيز دور الشباب، ووقف الحروب وإسكات أصوات السلاح. ووفقاً للمفوض فكي، فإن القمة انشغلت بموضوع شعار عام 2017، وهو تسخير العائد الديموغرافي لأفريقيا من خلال الاستثمار في الشباب، وتقدمت الدول الأعضاء بتعهدات قوية للعمل على النهوض بشباب القارة وتنميته، كما ناقشت قضية الهجرة والعمالة، وأجازت التقرير الذي قدمه الرئيس التشادي إدريس ديبي رئيس فريق تحقيق أهداف شعار العام.
وقال مفوض الاتحاد الأفريقي إن أفريقيا ستواصل بذل قصارى جهودها لجعل عام 2020 عاماً لـ"إسكات أصوات البنادق" في القارة، وعاماً للتحدث بصوت واحد بشأن القضايا الأمنية الرئيسية وقضايا السلام، وذلك عن طريق تبني مواقف مشتركة ومتفق عليها خلال القمة. وشدد فكي على أهمية إعطاء القارة الأولوية لمنع نشوب الصراعات والنزاعات، داعيا التجمعات الإقليمية والآليات المختلفة لتكثيف الإجراءات الرامية لمنع هذه النزاعات عبر التعاون الوثيق مع الهيئات المختصة في الاتحاد الأفريقي.
وخلال الحفل الختامي أدى اليمين الدستورية كل من الكاميرونية سارة أجبور سارة مفوضاً لشؤون الموارد البشرية والعلوم والتكنولوجيا، والمدغشقري فيكتور هاريسون مفوضاً للشؤون الاقتصادية، وتم انتخاب ثلاثة أعضاء في المجلس الاستشاري المعني بالفساد التابع للاتحاد، وأربعة أعضاء في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعب.
وأضاف فكي أن إطلاق إصلاحات الاتحاد الأفريقي مثل المهمة الثانية لمفوضيته، مشيرا إلى أن توصيات وتوجيهات رئيس الاتحاد الغيني ألفا كوندي، والرئيس السابق التشادي إدريس ديبي أتنو، والرئيس بول كاغامي رئيس فريق الإصلاح، ستجد التنفيذ الفوري. كما تعهد فكي بتنفيذ توجيهات فريق الإصلاح بحلول القمة الثلاثين للاتحاد في الثاني من يناير (كانون الثاني) 2018، بالإضافة للقرارات التي اتخذتها الجمعية العامة.
وأوصى رئيس المفوضية بتحقيق السلام والأمن وإسكات صوت البنادق بحلول عام 2020، وأن يكون العمل الإنساني، والتضامن مع ضحايا الجفاف والمجاعة والتشرد القسري إحدى أوليات الاتحاد المهمة، كما أن قضايا التنمية الاستراتيجية وتنفيذ بعض المشروعات المتكاملة لصالح الشعوب الأفريقية ستأخذ مكانها من خطة عمل المفوضية.
ودعا رئيس المفوضية إلى شراكة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لا سيما التعاون في مجالات الأمن والسلم، وإلى شراكة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الأمن والسلم، ومكافحة الإرهاب والتطرف والإدارة الاقتصادية، والديمقراطية والانتخابات.
وأكد الاتحاد الأفريقي أهمية التعامل مع جميع الصراعات في القارة، وإعطاء أولوية للوقاية والترقب، وتفعيل التجمعات والآليات الإقليمية لتنفيذ الإجراءات المتخذة من قبل هيئات الاتحاد.
ومن جهة ثانية، أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أمس، أن الاتحاد بصدد إرسال مفوضه الأمني إلى إريتريا للمساعدة في حل نزاعها الحدودي مع جيبوتي بعد انسحاب قوات حفظ السلام القطرية من المنطقة. وقال فكي خلال نهاية فعاليات قمة أديس أبابا أمس: «لقد أرسلت بعثة إلى جيبوتي، واتخذت قرارا بإرسال مفوض الاتحاد الأفريقي للسلام والأمن إلى أسمرة».
ويريد الاتحاد الأفريقي خفض التوتر بعد أن اتهمت جيبوتي إريتريا باحتلال أراض متنازع عليها على الحدود. وكانت قوات حفظ السلام القطرية قد انسحبت في وقت سابق، بعد أن قطعت إريتريا العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، على غرار الدول الخليجية التي اتهمتها بدعم الإرهاب، وهي تهمة تنفيها الدوحة.
وقدمت الرئيسة الليبيرية ألين جونسون كلمة باعتبارها آخر كلمة تقدمها في قمة الاتحاد، قبل أن تشرع بلادها في إجراء انتخابات لرئيس جديد، وشكرت خلال الكلمة الاتحاد الأفريقي لدعمها في مكافحة مرض "إيبولا" إبان انتشاره في بلادها، وقالت: "في الأوقات الصعبة عندما كنا نواجه فيروس الإيبولا، تضامن معنا الاتحاد الأفريقي، وتعد مشاركته ظاهرة". وسلطت الضوء على الدور الذي قام به العاملون الصحيون البالغ عددهم 855، الذين جاءوا من مختلف الدول الأفريقية لتقديم الدعم للبلاد الثلاثة المتضررة بالفيروس، وهي ليبيريا وسيراليون وغينيا.
ودعا أريا ديستا، سفير إريتريا لدى الاتحاد الأفريقي، أمس، قطر، إلى التوسط مع جارتها جيبوتي حول الخلاف الحدودي بين البلدين، وقال ديستا إن قطر هي المفاوض الأصيل لاتفاقية السلام، والأمر يعود لهذا البلد في تسوية الخلاف الأخير، وحتى الآن فيما يتعلق بجيبوتي فإن ما نعلمه هو أن قطر هي الوسيط.
وسعى الاتحاد الأفريقي للعب دور فاعل في معالجة الخلاف، وطلب رئيسه موسى فاكي محمد من الدولتين ممارسة الهدوء وضبط النفس، كما أعلن أنه سيرسل مفوض السلام والأمن في الاتحاد إلى إريتريا.
أرسل تعليقك