أسبوعان حافلان بالزيارات بين مسؤولين رفيعي المستوى للقاهرة والخرطوم، بداية من زيارة وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إلى القاهرة الأسبوع الماضي، وزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم السبت الماضي، والزيارة المتوقعة لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى القاهرة الخميس على رأس وفد وزاري رفيع.
. الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين اعتبرها خبراء رسالة تحذيرية إلى إثيوبيا تؤكد فيها مصر والسودان موقفهما الموحد ضد ما يصفاه بـ"التعنت" الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة، واتخاذها خطوات آحادية باعتزامها بدء عملية الملء الثاني لسد النهضة في تموز/يوليو المقبل، بغض النظر عن الوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول تشغيل وملء السد.
في حديث مع وكالة "سبوتنيك" تؤكد مستشارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبيرة في الشؤون الإفريقية، أماني الطويل أن "التقارب المصري السوداني الحالي مرتبط بأمرين، أحدهما أمر آني والثاني مستمر، الأمر الآني هو المتعلق بسد النهضة والمخاطر الكامنة في عملية الملء الثاني للسد، والتشاور المصري السوداني في هذا الأمر أساسي على اعتبار أن المخاطر عالية".
وتضيف الطويل "فيما يتعلق بالملف الأساسي وملف العلاقات الثنائية، هناك العديد من المسائل التي يتم مناقشتها في كافة مجالات التعاون، خاصة أن هناك لجنة عليا مشتركة بين مصر والسودان، متضمنة كافة نواحي العلاقات بين البلدين".في السياق ذاته، تقول الباحثة في الشأن الأفريقي، إيمان عبد العظيم، إن "تكرار الزيارات بين مصر والسودان يعتبر تحذيرا لإثيوبيا، فمصر والسودان مربع ذهبي، وتكتل أساسي في مواجهة أثيوبيا، وسيكونان صوتا واحدا في التفاوض في مواجهة أديس أبابا".
وتضيف عبد العظيم "سواء مصر أو السودان يواجهان إشكاليات كبيرة وتحديات مشتركة، مثل سد النهضة، وتواجه السودان صراعا مع أثيوبيا على المنطقة الحدودية المتنازع عليها، هذه الزيارات تؤكد على ضرورة الحوار بين مصر والسودان، وأننا يجب أن نصل إلى فهم مشترك لبعض المغالطات المتعلقة ببعض القضايا، فالعلاقات بين مصر والسودان ليست علاقة رفاهية لكنها يجب أن تكون خط أحمر بالنسبة لكلا البلدين".
وتؤكد عبد العظيم أنه لا يجب النظر إلى زيارة السيسي إلى السودان بعيدا عن زيارته إلى دولة جنوب السودان التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقالت "هذه الزيارات مهمة جدا".وتوضح "توقيت الزيارتين هام للغاية، وربما يكون موضوع سد النهضة هو الموضوع الذي سيحظى بأهمية أكبر في النقاش، لأن توقيت الزيارة توقيت تاريخي، خاصة وأن الفترة الأخيرة شهدت فتورا في العلاقات بين مصر والسودان، والزيارات في هذا التوقيت تعيد العلاقات إلى شكلها الطبيعي".
وخلال زيارته إلى الخرطوم الأسبوع الماضي، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى اتفاق ملزم بخصوص تشغيل سد النهضة، وكانت هذه هي الزيارة الأولى للسيسي للسودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.واتفقت مصر والسودان أيضا على دعم مقترح سوداني بتشكيل لجنة رباعية تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وواشنطن تتولى المفاوضات بين البلدان الثلاثة، وهو المقترح الذي ترفضه أثيوبيا وتتمسك فقط بالمفاوضات التي يتولاها الاتحاد الأفريقي، وترفض دخول أي أطراف أخرى إلى المفاوضات.
كما وقع رئيسا أركان القوات المسلحة في البلدين أيضا اتفاقية للدفاع المشترك في الخرطوم، بالتزامن مع زيارة وزيرة الخارجية إلى القاهرة.ومن المقرر أن يصل رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى القاهرة غدا الخميس، على رأس وفد وزاري رفيع، يضم وزراء الخارجية والإعلام والري والكهرباء والتجارة والصناعة والزراعة.
ويأتي حمدوك إلى القاهرة قادما من السعودية، وهي الزيارة التي يراها خبراء أنها قد تكون إشارة على دخول السعودية على خط مفاوضات سد النهضة، خاصة بعد تصريح وزير الدولة للشؤون الإفريقية السعودي أحمد قطان قبل أسبوعين.تعود مستشارة مركز الأهرام أماني الطويل لتقول "بخصوص زيارة حمدوك إلى السعودية، السعودية سبق وأن طرحت مبادرة للحل، وزار وزير الدولة السعودي لشؤون الدول الأفريقية السفير أحمد قطان الخرطوم قبل 3 أسابيع، وبالتالي موضوع سد النهضة بالتأكيد مطروح اليوم على طاولة المفاوضات بين حمدوك والمسؤولين السعوديين".
لكن الطويل تشير إلى أن الزيارة أيضا قد تكون متعلقة "بحاجة إلى عون مادي على هيئة ودائع تودع في البنك المركزي السوداني، حتى يتم إسناد الاقتصاد السوداني خاصة بعد تحرير سعر الصرف، وهو إجراء قامت به السعودية مع مصر سابقا".كان السفير قطان أكد، بوقت سابق، أن المملكة تسعى إلى إنهاء أزمة ملف سد النهضة بما يضمن حقوق الدول الثلاث، وشدد على أن السعودية تقف بقوة مع الأمن المائي العربي.
يذكر أنه على الرغم من فشل المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في إحراز أي تقدم حول سد النهضة، قامت إثيوبيا بتنفيذ المرحلة الأولى من ملء خزان السد في الصيف الماضي.وتتهم إثيوبيا مصر والسودان بمحاولة فرض اتفاق عليها يخل بحقوقها، فيما تعتبر دولتي المصب أن بناء سد النهضة على النيل الأزرق يجب أن يسبقه اتفاق بين الدول المعنية بوصف نهر النيل من الأنهار العابرة.
وبدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة عام 2011 من دون اتفاق مسبق مع مصر والسودان، وفيما تقول إثيوبيا إن هدفها من بناء السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية، يخشى السودان من تأثير السد على انتظام تدفق المياه في أراضيها، بما يؤثر على السدود السودانية وقدرتها على توليد الكهرباء، وهو ما ظهرت بوادره مع الملء الأول بالفعل. بينما تخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
قد يهمك ايضا
الرئيس السيسي لـ"أسر الشهداء" أنتم فى عقل وقلب مصر وإذا فقدتم عزيزًا فمصر كلها أهلكم
الرئيس السيسي نسعى لتغيير حياة المصريين للأفضل من خلال مبادرة "حياة كريمة" لتطوير قرى مصر
أرسل تعليقك