استنفر الجيش المصري في المنطقة الغربية قرب الحدود مع ليبيا بالتزامن مع حملة دهم تشنها أجهزة وزارة الداخلية في الجبل الغربي ومدقاته المؤدية إلى الحدود الليبية، بهدف كشف أوكار الخلايا التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومنع وصول أي دعم من الجماعات الإرهابية في ليبيا إلى أذرعها في مصر. وكشفت وزارة الداخلية قبل أيام وكراً في الجبل الغربي لأحد أخطر الخلايا الإرهابية التابعة لـ"داعش" في العمق، التي يقودها الإرهابي المطلوب عمرو سعد عباس، وقتلت عدداً من أعضاء تلك الخلية.
وكثف الجيش من مراقبة الحدود الغربية لمنع إمداد تلك الخلية بأي دعم لمواجهة الضربات الأمنية التي تستهدف أوكارها في الظهير الصحراوي الغربي لمحافظات في الصعيد. وتؤكد المعلومات الأمنية أن تلك الخلية تحتفظ باتصالات متقدمة مع مجموعات متطرفة في ليبيا تمدها بالسلاح.
وقال المتحدث باسم الجيش في بيان مساء أول من أمس، إن معلومات استخباراتية مؤكدة أفادت بتجمع عدد من العناصر استعداداً للتسلل إلى داخل الحدود المصرية من الجهة الغربية. وأضاف أن القيادة العامة للقوات المسلحة أمرت القوات الجوية استطلاع المنطقة الحدودية على مدى اليومين الماضيين واكتشاف وتتبع الأهداف المعادية والتعامل معها. وأشار إلى أن قوات الجيش نجحت في رصد وتدمير 9 سيارات دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد المهربة، فيما تقوم القوات بالتعاون مع عناصر حرس الحدود بتمشيط المنطقة الحدودية وملاحقة وضبط تلك العناصر.
وأوضح المتحدث أنه في توقيت متزامن وبالتعاون مع قوات إنفاذ القانون في الجيش الثاني الميداني وجهت القوات الجوية ضربة جديدة استهدفت بؤرة إرهابية شديدة الخطورة بالقرب من الشريط الحدودي في منطقة رفح (شمال سيناء) تستخدم قاعدة لانطلاق العناصر التكفيرية وتخزين الأسلحة والعبوات الناسفة أسفرت عن تدميرها في شكل كامل.
في غضون ذلك، قالت مصادر أهلية وشهود عيان إن مسلحين مجهولين استولوا على سيارة تابعة لشركة الكهرباء تحت تهديد السلاح في وسط سيناء عقب إنزال مستقليها وتوجهوا بها إلى جهة غير معلومة. ويُخشى من استخدام السيارات الحكومية المسروقة في هجمات انتحارية، وهو ما دأبت المجموعات الإرهابية على تكراره. وتبلغت المكامن الأمنية والعسكرية في شمال ووسط سيناء بمواصفات وأرقام السيارة الحكومية، واعتبارها هدفاً معادياً في حال اقتربت من أي مكمن.
وقال شهود عيان من رفح والشيخ زويد إن قوات الأمن استهدفت عدة مناطق تشكل بؤراً للعناصر المسلحة، بالتزامن مع انقطاع شبكات الاتصالات لساعات طويلة، لمنع تلك المجموعات من تفجير أي عبوات ناسفة عن بعد. وقال شهود عيان إن قوات الأمن، مدعومة بالآليات والأسلحة المختلفة، تجوب شوارع العريش في مجموعات بخلاف انتشار المكامن الثابتة والمتحركة وإغلاق بعض الشوارع الجانبية لفترات طويلة وشن حملات دهم في بعض مناطق العريش عند أطراف المدينة بحثاً عن عناصر مسلحة أو مطلوبين لأجهزة الأمن.
من جهة أخرى، قررت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد تأجيل محاكمة 213 شخصاً متهمين بالانتماء إلى تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الذي بايع "داعش" وغير اسمه إلى "ولاية سيناء"، إلى جلسة الثلثاء المقبل، في قضية اتهامهم بارتكاب أكثر من 54 جريمة إرهابية تضمنت اغتيالات لضباط شرطة ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، وتفجيرات طاولت منشآت أمنية بعدد من المحافظات في مقدمها مباني مديريات أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء. وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال الشهود في القضية.
وكان النائب العام الراحل المستشار هشام بركات قد أحال المتهمين للمحاكمة الجنائية، في اختتام التحقيقات التي باشرتها معهم نيابة أمن الدولة العليا، وأسندت فيها إلى المتهمين ارتكاب جرائم تأسيس وتولي قيادة والانضمام إلى جماعة إرهابية. وأكدت التحقيقات أن الرئيس المعزول محمد مرسي (وقت توليه للحكم) كان على اتصال بقيادات التنظيم واتفقوا على امتناع التنظيم عن ارتكاب أية أعمال عدائية طيلة مدة حكمه للبلاد. وأقر 60 متهماً أثناء تحقيقات النيابة العامة باعتناقهم الأفكار المتطرفة والتكفيرية.
وأفادت معلومات في ليبيا أمس، بأن العاصمة طرابلس شهدت مطلع الأسبوع الجاري، وصول عضو حركة الضباط الوحدويين الأحرار اللواء ركن أحمد عون، آمر الشؤون الفنية في النظام السابق، قادماً من منفاه الاختياري. وذكر مصدر رسمي من داخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بأنها تتجه إلى تكليف عون رئاسة الأركان العامة، ونقل موقع "بوابة إفريقيا الإخبارية" عن مصادره أن عون سيتولى مهمة إعادة توحيد الجيش الليبي المنقسم حالياً بين شرق وغرب وجنوب.
ويُعدّ عون من أوائل الضباط الذين انضموا إلى القذافي في أيلول/سبتمبر 1969. كما رافق وفد حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج إلى موسكو في آذار/مارس الماضي، نظراً إلى ما يُعرف عنه من علاقاته الجيدة بالروس. وتردد أن السراج اتفق مع قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، خلال لقائهما برعاية فرنسية في 24 تموز/يوليو الماضي، على تعيين عون رئيساً للأركان بعد ترفيعه من فريق الى رتبة لواء، وذلك من أجل العمل على توحيد القوات النظامية التابعة لحكومة الوفاق مع قوات تابعة لحفتر مجودة في غرب طرابلس.
وعلى رغم كونه من أركان النظام السابق، فإن عون لا يحظى حالياً برضى أنصار القذافي الذين يعتبرون أنه تخلى عنه خلال الأحداث التي أدت إلى إطاحته عام 2011. وكان حوالى 80 ضابطاً في مدينة مصراته دعوا أول من أمس، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى الوفاء بالتزاماته وفق "اتفاق الصخيرات"، وطالبوه بتعيين رئيس أركان للجيش الليبي في شكل عاجل، متهمين دولاً إقليمية بتعطيل قيام مؤسسات عسكرية ليبية مستقلة. ورأى بعض الضباط أن لا إرادة سياسية قوية حتى الآن لبناء جيش وطني في البلاد، وأبدوا قلقهم من تغوّل التشكيلات المسلحة في بعض المدن، مطالبين المجلس الرئاسي بإعادة تشكيل الجيش سريعاً وتعيين رئيس أركان له.
على صعيد آخر، ذكر مصدر ليبي مأذون لموقع "عين ليبيا" أن رئيس الوزراء السابق علي زيدان محتجز لدى الجهات الأمنية الليبية، ويحقق معه ضباط تابعون للأمن الداخلي والخارجي ومعروفون في عهد النظام السابق. وأفاد المصدر بأن زيدان لم يتعرض لأي إهانة أثناء اعتقاله أو التحقيق.
وأكد المصدر أن التحقيق ركّز على قضية المبالغ النقدية المقدَّمة إلى قائد ما كان يُعرَف بحرس منشآت النفط ابراهيم الجضران، من طريق ناجي مختار، وتكليف ابنه بطباعة جوازات السفر الجديدة وكذلك دعمه غير المحدود لـ "كتائب القعقاع". وكشف المصدر ذاته أن أطرافاً طلبت من زيدان عدم الحضور إلى طرابلس، إلا أنه أصر على ذلك بحجة التنسيق مع أمراء بعض الكتائب الأمنية في العاصمة.
إلى ذلك، استقبل الرئيس التشادي ادريس ديبي أمس، وفداً ليبياً من مشايخ القبائل و الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا الموالية للنظام السابق، لبحث تطورات الملف الليبي. وأوضح رئيس الوفد الليبي حسن المبروك أن الزيارة جاءت بناءً على دعوة رسمية من الرئيس التشادي بهدف الاطلاع على تطور الأزمة الليبية، وانعكاسات التدخل الغربي عام 2011، وما ترتب عليه من تشريد للشعب الليبي وتدمير إمكانياته وتحويل ليبيا من دولة قائدة للمنطقة ومؤسسة للاتحاد الإفريقي الى دولة فاشلة تنهشها الميليشيات ويمزقها الإرهاب والتطرف.
أرسل تعليقك