طرابلس ـ مصر اليوم
وسط دعوات أميركية وأممية للتهدئة، أعلنت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، إحباط ما وصفته «محاولة تسلل فاشلة» إلى العاصمة طرابلس، نفذتها فجر أمس غريمتها «حكومة الاستقرار» الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، الذي اضطر للمغادرة بعدما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قواته والقوات الموالية للدبيبة.
وأكد الدبيبة لدى تفقده أمس الأحياء، التي شهدت الاشتباكات، فشل من وصفهم بـ«خفافيش الظلام والداعين للحرب» وتوعدهم، مؤكداً «هدوء الأوضاع». كما شكر الدبيبة عمداء البلديات خلال اجتماعه بهم أمس في طرابلس لدعمهم عمل الحكومة، و«رفضهم لكل المشروعات الانقلابية المختلفة بصورها كافة». مشدداً على أن «إجراء الانتخابات وتفعيل الإدارة المحلية من أهم أهداف الحكومة».
في غضون ذلك، أكدت حكومة «الوحدة» أن «أجهزتها الأمنية والعسكرية تعاملت بكل مهنية وحزم» مع ما وصفته بـ«الاختراق الأمني»، بعد «محاولة مجموعة مسلحة خارجة عن القانون التسلل في جنح الظلام للعاصمة، في محاولة بائسة لإثارة الرعب والفوضى بين سكانها، مستخدمين الأسلحة والعنف». وأوضحت أنها تمكنت من «وأد الفتنة والمحافظة على استقرار العاصمة وأمن مواطنيها»، مشيرة إلى أن «هذه الحادثة تسببت في خسائر بشرية ومادية ما زالت أجهزة الأمن والإدارة المحلية تعمل على حصرها ومعالجتها». وتوعدت بالتصدي لـ«أي محاولات تسعى لها بعض الأطراف للتمديد لأنفسها، وفرض نفسها بالقوة فوق إرادة الشعب الليبي».
وسُمع دوي أعيرة نارية من أسلحة ثقيلة وأسلحة رشاشة في أنحاء العاصمة، ورصدت مقاطع فيديو حرب شوارع في وسط المدينة وفي الميناء، بعدما اندلعت بعد وقت قصير من دخول باشاغا المفاجئ، رفقة عدد من وزرائه، في حماية كتيبة القوة الثامنة المعروفة باسم النواصي.
وأُغلقت المدارس، وتراجعت حركة المرور في ساعات الذروة. لكن الهدوء عاد لاحقاً بعد خروج باشاغا إثر توفير ممر آمن له. وبعد ذلك تظاهر سكان مؤيدون للدبيبة بميدان الشهداء في طرابلس، تنديداً بمحاولة باشاغا دخول العاصمة، ورفعوا لافتات تندد بـ«هروب المهزوم».
وكانت «كتيبة النواصي» قد أعلنت في وقت متأخر من مساء أول من أمس دخول حكومة باشاغا للعاصمة طرابلس لمباشرة أعمالها منها رسمياً، وتعهدت بتقديم كامل الدعم لها. فيما أبلغ «اللواء 444 قتال»، التابع لوزارة الدفاع، وسائل إعلام محلية نجاح وساطته بعد الاتصال بالدبيبة، وجميع الكتائب العسكرية، لترتيب مغادرة باشاغا العاصمة سلمياً، ودون إراقة للدماء ومنع انجرارها في الحرب.
في المقابل، رفض باشاغا الاعتراف بفشل محاولة دخول طرابلس، وقال إنه فوجئ بما وصفه بـ«التصعيد العسكري الخطير الذي أقدمت عليه مجموعات مسلحة تابعة للحكومة منتهية الولاية، رغم دخولنا السلمي للعاصمة طرابلس، دون استخدام العنف وقوة السلاح، واستقبالنا من قبل أهل طرابلس». واعتبر أن «سلوكيات الحكومة الهستيرية، ومواجهتها للسلام بالعنف والسلاح، دليل قاطع على أنها ساقطة وطنياً وأخلاقياً، ولا تمتلك أي مصداقية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة».
من جهته، اعتبر عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي، أن ما حدث «لا يمكن أن يُنتج أي نوع من الاستقرار». فيما اكتفى خالد أحمد مازن، وزير الداخلية بحكومة الوحدة، بمطالبة مديرية أمن طرابلس بفتح محاضر وقبول الدعاوى، والشكاوى المقدمة من قبل المواطنين بشأن ما حدث، وشدد على هدف الوزارة حماية الأرواح والأعراض والممتلكات العامة، وقال إنها بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية.
وفي أول ردّ فعل على هذه التطورات، حثّت السفارة الأميركية جميع الجماعات المسلحة على الامتناع عن العنف، وقالت في بيان أمس إن الاستيلاء على السلطة، أو الاحتفاظ بها من خلال العنف «لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بشعب ليبيا». وأعربت عن شعور الولايات المتحدة «بقلق بالغ» إزاء التقارير، التي تتحدث عن اشتباكات مسلحة في طرابلس. مشددة على أن السبيل الوحيد للوصول إلى قيادة شرعية هو السماح لليبيين باختيار قادتهم.
بدورها، قالت السفارة البريطانية إن أحداث أمس في طرابلس «تظهر الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي دائم، وهذا الحل يجب ألا يتحقق بالقوة»، وحثّت في بيان لها جميع الأطراف على نزع فتيل التوتر، والعمل في حوار هادف نحو الاستقرار وإجراء انتخابات ناجحة.
من جانبها، شددت المستشارة الأممية، ستيفاني ويليامز، على الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين، وحثت على ضبط النفس، والحرص على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي، والمشاركة في الاشتباكات وحشد القوات.
في سياق ذلك، قالت الخارجية المصرية إنها تتابع بقلق التطورات الجارية في طرابلس، وأكدت على «ضرورة الحفاظ على الهدوء في ليبيا، والحفاظ على الأرواح والممتلكات، ومقدرات الشعب الليبي».
من جهة ثانية، أعلن عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، أمس، انطلاق أعمال اليوم الثالث للجولة الثانية من اجتماعات المسار الدستوري بين مجلسي النواب والدولة في القاهرة، برعاية بعثة الأمم المتحدة.
وكانت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، أعلنت مساء أول من أمس عما وصفته بـ«توافق أعضاء اللجنة المشتركة حول أجزاء مهمة من مسودة الدستور»، وقالت إن التقدم «شمل حتى الآن التوصل إلى توافق حول أجزاء مهمة من مسودة الدستور، بما فيها تلك المتعلقة بالسلطة التشريعية والقضائية».
قد يهمك ايضا
عبدالحميد الدبيبة يؤكد أن الحكومة الليبية ماضية في توحيد المؤسسات
رئيس الحكومة الليبية يتلقى برقيتي تهنئة من الملك سلمان وولي عهده
أرسل تعليقك