نيومكسيكو ـ عادل سلامه
تناولت صحيفة أميركية في تقرير لها حول وصول العديد من المتطوعين من جميع انحاء المكسيك الى العاصمة "نيومكسيكو" في مجموعات كبيرة جلبت الإمدادات التي قد تحتاج إليها المدينة المنهارة بسبب وطأة الزلزال.
وتشمل تلك الأمدادات المياه والبطانيات والأدوية والأدوات. وقالت "نيويورك تايمز" في تقريرها إنه مع اقتراب منتصف الليل يوم الثلاثاء - بعد ساعات من وقوع زلزال قوي وقاتل وسط المكسيك، أصبحت حديقة "إسبانا"، الملجأ للشباب في حي كونديسا في العاصمة، كما اصبح مركز إغاثة حيث قام مئات المتطوعين، بإنشاء نقطة توزيع للأغذية والإمدادات.
وقال كريستيان بينيرو البالغ من العمر (21 عاما) وهو طالب في كلية الطب، كان يساعد فريقا من الاطباء على تسليم الادوية "ان سمة مميزة لدى الشعب المكسيكي: نحن نقف معا". وقال السيد بينيرو ان "الشعب يتحد ضد الشدائد".
وضرب زلزال قوي وسط المكسيك مما أسفر عن مقتل أكثر من 240 شخص، وانهيار عشرات المباني في العاصمة مكسيكو سيتي. وقال الرئيس إنريكي بنو نيتو إن أكثر من 20 طفلا ماتوا وفقد 30 آخرون بعد انهيار مدرسة. وسببت قوة الزلزال، التي بلغت 7.1، أضرارا كبيرة في الولايات المجاورة. وحدث الزلزال بعد فترة قصيرة من مشاركة كثير من الناس في تدريبات على الوقاية من الزلازل. وتقع البلاد في منطقة معرضة للزلازل، وقد شهدت أوائل الشهر الحالي هزة بلغت قوتها 8.1 في الجنوب وقتل فيها 90 شخصا. وكانت بؤرة الزلزال الأخير قرب أتينسينغو في ولاية بويبلا، على بعد 120 كيلومترا من مكسيكو سيتي، وعلى عمق 51 كيلومترا، بحسب ما ذكرته هيئة المساحة الجيولوجية في الولايات المتحدة.
وأفادت التقارير أول الأمر أن عدد الضحايا بلغ 250 شخصا، ثم خفضت إدارة التنسيق الوطني للحماية المدنية الرقم بعد ذلك إلى 216 شخصا: من ولاية مورليس: 71 قتيلا ومن ولاية بويبلا: 43 قتيلا ومن ميكسيكو سيتي: 86 قتيلا ومن ولاية ميكسيكو: 12 قتيلا ومن غويريرو: 3 قتلى ومن أوكساكا: قتيل واحد. وقال الرئيس نيتو إن أكثر من 20 طفلا وشخصين كبيرين عثر عليهم قتلى في مدرسة إنريكي ريبسامين المنهارة في حي كوابا الجنوبي في ميكسيكو سيتي.
وواصلت فرق الإنقاذ، يساندها بعض المتطوعين، جهودها بحثا عن أحياء تحت الأنقاض. وقال عمدة مكسيكو سيتي ميغيل أنجيل مانسيرا لشبكة تلفزيون تيليفيزا إن مباني في 44 منطقة انهارت، أو تضررت بشكل كبير. وقيل إن من بينها مبنى سكنيا مكونا من ستة طوابق، ومركزا للتسوق، ومصنعا. وانقطعت الكهرباء، وخطوط الهاتف عن نحو مليوني شخص من سكان العاصمة. وحذر مسؤولون السكان من التدخين في الشوارع لاحتمال تسرب الغاز.
وقال الرئيس في كلمة إن حالة الطوارئ أعلنت في المناطق المتضررة، وإن وحدات من الجيش أرسلت للمساعدة. وأخذت فرق الإنقاذ والمتطوعون في أرجاء مدينة مكسيكو سيتي يفتشون خلال الأنقاض بالمعاول والمجارف والأيدي. وقال خوان جيساس غارسيا البالغ من العمر 33 عاما، وقد خنق صوته وانهمرت دموعه وهو يقف بجوار مبنى منهار "زوجتي هنا تحت الأنقاض. لم أستطع الحديث معها. إنها لا تجيب. والآن يخبروننا بأنه يجب أن نغلق هواتفنا المحمولة لأن هناك تسريب غاز". وبدأ الزلزال في الساعة 13:14 بحسب التوقيت المحلي، وأجبر آلاف السكان على الهروب إلى الشوارع.
وقالت جينيفر سوادل، التي تعمل معلمة في المدرسة البريطانية الدولية في مكسيكو سيتي، لبي بي سي إن جزءا من حائط الفصل الذي تدرس فيه انهار بعد وقوع الزلزال. وأضافت "بينما كنا نغادر المبنى، انهارت واجهة الفصل ووقعت، ونتج عن ذلك ركام كبير. ولحسن الحظ لم يصب أحد بأذي، لكن الوضع مرعب".
وتقع المكسيك في احدى أكثر المناطق النشطة من حيث الزلازل في العالم، إذ توجد فوق ثلاث من أكبر الصفائح التكتونية في الأرض، وهي صفائح أميركا الشمالية، والكوكس، والمحيط الهادئ. وحدث الزلزال الأخير قرب الحدود بين صفيحتي أمريكا الشمالية والكوكس، حين تزحزحت الأخيرة إلى تحت السابقة. وتعرضت البلاد - طبقا لهيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية - لـ19 زلزالا بقوة 6.5 على الأقل على بعد نحو 155 ميلا من بؤرة زلزال الثلاثاء خلال القرن الماضي. ولا يعتقد أن الزلزال القوي الذي وقع في 8 سبتمبر/أيلول وبلغت قوته 8.1 مرتبط بزلزال الثلاثاء لأن بؤرته تقع على بعد 400 ميل، وليس من المعتاد أن تظهر توابع زلزال بعد فترة طويلة من زلزال قوي. مكسيكو سيتي اعتادت على الزلازل. لكن هذا الزلزال، الذي حدث في ذكرى وقوع زلزال 1985 الذي قتل فيه آلاف من السكان، كان قويا بطريقة غير معهودة.
واضطر آلاف السكان إلى الخروج إلى الشوارع، وهم يرتعشون، ويصرخون ويحاولون الحديث إلى أهليهم بواسطة الهواتف المحمولة. ومع مرور الوقت أصبح من الواضح أن الزلزال سيفضي إلى قتل ضحايا كثيرين. ففي العاصمة وحدها انهار 30 مبنى. وقد شاهدت في إحدى أكثر المناطق تضررا عشرات الأشخاص وهم يحاولون بأنفسهم رفع الأنقاض لأنهم يظنون أن بعض محبيهم ربما يرقدون تحتها.
أرسل تعليقك