إسلام آباد ـ جمال السعدي
سافر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إلى باكستان الأربعاء لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء الجديد عمران خان، قائلا إنه يريد إعادة العلاقات المتوترة بشدة لكنه يكرر المطالب الأميركية بأن البلاد تريد فعل المزيد لمحاربة المسلحين في أفغانستان، وحتى قبل أن تهبط طائرة بومبيو، كان المسؤولون الباكستانيون يدعون السيد خان إلى إلغاء الاجتماع، غاضبين من إلغاء 300 مليون دولار من المساعدات الأميركية التي أُعلن عنها قبل أيام، وسيكون الاجتماع الأول للسيد خان مع مسؤول أميركي رفيع المستوى منذ أن أدى اليمين في الشهر الماضي.
وقال السيد بومبيو في رحلته إلى العاصمة إسلام آباد "لقد عملنا بشكل وثيق مع الباكستانيين ومع مدير C.I.A.. إن فرقنا تعمل معًا منذ فترة طويلة.. هناك الكثير من التحديات بين بلدينا، لكننا نأمل أن نتمكن مع القيادة الجديدة من إيجاد أرضية مشتركة والبدء في العمل على بعض مشاكلنا المشتركة معًا"، وأضاف أن إدارة ترامب لديها "توقعات حقيقية" لباكستان، لكنّ المسؤولين الباكستانيين وضباط الجيش لا يثقون في الولايات المتحدة، ويقولون إنهم يصنعون كبش فداء لفشل الجيش الأميركي في أفغانستان، إذ تسيطر طالبان بعد 17 عاما من الحرب على أجزاء كبيرة من البلاد.
يتهم مسؤولو الولايات المتحدة باكستان بممارسة لعبة مزدوجة
ويقول الجنرال أمجد شعيب وهو ضابط عسكري متقاعد وهو الآن محلل سياسي: "طالبان لا تحتاج إلى باكستان للحصول على ملاذات آمنة، أفغانستان ملاذ آمن"، وأكد الجنرال شعيب أن الجيش الباكستاني لم يكن له نفوذ كبير على حركة طالبان كما كان في السابق، متجاهلا شكوى أميركا المتكررة بأن باكستان يجب أن تفعل المزيد لجعل جميع الأطراف على طاولة المفاوضات، ويتهم مسؤولو الولايات المتحدة باكستان بممارسة لعبة مزدوجة، باستخدام المتشددين لحماية مصالحهم في أفغانستان، مثل تقديم شيك عن الهند، وهو منافس لها، بينما تستفيد من المليارات من المساعدات من الولايات المتحدة على مر السنين، لكن المسؤولين الأميركيين يعرفون أن الباكستانيين فقط هم من يساعدونهم حتى الآن.
وتعد باكستان طريق الإمداد الرئيسي للقوات الأميركية لأفغانستان المجاورة، وإذا كانت باكستان سترد بإغلاق سلاسل الإمداد الجوي والبري، فإن هذه الموارد يجب أن تُحوّل عبر آسيا الوسطى، وهذا المسار أكثر كلفة، والأهم من ذلك تعرضة لخطر النفوذ الروسي، وفقا للمسؤولين الأميركيين الذين يقولون إنه لا يمكن إرسال مواد حساسة عبر تلك البلاد.
منعت أميركا مساعدات بقيمة 300 مليون دولار
ورغم أن الرئيس ترامب قال في يناير/ كانون الثاني الماضي إن باكستان "لم تعطنا سوى أكاذيب وخداع"، فقد اتخذت وزارة الخارجية مؤخرا خطا أكثر صداقة مع حكومة السيد خان الجديدة، لكن بالنسبة إلى الكثير من الباكستانيين فإن الضرر تم بالفعل، فقبل أيام من زيارة السيد بومبيو، أعلنت الولايات المتحدة أنها لن توزع مساعدات عسكرية بقيمة 300 مليون دولار لباكستان، ويقول المسؤولون في إسلام آباد إن باكستان مستحقة لهذه الأموال لدعمها خطوط الإمداد التابعة للقوات الأميركية.
وترك الإعلان القريب عن زيارة السيد بومبيو، وغياب واشنطن الواضح للسيطرة على الأضرار بعد ذلك، المسؤولين المدنيين والعسكريين الباكستانيين غاضبين ويتساءلون عما إذا كان لديهم شريك موثوق في إدارة ترامب، ولجعل الأمور أكثر سوءا بالنسبة إلى المسؤولين الباكستانيين، بدأ السيد بومبيو يعقد اجتماعات في إسلام آباد لبضع ساعات فقط قبل التوجه إلى الهند، للتفاوض على عقود كبيرة من شأنها أن ترتقي بوضع نيودلهي كشريك دفاعي لواشنطن.
بومبيو يسعى إلى تضييق الخناق على خان
ويستخدم السيد بومبيو والوفد المرافق له زيارة باكستان للتضييق على السيد خان الذي ظل لأعوام منتقدًا للولايات المتحدة وسياساتها تجاه باكستان ووجودها في أفغانستان، ورحّب السيد خان ذات مرة بحركة طالبان هناك لشن "حرب مقدسة" ضد المحتلين الأميركيين، ولم يكن هناك مثل هذا الكلام المناهض للأميركيين في خطاب فوزه بعد وقت قصير من انتخابات 25 يوليو/ تمُّوز، لكنه قال إنه يريد تغيير ما وصفه بعلاقة أحادية الجانب.
قال السيد خان: "تعتقد الولايات المتحدة بأنها تقدم لنا المساعدة في خوض حربها، ونريد لكلا البلدين الاستفادة ونريد علاقة متوازنة".
وقال مايكل كوجلمان نائب مدير برنامج آسيا وكبير مساعدي جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن: "تأتي الزيارة في وقت مهم.. إن العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان تتخبط في الوقت الذي تضاعف فيه واشنطن الجهود الرامية إلى إطلاق عملية سلام في أفغانستان تتطلب قدوم بعض المساعدة الباكستانية".
وتراجعت باكستان عن التعاون الأميركي خلال الأعوام الأخيرة حيث تتعاون أكثر فأكثر مع الصين، حيث تستثمر الصين نحو 62 مليار دولار في باكستان، معظمها في مشاريع البنية التحتية الكبيرة. وقال السيد كوجلمان إن "قرار واشنطن الأخير بإلغاء المساعدات إلى باكستان يؤكد على أن هذا يعني استمرار العمل بشكل آخر، ومع ذلك فإن حكومة عمران خان الجديدة تعهدت بأن الولايات المتحدة لن تجبرها على ذلك.. إن العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان ستحتاج إلى أكثر من هذا الاجتماع، بغض النظر عن مدى قوتها".
أرسل تعليقك