توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وسط توقعات بردود فعل عنيفة من اليمين المتطرف وجمعيات المحاربين القدامى

الرئيس ماكرون يقرّ بأن فرنسا مارست التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الرئيس ماكرون يقرّ بأن فرنسا مارست التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر

رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون
باريس ـ مارينا منصف

اعترف رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، في 13 سبتمبر/أيلول 2018، بأن بلاده مارست التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر، التي امتدت من عام 1952 إلى العام 1963. والحقيقة أن ما قام به إيمانويل ماكرون رفض القيام به كل من سبقوه إلى رئاسة الجمهورية، من الجنرال ديغول إلى فرنسوا هولاند.

ماكرون يعترف بممارسات التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر

ومن هنا، فإن ماكرون المولود في العام 1977 ينتمي إلى الجيل الذي لم يعرف حرب الجزائر، وبالتالي كان من الأسهل بالنسبة إليه أن يقدم على خطوة لا شك أنها ستثير ردود فعل عنيفة من اليمين المتطرف، وقسم من اليمين الكلاسيكي، إضافة إلى أوساط العسكريين، خصوصًا من جمعيات المحاربين القدامى.

وكما اعترف الرئيس الأسبق جاك شيراك بمسؤولية الدولة الفرنسية في ترحيل اليهود الفرنسيين إلى المحرقة، فإن اعتراف ماكرون بممارسات التعذيب على أيدي الجيش الفرنسي، الذي خدم منه في الجزائر ما لا يقل عن 130 ألف رجل، سيشكل فاصلًا بين "كذب" الدولة، وبين تشريع الأبواب للتعرف حقيقة على ممارسات الجيش الفرنسي في الجزائر"، وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط.

وهذا التحول لا يمكن فصله عن "الكفاح" المزمن، الذي قامت به أرملة موريس أودان، عالم الرياضيات وعضو الحزب الشيوعي، المؤيد لاستقلال الجزائر، الذي خطفته القوات الخاصة في مدينة الجزائر في 11 من يونيو/حزيران 1957، ليختفي بعدها دون أن يترك أي أثر.

 وحتى اليوم لم يعثر على جثمان أودان، الذي كان يعيش مع زوجته جوزيت وأولاده الثلاثة في الجزائر، حيث كان يُدرّس الرياضيات. ورغم الجهود الجبارة التي بذلتها أرملته لسنوات، والدعم الذي تلقته من جمعيات وشخصيات، فإن الجواب الكاذب الذي حصلت عليه من السلطات هو أن زوجها "فقد" بعد فراره خلال عملية نقله من مكان إلى آخر. وهذه الرواية كذبها قبل سنوات الرئيس هولاند، الذي كشف لأرملة أودان عن نصف الحقيقة بأن اعترف لها بأن زوجها لم يفر.

ولكن هولاند لم يذهب إلى ما ذهب إليه ماكرون، خلال زيارته لمنزل أودان، وتأكيده في رسالة رسمية سلمها إياها يداً بيد، وفي بيان صادر عن قصر الإليزيه، بأن أودان تعرض للتعذيب من طرف الجيش الفرنسي ومات تحت التعذيب.

موريس أودان عذب حتى الموت على أيدي عسكريين

وجاء في بيان الإليزيه أن ماكرون "يعترف باسم الجمهورية الفرنسية بأن موريس أودان عذب وأجهز عليه، أو أنه عذب حتى الموت على أيدي عسكريين ألقوا عليه القبض في منزله". ويذهب ماكرون أبعد من ذلك لأنه يعترف أيضاً بأن حالة أودان ليست حادثاً معزولاً، لأن التعذيب تحول إلى "نهج" عبر قانون أقره البرلمان عام 1956، وأوكل للحكومة "كامل الصلاحيات" لإعادة فرض النظام والقانون في الجزائر. وبموجبه فوضت للجيش صلاحيات استثنائية، بما فيها صلاحيات تعود عادة للشرطة والدرك.

وما يعترف به ماكرون لم يكن سرًا دفينًا، فعشرات الكتب التي ألفت عن الجزائر تحدثت عن التعذيب، وتضمنت اعترافات من ضباط خدموا في الجزائر إبان الحرب. لكنها المرة الأولى التي يكذّب فيها رئيس للجمهورية الروايات الرسمية لحقيقة ممارسات القوات الفرنسية في المستعمرة السابقة، التي حكمتها فرنسا طيلة 130 عامًا، وإضافة إلى الاعتراف، فإن ماكرون أمر بفتح أرشيف هذه الحرب أمام جميع المطالبين بالكشف عن مصير المختفين أو المغيبين، الذين يقدرون بالآلاف إن من الفرنسيين أو من الجزائريين.

وحسب المصادر الفرنسية، فإن حرب الجزائر أوقعت 450 ألف قتيل من الجانب الجزائري، و30 ألف قتيل من الجانب الفرنسي، وأدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفرنسيين من هذا البلد. ويطلق على هؤلاء في فرنسا اسم "الأحذية السوداء"، وبينهم جالية كبيرة من اليهود.

ماكرون سعى سلفًا لرد الاتهامات والانتقادات المتوقع أن تنهال عليه

ورغم أهمية بادرته، فإن ماكرون كسياسي، سعى سلفًا لرد الاتهامات والانتقادات التي من المتوقع أن تنهال عليه من العديد من الأوساط الفرنسية. فقد حرص من جانب على عدم توجيه الاتهامات بممارسة التعذيب لكل القوى الفرنسية، التي اشتركت في حرب الجزائر، ومن جانب آخر، أوجد خطًا فاصلًا بين جيش الأمس والقوات المسلحة الفرنسية اليوم. إضافة إلى ذلك، فإن ماكرون يرمي بالمسؤولية على السلطة السياسية المسؤولة عن إقرار قانون سمح بممارسة التعذيب عن طريق إعطاء الجيش الضوء الأخضر لاستخدام الأساليب والإجراءات التي يرتئيها لتحقيق هدف إعادة الأمن والنظام إلى الجزائر، التي كانت تعرف ثورة حقيقية، أفضت في نهاية الطريق إلى إجبار فرنسا على توقيع اتفاقية "إفيان" والجلاء عن الجزائر.

اليوم، وبعد 57 سنة على استقلال الجزائر، ورغم العلاقات "الاستثنائية" الرسمية القائمة بين البلدين، فإن باريس والجزائر لم يصلا بعد إلى مرحلة "التطبيع الكامل". فالجزائر تطالب منذ عقود، فرنسا، بـ"الاعتذار والتوبة" عن الجرائم، التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي والآلام التي أنزلها بالجزائريين. ومع تعاقب الرؤساء، بقيت باريس تصم أذنيها عن مطلب الجزائريين.

وخلال زيارته الرسمية للجزائر، خطا هولاند نصف خطوة في خطابه أمام مجلس الشعب بحديثه عن "الآلام" التي سببها الاستعمار. وخلال الحملة الرئاسية الأخيرة، وبمناسبة زيارته إلى الجزائر، ندد ماكرون بـ"الجرائم ضد الإنسانية" التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي للجزائر. ومن هنا، فإن خطوته تأتي امتدادًا لهذه الإدانة. والسؤال المطروح اليوم هو: هل سيستكمل ماكرون خطواته ويستجيب لمطالب الجزائر، كما عبر عنها الرئيس بوتفليقة في يوليو/تموز 2017 بمناسبة الذكرى الـ55 لاستقلال الجزائر، مشيرًا إلى الآلام التي نزلت بشعبه، وإلى الجرائم التي ارتكبها المستعمر.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس ماكرون يقرّ بأن فرنسا مارست التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر الرئيس ماكرون يقرّ بأن فرنسا مارست التعذيب خلال سنوات الحرب في الجزائر



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon