تشهد العاصمة الليبية طرابلس، تزايد وتيرة العنف بين قوات حفتر والسراج، على وقع تبادل الهجمات ووقع خسائر فادحة، بدأت بقصف جوي شنته قوات حفتر على فندق «ريكسوس» الشهير وسط طرابلس، كان يتخذه نواب موالون لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مقراً لمجلسهم الجديد، وكذلك قصف مواقع للميليشيات المسلحة، في وقت تسعى فيه داخلية «الوفاق» لإجهاض دعوات لانتفاضة شعبية في العشرين من شهر رمضان الجاري. فيما أنقذت البحرية الليبية نحو 300 مهاجر قبالة ساحل طرابلس الشرقي.
وتم استهداف الفندق أثناء اجتماع لنواب في البرلمان يعارضون هجوم الجيش الليبي للسيطرة على العاصمة. وحملت حكومة الوفاق الوطني الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر المسؤولية. من جانبها، نفت غرفة "عمليات الكرامة" بالمنطقة الغربية، مسؤولية الجيش الليبي عن قصف الفندق.
ودان المجلس الرئاسي في بيان أمس، ما سماه «الجريمة التي ارتكبتها القوات المعادية» بقصفها مقر مجلس النواب. وقال إن هذا التصرف «يعد انتهاكاً صارخاً وجسيماً للقانون الدولي الإنساني، الذي يجرّم استهداف المدنيين والأحياء والمنشآت المدنية». لكن عضو مجلس النواب علي السعيدي القايدي، قال لمصادر إعلامية إن «الجيش الوطني» استهدف مخزناً للسلاح قرب حديقة الحيوانات، خلف فندق «ريكسوس».
ورأى المجلس الرئاسي أن «استهداف هذا المقر، الذي كان شاهداً على ولادة أول جسم تشريعي، يعبر بوضوح عن إصرار المعتدي على ضرب أي معالم للدولة المدنية»، لافتاً إلى أنه «يحمّل القوة المعتدية المسؤولية الكاملة محلياً ودولياً عن هذه الجريمة»، ومؤكداً أن «قواته تواصل بنجاح مواجهة المعتدين، وتحقيق التقدم على الأرض في كل المحاور».
أقرأ أيضاً صحف عربية تُؤكّد أنّ معارك طرابلس "الفصل الأعنف في الصراع على النفط"
بدوره، رأى عبد الرحمن الشاطر، عضو المجلس الأعلى للدولة، أن «الاعتداء على مقر مجلس النواب دليل على عدم الاعتراف بمدنية الدولة». كما قال عضو مجلس النواب علي أبوزريبة، إن «قصف طيران قوات (الجيش الوطني) لمقرنا في طرابلس لا يزيدنا إلا إصراراً على المُضي قدماً نحو مدنية الدولة».
وأعلن "الجيش الوطني الليبي" أن قواته تتقدم من جميع محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، مشيرًا إلى أن القوات البرية تخوض معارك على الأرض بمساندة سلاح الجو. وقال مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة، خليفة العبيدي، في تصريح لمصادر إعلامية، إن المعارك مستمرة بعد أن تمت "السيطرة الكاملة على منطقة الأحياء البرية"، مؤكدا أن "الجيش الليبي ووحداته العسكرية تتقدم من جميع محاور القتال في جنوب وشرقي العاصمة طرابلس".
وذكرت وسائل إعلام ليبية أن "الجيش الوطني" دفع بتعزيزات جديدة إلى جبهات القتال اليوم، في معركة السيطرة طرابلس.
ومن جهتها، قصفت قوات الجيش الوطني الليبي، ليل الجمعة- السبت، مواقع جديدة تابعة للميليشيات المسلحة المدعومة من حكومة الوفاق، جنوب شرق طرابلس. وأكد مصدر من العاصمة لمصادر إعلامية أن سلاح الجو التابع للجيش الليبي شن غارات جوية مكثفة على معسكرات تابعة للميليشيات المسلحة في منطقة خلة الفرجان ضواحي العاصمة طرابلس، متوقعا أن يتواصل القصف حتى فجر الأحد.
وتزامنت هذه التطورات مع مقتل الدكتور رامي عبد الرزاق، التابع للمستشفى الميداني الزهراء، بعد استهدافه بصاروخ موجه أثناء قيادته سيارة الإسعاف، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية في ليبيا إلى دعوة الأطراف المتحاربة إلى «إدراك أن الأطباء ليسوا هدفاً، وتجب حمايتهم».
في غضون ذلك، انتشرت أمس في العاصمة منشورات تحث أهالي طرابلس على «انتفاضة كبرى» في مواجهة الميليشيات المسلحة، ونصرة «الجيش الوطني». وقالت شعبة الإعلام الحربي بالقيادة العامة للقوات المسلحة في بيان أمس، إن «قوات (الوفاق) تشن حملات خطف واعتقالات في صفوف النشطاء، والصحافيين والإعلاميين والمدونين، بعد دعواتهم للترحيب بالقوات المسلحة داخل العاصمة، ومطالبتهم بإنهاء زمن الفوضى بوجود الجيش والشرطة»، وطمأنت سكان بالعاصمة بأنها «ستردّ حق أبنائهم وستعيدهم لأهلهم سالمين».
إلى ذلك، تمسك الشيخ عبد الحميد الكزة، رئيس اللجنة التأسيسية للهيئة البرقاوية، بموقفه الرافض للحرب في طرابلس. لكن نواباً ينتمون إلى بنغازي قالوا إن «الكزة لا يعبر عن منطقة شرق البلاد»، ولم يفوضه أحد للتحدث نيابة عنهم.
وقال الكزة في تصريحات تلفزيونية، إن «الهيئة تسعى لجمع الأصوات من برقة (بنغازي)، وتكوين رأي مع المجلسين (الأعلى للدولة) و(الرئاسي) لدفع ليبيا نحو الانتخابات، وليس الاستمرار في الحرب». مضيفاً أن «مجلس النواب ليس في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولم يكن رئيس المجلس عقيلة صالح على علم بالهجوم الذي شنته القوات التابعة للقيادة العامة على طرابلس».
ميدانياً، شنت قوات «الجيش الوطني» غارة جوية في وقت مبكر من صباح أمس، استهدفت موقعاً لمسلحي حكومة «الوفاق» في «مشروع الموز» شرق العاصمة. وأعلن إعلام القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» عن تدمير ثماني آليات، ومقتل 18 عنصراً تابعين لميليشيا عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، كما تحدثت عن «استشهاد» العقيد مسعود الضاوي، آمر «اللواء 26» بمدينة ورشفانة، إثر سقوط قذيفة هاون فجر أمس. ونقلت صفحات مقربة من الجيش أن عدداً من جنود الجيش أصيبوا في القصف؛ لكن حالتهم مستقرة.
من جهة ثانية، أنقذت البحرية الليبية 290 مهاجراً من الغرق، كانوا متعلقين بقوارب مطاطية متهالكة، في ثلاث عمليات قبالة ساحل بلدتي القرة بوللي وزليتن، شرق العاصمة طرابلس. وقال العميد أيوب قاسم، المتحدث باسم القوات البحرية، في بيان أمس، إنه تم إنقاذ 87 مهاجراً غير شرعي: 81 رجلاً، و6 نسوة، بالإضافة إلى طفل، وهم من جنسيات أفريقية وعربية مختلفة، من بينها السنغال، وتشاد، ومالي، والسودان، ومصر. وتابع قاسم: «تم إنزال المهاجرين إلى قاعدة طرابلس البحرية- وتم تسليمهم إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بمركز إيواء جنزور»
.
وكانت الأمم المتحدة قد دعت دول الاتحاد الأوروبي إلى «عدم إعادة المهاجرين غير الشرعيين الذين تمّ إنقاذهم في عرض المتوسط، إلى ليبيا، على خلفية الأوضاع المتدنية في مراكز الاحتجاز».
قد يهمك أيضاُ
قوات حفتر تُسقط طائرة حربية لحكومة الوفاق والسراج يطلب دعمًا أوروبيًا
تحركات تركيا تثير "شكوكًا دولية" حول دعمها "الغامض" للسراج و"عرقلة" قوات حفتر
أرسل تعليقك