أيام قليلة ويهل علينا اليوبيل الذهبي ومرور 50 عاما على افتتاح أعظم مشروع هندسي فى القرن العشرين وهو مشروع السد العالي والذى يواكب 15 يناير من كل عام وهى المناسبة المرتبطة بالعيد القومى لعروس الجنوب عاصمة الشباب الإفريقى محافظة أسوان ليظل السد العالى علامة بارزة وخالدة فى تاريخ مصرنا الحديث.
وتستعرض "صدى البلد" فى السطور التالية قصة وحكاية هذا المشروع العملاق " السد العالى " حيث جاء تنفيذه بمبادرة من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وقد أعطى إشارة البدء للعمل فى هذا المشروع القومى العملاق الذى يعتبر بمثابة ملحمة وطنية يحتفل بها المصريون كل عام، عندما وضع حجر الأساس له في التاسع من يناير عام 1960 حيث بناه المصريون بعرقهم وجهدهم، وبعد أربع سنوات تم الانتهاء من بنائه، وتم تغيير مجرى نهر النيل للسد العالي.
وترجع فكرة بناء السد العالي في المناطق العليا من النيل لخلق بحيرة صناعية من الماء العذب، واتخذ قرار البدء في بنائه عام 1953 وشكلت لجنة لوضع تصميم للمشروع، وفي ديسمبر 1954، تم وضع تصميم للسد العالي بإشراف المهندس المصري موسى عرفة، والدكتور حسن زكي بمساعدة عدد من الشركات العالمية المتخصصة.
وواجهت مصر في ذلك الوقت صعوبة في إيجاد الموارد التي تمكنها من المضي في تنفيذ ذلك المشروع العملاق، ما دفعها للجوء إلى الدول الغربية لمساعدتها من الناحية المالية والفنية والتكنولوجية، التي رفضت تقديم المساعدة لمصر، وظلت الحكومة المصرية تشعر بالقلق بسبب ما تعانيه من مشاكل اقتصادية.
ورفضت الحكومة المصرية الشروط التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالرغم من حاجتها إلى التمويل لاستكمال المشروع لأنها كانت شروطًا تمثل خطورة على مصر، ما أدى إلى سحب الحكومة الأمريكية القرض الذي كانت ستقدمه لبناء السد العالي بحوالى 56 مليون دولار، والحكومة البريطانية القرض الذي كانت ستقدمه بـ15 مليون دولار، كما رفض البنك الدولي منح الحكومة المصرية القرض الذي تم الاتفاق عليه بقيمة 200 مليون دولار، وجاء قرار سحب تمويل السد العالي بداية العداء بين مصر ودول الغرب.
ولجأت الحكومة المصرية لتأميم قناة السويس لتستعيد استثماراتها من دول الخارج وتوفر الموارد اللازمة لبناء السد العالي، ولذلك قررت الحكومة البدء في بناء السد العالي، وتم توقيع اتفاقية في السابع والعشرين من ديسمبر 1958 في القاهرة يقضي بها أن يمد الاتحاد السوفيتي مصر بالمساعدات المالية والاقتصادية لتنفيذ المرحلة الأولى من السد وقبل انتهائها تم الاتفاق مع السودان للانتفاع بفائض النيل، وجاء ذلك قبل البدء في المشروع.
وأصبح نصيب مصر من المياه بعد بناء السد العالي 55.5 مليار متر مكعب، ونصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب، والباقي وقدره 10 مليارات متر مكعب تعد الكمية المعروفة للفقد نتيجة التبخر والرشح.
وبدأت الحكومة السوفيتية بعد ذلك الوفاء في وعودها، وكانت المعدات السوفيتية تتدفق على مدينة أسوان بكميات تتزايد مع الوقت منذ أكتوبر 1959، وقد بلغ إجمالي تكاليف إنشاء السد العالى ومحطة الكهرباء في ذلك الوقت نحو 45 مليون جنيه مصري.
ويعد السد العالي من المشروعات الاقتصادية الكبيرة ذات العائد المادي المرتفع مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة له، وصل عائده خلال عشر سنوات منذ بدء إنشائه إلى ما لا يقل عن عشرين ضعفًا مما أنفق عليه، لأنه ساعد كثيرًا في التحكم بتدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل.
ويستخدم السد العالي في توليد الكهرباء بمصر، ويبلغ طوله 3600 متر، وعرض القاعدة 980 مترًا، وعرض القمة 40 مترًا، والارتفاع 111 مترًا، أما حجم جسم السد 43 مليون متر مكعب من أسمنت وحديد ومواد أخرى، ويمكن أن يمر خلاله تدفق مائي يصل إلى 11.000 متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة، وبدأ بناء السد العالي في عام 1960 وقدرت تكلفته الإجمالية بمليار دولار ثلثها من قبل الاتحاد السوفيتي، وعمل في بناء السد 400 خبير سوفيتي، وأكمل بناؤه في 1968، وثبت آخر 12 مولدا كهربائيًا في 1970، ثم افتتح رسميًا في 15 يناير 1971 والذي أصبح فيما بعد العيد القومي لمحافظة أسوان.
كما أنه تم تصميم السد العالي وفقًا للدراسات والأبحاث ليكون من النوع الركامي ومزود بنواة صماء من الطفلة وستارة رأسية قاطعة للمياه منسوب قاع السد 85 م منسوب قمة السد 196 م، وطول السد عند القمة 3830 م، وطول السد بالمجرى الرئيسي للنيل 520 م، وعرض قاعدة السد 980 م، وعرض السد عند القمة 40 مترا عمق ستارة الحقن الرأسية 170 م.
من جانبه، أكد المهندس عبد اللاه عبد الله الهمشري، مدير عام بالهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان، في تصريح لـ "صدى البلد" أنه يكفي فخرًا أن السد العالي بني بأيد وإرادة مصرية خالصة.
وأوضح الهمشري أن السد العالي يعتبر صرحًا شامخًا، حيث تتساوى قمته منسوب 196 فوق سطح الأرض مع هضبة المقطم في القاهرة، ويعتبر بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصر من غوائل الفيضانات المدمرة، مشيرًا إلى أن السد العالي حمى مصر أيضًا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979 حتى 1988، حينما تعرضت القارة الأفريقية للجفاف ومات بسببه العديد من أبناء الدول الأفريقية.
وقال إن السعة التخزينية للسد العالي تعتبر هي الأكبر على الإطلاق بدليل أن السعة التخزينية لأضخم سد في العالم، والذي بني في الصين عام 2010 لا تتجاوز ثلث السعة التخزينية للسد العالي التي تقدر بحوالي 162 مليار متر مكعب، والفارق أن السد العالي هو سد ركامي من كتل الجرانيت وليس سدًا خرسانيًا من الأسمنت.
ويبلغ عدد البوابات 12 بوابة، وتمت تجربة اثنين فى الشهور القليلة الماضية أثناء جولة الوزير، وعقب الانتهاء من الصيانة الدورية للبوابات المتبقية تتم تجربتها، وذلك للاطمئنان على جاهزيتها للعمل في أي لحظة، حيث لم يتم تشغيلها منذ سنوات، وتقوم كل بوابة منها بضخ 40 مليون متر مكعب مياه / يوم.
قد يهمك ايضا
مصر تُنفذ مشروعات استثمارية بقيمة 311 مليون جنيه في السد العالي وخزان أسوان
وزير الري المصري يؤكد أن السد العالي جاهز للتعامل مع الفيضان
أرسل تعليقك