أثار حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر الوطني الدوري الرابع للشباب في مدينة الإسكندرية، عن ضرورة تنظيم النسل بسبب تصاعد أزمة الزيادة السكانية وتشكيلها لخطر داهم يماثل الإرهاب، ردود فعل متباينة في الشارع المصري، إذ رأى البعض ضرورة ذلك باعتباره قضية قومية، فيما اعتبر البعض الآخر من رجال الدين الإسلامي، أنه حرام شرعًا.
وقال وزير الأوقاف المصري، الدكتور محمد مختار جمعة، إن لكل أمة رجال يسعون لتقدمها، وإن الإسلام يدعو الناس إلى السعي للحفاظ على الوطن وحمايته، ضاربا مثال بجيش المسلمين في غزوة تبوك، حيث قال النبي محمد، :من يجهز جيش العسرة لحماية الإسلام فهو في الجنة. وأشارالوزير، خلال خطبة الجمعة بمسجد السيدة زينب بعنوان "عوامل قوة والضعف في بناء الدولة، إلى أنه بالعمل والعلم تتقدم الأوطان.
وأضاف: "أما بالنسبة عن من يفسر أن زيادة عدد السكان، تحت قول الرسول تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة، نؤكد أن مؤسسات الأزهر ودار الإفتاء والأوقاف برئاسة الإمام الأكبر رأت في قضية تحديد النسل وعزل الزوج عن الزوجة حلال، وهو أمر لا مانع منه شرعا"، مؤكدا أن زيادة أعداد السكان لا يتناسب مع اقتصاد الدولة، وفي تلك الحالة يكون تحديد النسل حلال ضمانا لحقوق الطفل.
وصرح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية في مصر، بأن تنظيم الأسرة لا يتعارض مع الدين في شيء؛ حيث أن الدين يدعو طوال الوقت إلى التوازن والتنمية، ولا يدعو أبدًا إلى كثرة الإنجاب التي تعثر المجتمع والتي لا تفيد المجتمع في شيء. ولفت مفتي الديار المصرية، إلى أن أول آية نزلت من القرآن الكريم على الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم، هي "اقرأ باسم ربك الذي خلق" وتعني القراءة والتعلم والتتبع، والعلم توصل إلى أن الزيادة السكانية خطر يواجه المجتمع، فلا يمكن أن يعارض ذلك الدين والأزهر ودار الإفتاء. وأوضح علام، أنه من المفترض أن تتكامل كل الخطط الموضوعة من قبل الدولة والوزارات المختلفة للنهوض بالمجتمع، ومواجهة مشكلة الزيادة السكانية التي تؤثر بالسلب عليه وتعيق تقدمه.
أما الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، يقول إن ثقافة تنظيم الأسرة والسكان في مصر تصادفها بعض الخلافات، مثل أن الزيادة السكانية عبء كبير على الدولة، نجد بعض من يعارض وسائل تنظيم الأسرة. وأضاف شومان، أنه بعد الخلاف على تنظيم الأسرة "حلال أم حرام"، تأتي الفتوي بأن تنظيم الأسرة حلال لا شك في ذلك، مشيرًا إلى وجود رسائل بحثية عديدة بالأزهر تؤكد ذلك. وطالب وكيل الأزهر، بضرورة أن تكون ثقافة تنظيم الأسرة مستمرة لا ترتبط بوقت، وذلك من أجل السيطرة علي الزيادة السكانية، معترضًا على ثقافة أن تنظيم الأسرة للفقراء فقط، وأنه على جميع فئات المجتمع القيام لتنظيم الأسرة.
بدوره طالب علاء والي، رئيس لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بمجلس النواب المصري، الدولة، بالتدخل المباشر لتحديد النسل، مؤكدًا أنه يتم المطالبة بذلك منذ السبعينيات. وعلق والي على كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر الشباب الرابع بالإسكندرية، والذي دعا فيها الشعب إلى عدم إنجاب أكثر من 3 مواليد، قائلًا: "كان من المفترض أن يقول الرئيس تحديد النسل لمولودين فقط وليس ثلاثة". وأضاف، أن شباب هذا الجيل ليس منتجًا، ويجب توعيتهم وتوفير فرص عمل لهم تساهم في تنمية موارد الدولة المُهددة بسبب زيادة السكان.
وكشفت النائب غادة عجمي، عضو مجلس النواب، إنها تقوم بإعداد مشروع قانون تنظيم النسل والذي يلزم كل أسرة بإنجاب 3 أطفال على الأقصى ومُعاقبة الأسر المُخالفة منذ صدوره برفع الدعم عنهم نهائيًا. وأضافت عجمي، أن هذا القانون سيتم تطبيقه لمدة مُحددة ومُقننة ألا وهي عشر سنوات فقط، مُؤكدة أن أزمة زيادة النمو السكاني التي تشهدها مصر في السنوات الأخيرة الماضية تنذر بالعديد من العقبات الاجتماعية تزامنًا مع الأزمات الاقتصادية التي نعاني منها، مُؤكدة أن خطوة إعداد مثل هذا القانون في هذا التوقيت لتلاشي تفاقم الأزمة السكانية في المستقبل القريب أو البعيد.
وقال النائب مصطفى أبوزيد عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، إنه من الضروري أن يكون هناك حملات توعية ضد الزيادة السكانية، مُؤكدًا أنه بمعدل الزيادة السكانية سيكون التعداد السكاني لمصر في عام 2030 على الأقل 150 مليون نسمة. وأشار النائب أبوزيد، إلى ضرورة رفع الدعم عن الأسرة التي يزيد عدد أطفالها عن طفلين، ومكافأة الأسر المستجيبة لتنظيم النسل بحوافز ومكافآت من الدولة، مؤكدًا أن الزيادة السكانية تلتهم جميع موارد الدولة.
في المقابل، قال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف سابقا، إن دعوة الحكومة تحديد النسل وتنظيم الأسرة تنظر لها الدولة من منظور واحد ألا وهو المنظور الاقتصادي، رغم أن الدين الإسلامي يدعو إلى النظام في كل شيء حيث إن الوضوء بنظام والصلاة بنظام وكل شيء بنظام. وقال الأطرش، أن الدولة إذا أيقنت أن الرزق بيد الله وحده وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها سوف تُحل الأزمة، حيث إن تنظيم الأسرة قرار يجب اتخاذه من داخل الأسرة فقط وليس من الحكومة.
وتابع قائلا: "كل واحد ينظر إلى نفسه سواء حالته الاجتماعية أو الجسمانية ويرى هل يستطيع الإنفاق على كام فرد، تنظيم الأسرة مش حرام ده حلال جدا، بس لازم يكون من الأسرة مش من الدولة، غلط إن الدولة تقول لو حد أنجب أكثر من 3 ينحرم من كذا وكذا"، مستطردًا: "لو الحكومة منعت كل شخص عاوز ينجب من الإنجاب حرام، المنع مثل القتل".
واستنكر السلفي وليد إسماعيل المُتحدث باسم ائتلاف الصحب وآل البيت، الحملة التي تبنتها بعض الأحزاب لمواجهة أزمة الزيادة السُكّانية وقيامها بفتح مقار لها في القرى والمراكز الفقيرة لتوعية المواطنين بخطورة الأزمة وضرورة تحديد النسل. وقال إسماعيل: "إذا كان الهدف من تنظيم الأسرة وتحديد النسل هو حماية الاقتصاد المصري فإن الصين وصل تعدادها إلى 2 مليار ومع ذلك متقدمة جدًا"، مُتسائلًا: "هل الحل هو تكفير الناس لحل المشكلة الاقتصادية؟، فمن المفترض أن تحل بإقامة المصانع وزيادة المشروعات وليس بتحديد النسل".
أرسل تعليقك