أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، يوم الاثنين، رفضه للمرسوم الذي وقعه الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، بقبول استقالة الحكومة. وقال ميقاتي إن الحكومة اللبنانية ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال، وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها.
وكان عون قد غادر القصر الرئاسي وسط دعم وحضور من أنصاره في حزبه "التيار الوطني الحر"، مستبقاً خروجه بتوقيع مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة، في خطوة تزيد من تعقيدات المشهد السياسي في البلاد.
ومع عدم وجود مرشح قادر حتى اللحظة على حصد الأكثرية المطلوبة في البرلمان، يهدّد الفراغ السياسي بتعميق أزمات البلاد في ظل انهيار اقتصادي متسارع منذ ثلاث سنوات ومع تعذر تشكيل حكومة منذ مايو.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال "أن المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلا بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر إلى أي قيمة دستورية"، وذلك خطاب وجهه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وجاء في خطاب ميقاتي: "بتاريخ 30-10-2022 صدر المرسوم رقم 10942 بقبول استقالة الحكومة "المُستقيلة" أصلاً عملاً بنصّ المادة /69/ من الدستور بسبب بدء ولاية مجلس النواب، دون أن يقترن بصدور مرسوم تكليف الرئيس الذي وقع عليه اختيار السيدات والسادة النواب لتشكيل الحكومة استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة وفقاً لما تنص عليه المادة /53/ من الدستور.
وأضاف: "هذا المرسوم (مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة) يرتدي، دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الانشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسي من واجبات الحكومة المُستقيلة او التي تعتبر بحكم المُستقيلة دونما حاجة لقرار يصدر عن رئيس الجمهورية بهذا الخصوص.
وتابع ميقاتي قائلا: "من غير المنازع فيه أنّ تصريف الأعمال ارتقى إلى مرتبة الالتزام والموجب الدستوري وكرّسته وفرضته المادة /64/ من الدستور بعد أن كان عُرفاً دستورياً توجبه ضرورة استمراريّة سير المرفق العام وانتظام أداء المؤسسات الدستورية ـــ أساس الانتظام العام في الدولة ـــ الذي يفرض قيام كل مؤسسة دستورية، ودون ابطاء، بالمهام المُناطة بها، ضمن الصلاحيات المُعطاة لها، باعتبار أنّ الفراغ في المؤسسات الدستورية يتعارض والغاية التي وجِدَ من أجلها الدستور ويُهدّد النظام بالسقوط ويضع البلاد في المجهول، وذلك على النحو الذي اورده المجلس الدستوري في قراره رقم 7/2014 تاريخ 28-11-2014".
وأضاف "غني عن البيان أن امتناع حكومتنا التي اعتبرت مستقيلة بسبب بدء ولاية مجلس النواب، عن القيام بمهامها وواجباتها الدستورية ومن ضمنها متابعة تصريفها الأعمال، تحت أي ذريعة كانت، يشكّل اخلالاً بالواجبات المُترتبة عليها ويعرّضها، رئيساً وأعضاء، للمساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات كما نصّت على ذلك صراحةً المادة /70/ من الدستور."
واختتم رئيس حكومة تصريف الأعمال خطابه لرئيس مجلس النواب بالقول: "ولكون المرسوم، الذي قبِلَ استقالة حكومة هي مستقيلة أصلاً وحكماً بمقتضى النص، يفتقر إلى أي قيمة دستورية تنعكس سلباً على وجوب تصريف الأعمال إضافة إلى ممارسة جميع ما يفرضه عليها الدستور من موجبات (...) للتفضل بأخذ العلم بمتابعة الحكومة لتصريف الاعمال والقيام بواجباتها الدستورية كافة وفقاً لنصوص الدستور وللأنظمة التي ترعى عملها وكيفية اتخاذ قراراتها والمنصوص عليها في الدستور وفي المرسوم رقم 2552 تاريخ 1/8/1992 وتعديلاته (تنظيم أعمال مجلس الوزراء)، ما لم يكن لمجلسكم الموقّر رأي مخالف.". وفي رسالته الى البرلمان، قال الرئيس اللبناني المنتهية ولايته ميشال عون إن خطوته تأتي بعدما أعرب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي "عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة"، ولقطع الطريق أمامه لـ"عقد جلسات لمجلس الوزراء" بما يخالف "مفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق".
ومنذ أسابيع، يتبادل عون الاتهامات بتعطيل تشكيل حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة. وتعد خطوة عون سابقة في لبنان، حيث يتعين على رئيس الجمهورية إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة، في اليوم ذاته الذي يوقع فيه مرسومي تعيين رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وتصدر المراسيم الثلاثة معاً.
إلا أن خبراء دستوريين يقللون من تداعياتها ويضعونها في إطار "الصراع السياسي" بين الرجلين.
وكان قد غادر الرئيس اللبناني المنتهية ولايته ميشال عون القصر الرئاسي في بعبدا، يوم الأحد، سيرا على الأقدام ليلقي كلمة أمام مئات من أنصاره في أثناء عزف النشيد الوطني. ، تاركاً فراغاً على رأس الدولة اللبنانية بعد فشل مجلس النواب اللبناني في اختيار رئيس جديد. في وقت تقود فيه البلاد حكومة تصريف أعمال.
ومغادرة عون لقصر بعبدا جاءت قبل يوم واحد من انتهاء ولايته رسميا ومدتها ست سنوات ولكن بدون خليفة، وأعلن عون الذي شهدت رئاسته انهياراً مالياً كارثياً في لبنان وانفجار مرفأ بيروت، أنه وقع مرسوما صباح اليوم باعتبار الحكومة مستقيلة.
وعجز البرلمان حتى الآن عن الاتفاق على من يخلف عون في هذا المنصب الذي يتمتع بسلطة توقيع مشروعات القوانين وتعيين رؤساء الوزراء وإعطاء الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة قبل أن يصوت عليها البرلمان.
وتجمع العشرات من أنصار عون أمام قصر بعبدا لتوديعه، مرتدين اللون البرتقالي المرتبط بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه. وحملوا صورا له عندما تولى رئاسة البلاد وأيضا عندما كان قائدا للجيش قبل عقود.
وعون شخصية مثيرة للانقسام بشدة، ويدعمه العديد من المسيحيين الذين يعتبرونه المدافع عنهم في النظام الطائفي في لبنان لكن منتقديه يتهمونه بتمكين الفساد ومساعدة «حزب الله» على كسب النفوذ.
وتولى عون الرئاسة في عام 2016، بدعم من حزب الله والسياسي المسيحي الماروني المنافس سمير جعجع في اتفاق أعاد السياسي السني البارز وقتئذ سعد الحريري رئيسا للوزراء.
وشهدت رئاسة عون التي استمرت ست سنوات بعد ذلك قتال الجيش اللبناني لمتشددين على الحدود السورية في عام 2017
بمساعدة «حزب الله» وإجازة قانون انتخابي جديد في 2018 وبدء شركات طاقة كبرى عمليات تنقيب استكشافية في مناطق بحرية في عام 2020.
وفي أسبوعه الأخير في القصر وقع عون اتفاقا بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل. وأشاد أنصاره بهذه الإنجازات لكن منتقديه يقولون إن تلك النجاحات المتواضعة تتضاءل مقارنة بالانهيار المالي عام 2019 والذي دفع بأكثر من 80 في المئة من السكان إلى براثن الفقر وأدى إلى أوسع احتجاجات مناهضة للحكومة في التاريخ الحديث.
وارتبطت أيضا فترة عون بشكل وثيق بانفجار عام 2020 في مرفأ بيروت، والذي خلف أكثر من 220 قتيلا. وقال عون في وقت لاحق إنه كان على علم بالمواد الكيماوية المخزنة هناك وأحال الملف إلى سلطات أخرى لاتخاذ إجراءات، إلا أنعائلات الضحايا قالت إنه كان يجب عليه فعل المزيد.
وبدأ عون طريقه إلى الرئاسة في الحرب الأهلية التي دارت رحاها فيما بين عامي 1975 و1990 والتي شغل خلالها منصب قائد الجيش ورئيس إحدى حكومتين متنافستين. وعاد عون إلى بيروت بعد 15 عاما في المنفى، بمجرد انسحاب القوات السورية تحت ضغط دولي بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
وفي عام 2006، شكل التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه عون تحالفا مع «حزب الله» مما قدم دعما مسيحيا مهما للجماعة المسلحة.
وقال عون في مقابلة مع «رويترز» الأسبوع الماضي، إن رحيله اليوم الأحد، قبل يوم من انتهاء ولايته رسميا، لن يكون نهاية مسيرته السياسية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
باسيل يهدد وتحذيرات من سيناريوهات «سيئة جداً»
عون يلوّح بتوقيع مراسيم قبول استقالة الحكومة وسط جدل سياسي ودستوري
أرسل تعليقك