أثارت التصريحات التي أصدرها الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا وأبو قرقاص، بشأن عدم الاعتراف بمعمودية الكاثوليك، وكذلك البروتستانت، وأنهم جاءوا إلى مصر مع الاحتلال الفرنسي والبريطاني، أزمة بين الكنائس المصرية، بسبب رفض الكنيستين المذكورتين تلك التصريحات. وقال الأنبا مكارويس، هلال إحدى العظات الكنسية في المنيا، إن المجمع المقدس لكنيسته الأرثوذكسية رفض القبول بمعمودية الكاثوليك، للمرة الثانية، بعدما رفضها الأساقفة أثناء زيارة بابا الفاتيكان لمصر. وقال إن الأرثوذكس ظلوا في مصر من القرن الأول وحتى القرن الـ19 بمفردهم، دون وجود للكنيستين الكاثوليكية أو البروتستانتية، مبينًا أن الكنيسة الكاثوليكية جاءت إلى مصر مع الحملة الفرنسية، بينما جاء البروتستانت مع الاحتلال الإنجليزي، حتى أن تعداد الكاثوليك في مصر 160 ألفًا فقط، بينما أقباط مدينة المنيا وحدهم 116 ألفًا، أما البروتستانت فيبلغ عددهم نصف مليون ولديهم ألف كنيسة من إجمالي ٣٥٠٠ كنيسة على مستوى الجمهورية، وهي علامة استفهام أخرى، موضحًا أن تعداد الأقباط الأرثوذكس يتراوح بين 17 مليونًا و21 مليون مواطن.
وأشار أسقف المنيا إلى أن رفض المجمع المقدس لمعمودية الكاثوليك لم يأت من فراغ، ولكن يعود لأسباب عدة، وعلى رأسها التمسك بتعاليم الإنجيل الواردة في الفصل الرابع من رسالة القديس بولس إلى المؤمنين في مدينة أفسس، والتي تنص على أن: "رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ"، بمعنى حل الخلافات العقائدية التي تخص الإيمانيات قبيل الاتحاد فى طقس المعمودية، والذي يعتبر مدخل الفرد للمسيحية قائلاً: "نحن لا نؤمن بكهنوت الكاثوليك وبالتالي لا نؤمن بأي طقس يتم على يديهم". وفي المقابل، أصدر أساقفة الكاثوليك بيانًا رسميًا ردوا فيه على تصريحات الأنبا مكاريوس، وقالوا إن المعلومات التي ذكرها عن طائفتهم صحيحة تاريخيًا، كما أن هذا الأسلوب والخطاب يُفرق ولا يُجمع، وينتافى مع روح المحبة التي علمنا إياها السيد المسيح. وأضاف البيان: "نرجو من جميع المؤمنين الأحباء وضع أي خطاب أو تصريح على ميزان المحبة، فإذا وجدتم حديثًا أو تصريحًا ما يخلو من المحبة فإن هذا الخطاب أو الحديث خال من روح الله، لأن الله محبة، نصلي من أجل جميع القيادات الكنسية ليمنحهم الله الحكمة الإلهية، الحكمة المليئة بالمحبة، لأننا بالمحبة فقط نبني وبالمحبة فقط نستمر في الخدمة، وبالمحبة فقط نقود شعب الكنيسة لله المحب".
ودعا بيان الكاثوليك جميع المؤمنين إلى ترك الخلافات التي لن تفيد، والتمسك بالسيد المسيح وبمحبته التي علمنا إياها. كما وجّه الأنبا بطرس فهيم، مطران الكاثوليك في المنيا، رسالة إلى رعايا الكنيسة في الإيبارشية، عقب فيديو الأنبا مكاريوس، ورده على سؤال أحد أبناء الكنيسة بشأن مجريات المجمع المقدس الأخيرة، ومناقشة معمودية الكاثوليك. وقال فهيم، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي" فيسبوك":"أخوتي وأبنائي الأحباء، فيما يخص الرد على فيديو نيافة الأنبا مكاريوس، رجاء محبة، نحن لا نقبل أي إهانة أو تجريح لأي أحد، فمن لديه رد علمي موضوعي تاريخي وعقائدي فليقدمه بكل حب، واحترام للحقيقة، ومراعاة لمشاعر كل الناس، وللمحبة المسيحية التي يعلمها لنا السيد المسيح، الذي قال يعرف العالم أنكم تلاميذي إن أحب بعضكم بعضًا، والتي توصينا بها أمنا الكنيسة المقدسة، ولكم جميعا كل الشكر والمحبة." وأضاف مطران المنيا للأقباط الكاثوليك: "إنني، وبالنيابة عن كل من أخطأ، أعتذر للجميع عن أي إهانة أو تجريح أو تطاول أو تجاوز لا يليق، قد تلفظ به أي كاثوليكي، فهذه ليست شيمنا ولا أخلاقنا، بركة ونعمة وسلام الرب معكم جميعًا".
وأصدر القس بيوس فرج، كاهن كنيسة إمبابة للأقباط الكاثوليك، بيانًا ردًا على بيان الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا للأقباط الأرثوذكس، جاء فيه: "صاحب النّيافة الأنبا مكاريوس، أُسقف عام المنيا، بعد تقبيل أياديكم الطّاهرة، عندي طلب من نيافتكم، لا تنس وأنت تُصلّى صلاة السّتار، ونيافتكم راهب، وبعدها تقرأ تحليل الكهنة، أن تشكر الله على نعمة وجود الكنيسة الكاثوليكيّة في مصر، منذ عام 451، وحتّى بعد ذلك بكثير، ولا تنسى أن تشكره على ما يأتي:
- أشكره أن الكنيسة الكاثوليكيّة عرفتكم يعني إيه الاحتفال بالأسرار المُقدّسة، ولا سيّما سر التوبة بعد ما اخترعتم الاعتراف على الشورية، فاخترعتم الموضوع ده وليس له أي داع أو سبب أو مبرر، ومبّرره الوحيد أن المسييحن، وخصوصًا السيدات، كانوا بيتمنعوا عن الذهاب للكنيسة في بعض الأوقات في أيام الدولة الفاطمية، فاخترعتوا الموضوع ده وبدأ في البيوت إشعال البخور ثم ذكر الخطايا، بعدها انتقل للكنيسة.
- أشكره على الكنيسة الكاثوليكية لأنّها عرّفتكم الأسرار الكنيسة وترتيبها في وقت كنتم لا تعرفون عددهها، وفي بعض الأحيان بتلخبطوا فيها.
- أشكره على الكنيسة الكاثوليكيّة، لأنها علّمتكم تعملوا إكليريكيّات، في وقت لحد الثمانينات من القرن العشرين كان الكهنوت عندكم ورارثي، والإكليروس جاهل، مش بس لاهوتيًّا، لكن للأسف مش بيعرف يقرأ ولا يكتب، والدليل على كده القرارات المتكررة في القطمارس، وكمان ذهابه للدير 40 يومًا علشان يستلم القدّاس، قصدي علشان يحفظ القدّاس وحركاته ودقنه تطول.
- أشكره على الكنيسة الكاثوليكيّة لأنّها علّمتكم طباعة الكتب الطّقسيّة قبطي وعربي، في وقت برده كان الإكليروس بتاعكم جاهل قبطي وعربي.
- أشكره على نعمة الكنيسة الكاثوليكيّة، اللي للأسف على اسم الحوارات المسكونيّة، بتروحوا تشحتوا الكنائس الكاثوليكيّة والأديرة في أوروبا وأميركا، وبتاخدوها بتراب الفلوس وساعات ببلاش، وإيبارشيّتنا الكاثوليكيّة هي اللي بتساعدكم في بنائها، وأوّل حاجة بتعملوها فيها إنّكم بتعملوا جرن معموديّة كبير علشان تعيدوا المعموديّة.
- أشكره على نعمة الكنيسة الكاثوليكيّة، لأن هيئاتنا الكاثوليكيّة، في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وأميركا، هي اللّى بتموّل مشاريعكم في بناء المستشفيات والمدارس والكنائس ودور المُطرانيّات، واللي برده باسم المسكونية بتاخدوا منهم التمويل.
- أشكره على نعمة الكنيسة الكاثوليكيّة، لأنّها علمتكم، تعملوا مدارس الآحاد، والمؤتمرات، والرحلات والأنشطة.
- أشكره على نعمة الكنيسة الكاثوليكيّة، لأنّها علمتكم تعملوا اجتماعات للأسرة والاهتمام بالفقراء والشّباب.
- أشكره على نعمة الكنيسة الكاثوليكيّة، لأنّها فتّحت أعينكم على العمل الاجتماعي، ببناء المدارس والمستشفيات، بعد ما سجنتم نفسكم داخل الكنيسة، وعملتم من الكنيسة دولة داخل دولة، وعملتم منها مولات، وغيّبتم شعبكم وشبابكم، على حد تعبيره.
وعقب ذلك، عاد الأنبا مكاريوس وأبدى أسفه على اللهجة التي تحدث بها وضايقت الكاثوليك، في بيان آخر، ولكنه أكد في الوقت نفسه أن القضايا العقائدية لا تقبل المساومة، وكذلك الأمور التاريخية، قائلاً: "محبتي للأخوة الكاثوليك، وأتفهم غضبهم حتى وإن تجاوزوا في التعبير".
ويذكر أن المعمودية في المسيحية هي أحد أسرار الكنيسة السبعة، تيمنًا بتعميد المسيح شابًا على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن، وهو الطقس الذي يدخل بموجبه الطفل العقيدة المسيحية، ويسمى التناصير، ويرفض الأرثوذكس القبول بمعمودية الطوائف الأخرى ومن ثم الزواج منهم، إلا بعد تغيير الملة. وحاول البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، التوصل إلى اتفاق مع بابا الفاتيكان من أجل القبول بمعموديتهم في المستقبل، إلا إنه واجه حربًا شرسة من الأساقفة التقليديين في المجمع المقدس، وفشل المجمع الأخير الذي ناقش تلك القضية في الخروج بتوصيات
أرسل تعليقك