تحتفل مصر في الخامس والعشرين من كل عام، بأعياد الشرطة تخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية 1952 التي راح ضحيتها 50 قتيلا، 80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية على يد الاحتلال الإنجليزي بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للمحتل، وتسجل الأرض المصرية منذ سنوات بطولات رجال بواسل تسطر أسماءهم بجوار من سبقهم من الشهداء.
ونرصد لكم عددًا من هؤلاء القتلى الذين خدموا في نطاق مديرية أمن الجيزة علي سبيل المثال وليس الحصر، أولها عمليات غادرة راح ضحيتها خيرة ضباط الشرطة وكانت أبرز تلك الجرائم مذبحة مركز شرطة كرداسة والتي خلفت 11 ضابطا وفرد شرطة شهيدا بعد مقاومة منهم استمرت أكثر من 5 ساعات انتهت باقتحام مسلحين لديوان قسم الشرطة بعد ضربه بقذيفة آر بي جي، وشهداء قسم كرداسة هم اللواء مصطفى الخطيب، مفتش فرقة أكتوبر والعميد محمد جبر، مأمور المركز والعقيد عامر عبدالمقصود، نائب المأمور والمقدم إيهاب مرسي ضابط في الأمن المركزي والنقيب هشام شتا، معاون المباحث والملازم أول محمد فاروق، معاون المباحث وعدد من المجندين وأفراد الشرطة.
محمد جبر
الراحل محمد جبر مأمور مركز كرداسة كان لا يجلس على مكتبه كثيرًا يتحرك داخل مبنى المركز بنشاط ويستقل "بوكس" الشرطة ليلا لعمل دوريات أمنية بنفسه، وكان يرد على الضباط والأفراد الصغار عندما يسألونه عن سر إخلاصه في عمله لهذه الدرجة، "أصل حياة الناس مسؤولة مننا واحنا بنعمل ده عشان واجبنا وعشان نرضى ربنا"، وكان صوت القرآن الكريم هو الصوت الوحيد الذى يملأ جنبات مكتب "السيد المأمور" فلا يدير التلفاز إلا على قراءة القرآن الكريم، وعندما يسمع صوت الآذان يذهب إلى "المصلى" بالمركز، حيث يقف وسط أبنائه الأفراد يؤدي الصلوات وكان صوته الجهور "شدوا حيلكم يا رجالة"، أثناء دخوله للمركز في الصباح الباكر علامة مميزة.
عامر عبدالمقصود
الشهيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور كرداسة لقبه الأهالي بشيخ العرب لحرصه دائما على حل مشاكل الثأر والعائلات وديا فإنه كان إنسانا ذا خلق ولم يتخل عن أحد طلب مساعدته، أما الراحلان محمد فاروق وهشام شتا هما من رفضا الاستجابة لطلب أسرتيهما بالخروج من القسم عندما تعالت اصوات التهليلات والتكبيرات خارجه مصرين علي الزود عنه حتي وان كانت روحيهما الثمن وهو ما دفعاه لهؤلاء الإرهابيين.
نبيل فراج
في أعقاب تلك المجزرة أعدت قوات الأمن عدتها واقتحمت مدينة كرداسة لتوقيف مرتكبيها فكان أول من وطأت قدمه أرض كرداسة فاغتالته طلقات غادرة، سقط اللواء نبيل فراج على الأرض ممسكا بسلاحه، لم يكن اسمه ضمن قائمة الأسماء التي ستتوجه إلى مدينة كرداسة لاقتحامها وتطهيرها من البؤر الإجرامية لكن إصراره على مشاركة زملائه جعلته يتقدم القوات، فكان أول من سقط شهيدا.
طارق المرجاوي
شهيد تفجيرات جامعة القاهرة، استهدفته جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية والعميد جرير مصطفى مدير المباحث الجنائية بالجيزة آنذاك أمام سينما رادوبيس، حيث انفجرت القنبلة بعد عودتهما من الطريق الذى كانا يسيران به ونشر أنصار بيت المقدس الإرهابية بيان بنجاة العميد طارق المرجاوى وجرير مصطفى وتوعداهما بمزيد من الدماء جزاء لهما لتصديهما لتظاهرات الإرهابية بمنطقة الطالبية.
كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة مساء، بينما يتلقى الشهيد طارق المرجاوى مكالمة تليفونية من قيادى بمديرية أمن الجيزة يخبره فيها أن هناك معلومات من قطاع الأمن الوطنى تفيد باعتزام طلاب الإرهابية بالتظاهر والتعدى على رجال الشرطة بعد الخروج من الحرم الجامعى. لحظات ويجرى الشهيد مكالمات مع مفتشى مباحث فرقة الغرب يخبرهم بضرورة الحضور فى محيط الجامعة وحدد أسماء ضباط المباحث واتفق على حضورهم فى التاسعة صباحا بالفعل حضر الشهيد فى تمام الساعة العاشرة صباحا وتفقد الحالة الأمنية سيرا على الأقدام ثم عاد مرة أخرى إلى مقر الاستراحة الذى استشهد فيه، وجلس بجوار اللواء عبد الرؤوف الصيرفى نائب مدير الأمن لقطاع الغرب وفيما يتابع الشهيد الحالة الامنية وقع انفجار ضخم هز أركان مبنى الاستراحة الذى كان بجواره، وعندما التفت من هول المشهد، انفجرت القنبلة الثانية لتقضى عليه وتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها.
أحمد زكي
الشهيد العميد أحمد زكي لطيف سالم، كان مستهدفا لأنه شارك في فض اعتصام النهضة، وهو من مواليد الفيوم تخرج عام 1984 من كلية الشرطة، حاصل على أكثر من 25 فرقة تدريبية متنوعة وفرقة مكافحة الإرهاب الدولي، كما أنه حاصل على فرقة معلم تدريب صاعقة تولى منصب قائد مركز تدريب ثم قائد كتيبة، ثم مديرًا لإدارة تدريب، ثم مديرًا لإدارة عمليات جنوب الصعيد، وعمل في قطاع البحر الأحمر للأمن المركزي، ثم عمل قائدًا لقطاع عمر بن الخطاب بالجيزة، وأخيرًا مدير إدارة شئون الخدمة بمنطقة الجيزة الأمن المركزي ولذلك كان الشهيد مستهدفًا حيث راقبه عناصر أجناد مصر ورصدوا تحركاته رغم تغييره لسيارة الشرطة واستقلاله لسيارة ربع نقل خضراء وزرعوا اسفل مقعده الأمامي قنبلة لتنفجر بشدة عقب خروجه من منزله بدقائق.
السعيد محمد
اغتيل اللواء السعيد محمد مدير المكتب الفني لوزير الداخلية في 28 يناير 2014 أمام منزله بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة حيث استهدفته خلية أجناد مصر بعد رصد تحركاته من خلال مراقبته لقرابة أسبوع وانتظروا خروجه من منزله وأمطروه بوابل من الأعيرة النارية.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في احتفالية عيد الشرطة، أن عيد الشرطة المصرية ليس يوما مقصورا على رجالها فحسب إنما عيد لكل المصريين، مضيفا: "فأبناؤها لم يكونوا منفصلين في يوم من الأيام عن آمال الوطن والأمة وهم أيضا جزء من نسيجه الوطنى، كما أنه فرصة لاستعادة الذكريات وتدبر المعاني والقيم الأصلية والنبيلة الراسخة في قلب المجتمع المصري والتي يأتي في مقدمتها الولاء والانتماء المطلق لمصر أرضا وشعبًا، هذه القيم التي تعرضت خلال السنوات الماضية لمحاولات مستميتة من قبل أهل الشر ومن يعاونهم للقفز عليها والنيل من ثوابتها طمعا فى تنفيذ مخططاتهم وأهدافهم الخبيثة في القضاء على أسس ومبادئ الدولة الوطنية، لكن الله سبحانه وتعالى يسخر دائما لهذا الوطن من أبنائه من يقف حائلا أمام أطماع الطامعين وتآمر المتآمرين".
وقال السيسي إن التاريخ سيتوقف طويلا وبإعجاب أمام التجربة المصرية النابعة من قوة الإرادة وصلابة وعزيمة شعب مصر الأبي الذي أدرك بحسه الوطني أن مستقبله لن يبنيه أحد غيره فصبر وتحمل قسوة الإجراءات الاقتصادية غير المسبوقة في ظل أوضاع إقليمية ومحلية غير مستقرة، لكنه مضى في طريقه رافعا شعار "نكون أولا نكون" وقد رأى العالم أجمع كيف تحولت مصر في أعوام قليلة إلى واحة من الأمن والاستقرار.
وفي 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافي وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للإنجليز كان مقره بميدان عرابي وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء عليه تماما، لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم، فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الإنجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952، وبدأت المجزرة الوحشية الساعة السابعة صباحا، حيث انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة، وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكي يعلن على رجال الشرطة المحاصرين في الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعي الأيدي وبدون أسلحتهم، وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
وقـــــــــد يهمك أيـــــــضًأ :
الرئيس السيسي يكرم عددا من أسر شهداء الشرطة في عيدهم الـ 68
الرئيس عبدالفتاح السيسي يُكرِّم عددًا مِن رجال الداخلية المتميِّزين في حفل عيد الشرطة
أرسل تعليقك