في الوقت الذي تواصل فيه الأسعار ارتفاعاتها القياسية في مصر، تعلن الحكومة وجهاتها الرسمية عن أرقام متفاءلة بشأن زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتعافي السياحة والاكتفاء من الغاز الطبيعي، ليتواصل "مصر اليوم" مع نواب برلمانيون في لجان ذات الصلة والاختصاص بالمسألة , حيث تباينت تقييماتهم، وأيضًا مواطنون يلامسون التداعيات والانعكاسات على أسعار الخدمات والسلع الأساسية.
ودشنت مصر البرنامج الخاص بالإصلاح الإقتصادي مع صندوق النقد في نوفمبر/ تشرين الثاني في عام 2016، ويمتد تنفيذه لثلاث سنوات، تحصل خلاله القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار، يُقدّم على دفعات مشروطة بالتزامها بتطبيق الخطوات المتفق عليها.
وقال النائب طلعت خليل عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، إن إجراءات البرنامج الخاص بالإصلاح الاقتصادي لم تأت مشمولة أبدًا بإجراءات للتخفيف عن المواطنين، وأن الحكومات المختلفة تركت المواطنين بلا هداية وسط موجات الغلاء وغياب الرقابة واستفحال جشع التجار وغيرها من الظواهر التي لاتحتاج إلى حلول ألمعية عبقرية، قدر ماتتطلب القيام بالأدوار البديهية للأجهزة التنفيذية.
وأضاف خليل أن الآليات التي يتم بها تطبيق البرنامج يعتريها الكثير من الملاحظات السلبية، كأولوية الإنفاق على المشاريع الخدمية أم المشاريع العملاقة ذات العوائد بعيدة المدى، والارتكان إلى سياسة الاقتراض والتمادي فيها، وكلها ذات انعكاسات سلبية نلمس آثارها سنويًا سواء على مستوى الشارع، أو العجز الواضح في الموازنات للعامين السابقيين، اللذين أصبحا الموازنات الأضخم في تاريخ مصر.
ورأى وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان محمد السلاب أن إشادات المؤسسات العالمية بكيفية تطبيق مصر لإجراءات البرنامج مؤشر جيد، قائلًا في تصريحات رسمية عنه اليوم " مصر هى الدولة الوحيدة التي نجحت في تنفيذ برنامج إصلاحي رفيع المستوى، نجح فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدم تحميل الفقراء والبسطاء من الشعب المصري، أعباء إضافية خلال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي من خلال توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لحماية الطبقات الكادحة من تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادي".
واختتم النائب حديثه بتوجيه إشادة للشعب المصري في تحمل تبعات الإصلاح الاقتصادي وصبره وجلده، مؤكدًا أن هذا الشعب يستحق وصف الرئيس السيسي له أمام العالم كله بأنه بطل الإصلاح الاقتصادي المصري.
واستطلع "مصر اليوم" رأي المواطنين، حيث قال أحمد عبدالرحمن 38 سنة رب أسرة، إن حياته لم تعد كالسابق أبدًا منذ الصباح التالي لقرار تعويم الجنية المصري، وأردف" الاشتعال في الأسعار ضرب كل شئ، تذاكر المترو، والبنزين والوقود، والإيجارات، وفواتير الكهرباء والمياة، وفي المقابل من ذلك ركود تام في زيادات المرتبات وخلافه، لا وجود لأي جنيه إضافي منذ 5 سنوات، الدخل ثابت، والأسعار كابوسية".
وقالت هدى حسين موظفة حكومية , 42 عامًا، إنها تتوسم خيرًا في الإجراءات التي قالت رغم تأثيرها على كل الناس دون استثناء، إلا أنها تأمل في مستقبل أفضل لأبناءها، من خلال افتتاح فروع جديدة للجامعات والمدن الجديدة والعاصمة الإدارية ومشاريع الزراعة والكهرباء العملاقة، أضافت " نرى رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي يوميًا دون أي راحة في افتتاح مشاريع وجولات خارجية وداخلية، وأن السيسي قد وعد بعدم انجراف البلاد للحرب الأهلية وقد نجح في ذلك، كما وعد بإصلاح الاقتصاد وأنها تثق في نجاحه في ذلك أيضًا" .
وبالنظر إلى التقارير المتتالية من صندوق النقد الدولي، فإنها تعكس رضاه عن أداء الإقتصاد المصري، وهو مايتزامن مع ارتياح حكومي لما يتعبره رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إنجازات متمثلة في زيادة معدل النمو الاقتصادي من 4.3% قبل تطبيق البرنامج إلى 5.3% في السنة المالية المنتهية في يونيو/ حزيران الماضي، وهو ما يتوقع صندوق النقد الدولي استمراره عند هذا المعدل خلال العام الجاري، مدفوعًا بـ "تعافي قطاع السياحة وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي واستمرار تحسن الثقة بسبب تطبيق برنامج الإصلاح"، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي أطلقه صندوق النقد في أكتوبر/ تشرين الأول.
وتراكمت الاحتياطيات من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي لتصل إلى مستويات تاريخية، (ارتفعت من 17.5 إلى نحو 44.5 مليار دولار خلال عامين)، في نفس الفترة التي زادت فيها الديون الخارجية بنحو 58% لتبلغ 88 مليار دولار وفق آخر البيانات المتاحة لدى البنك المركزي , لتصبح بذلك معادلة تطبيق بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي "محيرة"، وتثير تقييمات وتحليلات متباينة، سواء على مستوى النخبة من المراقبين والنواب، أو المواطنين والأهالي، مع مواصلة الأجهزة والوزارات الرسمية المختصة المضي قدمًا في الالتزام باشتراطات صندوق النقد الدولي وعزمها مواصلة إجراءات تطبيق البرنامج الذي يدخل عامه الثالث في صيف العام المقبل.
أرسل تعليقك