كشفت بيانات ميزان المدفوعات التي نشرت هذا الأسبوع، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع غير النفطي، في الاقتصاد المصري في الربع الثاني من العام الجاري 2018، إلى أدنى مستوياته منذ الفترة التالية مباشرة لبدء تطبيق خطة تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي قبل نحو عامين.
ورأى عدد من خبراء الاقتصاد، أن الانخفاض في صافي الاستثمار الأجنبي المباشر يرجع إلى أسباب، عدة مطالبين بضرورة بذل المزيد من الجهود للترويج الخارجي، لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكّد الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي،لـ"مصر اليوم" , ضرورة الترويج الخارجي لجذب الاستثمار إلى مصر خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أهمية مثل هذه الحملات لتوضيح التغيرات التي حدثت في مصر خاصة مع الصورة الذهنية السيئة التي لا تزال عالقة في أذهان بعض المستثمرين.
وأضاف توفيق، أن العالم مقبل على أزمة اقتصادية طاحنة، أشد وطأة من الأزمة العالمية 2008، والفترة المقبلة ستكون صعبة جدًا، فنرى الآن بنوك وشركات عالمية تُعلن إفلاسها، وأوروبا نفسها تعاني الآن من أزمة اقتصادية كبيرة، موضحًا أن ارتفاع الدين العام للدولة، وتزايد عجز الموازنة، تسبب في قلق كبير للراغبين في توجيه استثماراتهم إلى مصر، مطالبًا بضرورة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام إلى الأنشطة والقطاعات الإنتاجية والتصنيعية، والبعد عن الأنشطة العقارية.
و قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي،لـ"مصر اليوم" إن الاستثمار الأجنبي المباشر في حاجة إلى مزيد من الدعم، بخاصة مع تراجع ملحوظ في الاستثمارات الأجنبية في مصر، ما يتطلب مزيدًا من الحوافز حتى لو وصل الأمر إلى وضع مدة زمنية للإعفاء الضريبي أو تقديم تسهيلات للحصول على الأراضي بغرض الاستثمار، فكلها خطوات تزيد من الاستثمارات المباشرة التي تعود بالنفع على الاقتصاد في جوانب عدة أولها المساهمة في مواجهة البطالة والثاني زيادة التدفقات الدولارية.
وأوضح "الشافعي"، أنه مع زيادة الاحتياطي الأجنبي إلى 44.4 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، يجب زيادة التدفقات النقدية من العملة الأجنبية، لكن بالموارد الثابتة مثل الصادرات وعوائد السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وتحويلات المصريين في الخارج، من أجل ضمان سهولة عملية سداد الديون الخارجية والتي تخطت 90 مليار دولار، تم استغلالها في زيادة الاحتياطات النقدية وتأمين حاجات الاستيراد.
وكان هبوط تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر خلال الربع الثاني من العام الحالي، محور اهتمام "باتريك وير" الصحافي المتخصص في الشؤون المالية، في تقرير بوكالة رويترز، وقال إن تلك الاستثمارات انخفضت لأدنى مستوياتها منذ البدء في خطة التقشف التي يدعمها صندوق النقد الدولي منذ عامين، مضيفًا أن ذلك يشير إلى مزيد من الصعاب على المواطنين قبل أن يجنوا ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ويذكر إن مصر تمكنت من اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة غير نفطية بقيمة 600 مليون دولار خلال الربع الثاني من 2018، بالمقارنة مع 956 مليون دولار خلال الربع الأول و1.5 مليار دولار خلال الربع الرابع من 2017، واحتوى التقرير على تعليقات إيجابية من محللين بالمجموعة المالية هيرميس وسي آي كابيتال ونعيم للوساطة.
وكان بحسب بيانات البنك المركزي المصري عن ميزان المدفوعات الصادرة الأسبوع الماضي، تراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال العام المالي الماضي إلى نحو 7.7 مليار دولار مقابل نحو 7.9 مليار دولار خلال عام 2016-2017.
وكانت الحكومة تتوقع جذب 10 مليارات دولار صافي استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام الماضي، كما رفعت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، توقعاتها أحيانًا إلى 12 مليار دولار، وتقل الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تحققت في العام المالي الماضي، عن توقعات صندوق النقد الدولي، والتي كان قد خفضها، في بيانه عن نتائج أعمال المراجعة الثالثة للاقتصاد في يوليو الماضي، لتصل إلى 7.8 مليار دولار مقابل 8.4 مليار دولار كان يتوقعها في تقرير المراجعة الثانية، ومقابل 9.4 مليار دولار في تقرير المراجعة الأولى ..
وكشفت بيانات البنك المركزي، أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع البترول ارتفع إلى 4.5 مليار دولار خلال العام الماضي مقابل 4 مليارات في 2016-2017، وهو ما يعني أن الاستثمارات غير البترولية تراجعت إلى نحو 3.2 مليار دولار العام الماضي مقابل نحو 3.9 مليار دولار في العام السابق عليه.
وكان على الرغم من ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي خلال الربع الأخير من العام الماضي على أساس سنوي، فإنه تراجع مقارنة بالربع السابق عليه والذي سجل نحو 2.3 مليار دولار.
أرسل تعليقك