من وقتٍ إلى آخر، يعود الحديث في الشارع المصري عن موعد إجراء انتخابات المجالس المحلية، التي تأخر إجرائها كثيرًا منذ عام 2010، حيث لم تسعف الظروف حينها إلى إجرائها ، نتيجةٍ إلى الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد آنذاك، والتي بدأت بأحداث 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والتي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك من حكم البلاد، وصولًا إلى ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، والتي انتهت بخروج جماعة الإخوان المحظورة من سُدة الحكم، حيث كان الشغل الشاغل للدولة المصرية آنذاك، هو محاولة السيطرة على الاضطرابات السياسية التي أرهقت الدولة المصرية كثيرًا، ومحاولة السيطرة على الانفلات الأمني الذي تضررت منه مصر، وأثّر بالسلب على الأوضاع الاقتصادية، فالم يكن إجراء انتخابات المجالس المحلية ضمن أجندة الدولة.
أقرأ أيضًا: متحدث" البرلمان المصري" ينعي مقتل 3 من رجال القوات المسلحة
وبعد وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سُدة حكم البلاد في عام 2014، أكّد إنّ الدولة المصرية عازمة على إجراء انتخابات المجالس المحلية بعد الانتهاء من إجراء انتخابات مجلس النواب في عام 2015، غير أن عام 2015 قد أقبّل وانتهى وشهد إجراء انتخابات مجلس النواب، ولن تظهر أي بوادر عن نية الحكومة لإجرائها.
وفي عام 2016، خرج المهندس شريف إسماعيل، رئيس وزراء مصر السابق، ليؤكدّ للجميع، أن الدولة عازمة على إجراء انتخابات المجالس المحلية في مطلع عام 2017، غير أن عام 2017 هو الآخر قد أقبّل ومضى، ولم نشهد معه إجراء انتخابات مجلس النواب.
وبعد حلول عام 2018، خرجت تصريحات لكن هذه المرة من مجلس النواب المصري، تُشير إلى قُرب الانتهاء من إقرار قانون الإدارة المحلية، الذي يعد خطوة أساسية لإجراء انتخابات المجالس المحلية، وهذه التصريحات خرجت على لسان رئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال، وبعدها بأسابيع قليلة، أكدّ رأس الدولة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنّ هناك تكليفات رئاسية إلى الحكومة بسرعة إجراء انتخابات المجالس المحلية، داعيًا الأحزاب السياسية إلى الاستعداد لها جيدًا وخلق الكوادر التي سيتدفع بها في الانتخابات.
ووفقًا لتصريحات رسمية أدلت بها حكومة المهندس مصطفى مدبولي، على لسان وزير التنمية المحلية اللواء محمود الشعراوي، في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر من العام المنصرم، أكدت فيه إجراء انتخابات المجالس المحلية في مطلع العام الحالي.
مراقبون ومحللون متابعون للشأن السياسي المصري يؤكدون لـ"مصر اليوم"، استحالة إجراء انتخابات المجالس المحلية في العام الجاري، لأسبابٍ عدة، منطقية، يأتي على رأس هذه الأسباب؛ أن الظروف الدولة الاقتصادية ليس في صالحها، حيث يتطلب إجراء انتخابات المجالس المحلية أكثر من 2مليار جنيه لزوم فتح باب الترشح والاقتراع واختيار المرشحين وتأمين إجراء الانتخابات، وهي أمور بطبيعتها تلتهم ميزانية الدولة في ظل ما تشهده مصر من ظروف اقتصادية، واتجاه حكومي نحو التقشف.
وثاني هذه الأسباب وأكثرها منطقيةً، هو أن قانون الإدارة المحلية الذي بموجبه يتم إجراء انتخابات المجالس المحلية، لم يحّن بعد موعد ميلاده من مجلس النواب، وليس هناك أي بوادر تُوحي بخروجه في القريب العاجل.
وثالث هذه الأسباب؛ أن الدولة المصرية تتجه خلال الشهور الثلاثة المقبلة إجراء تعديلات دستورية، وهو ملف بطبيعته حساس وذو أهمية بالغة لنظام الحكم، وسيستغرق فترة واسعة حتى يتم الانتهاء منه، وعرض هذه التعديلات على استفتاء شعبي.
إذن جميع المعطيات الراهنة والمستقبلية تُوحي بما لا يدعو مجالًا للشك، أن انتخابات المجالس المحلية ستدخل إلى نفق مظلم، إن لم تكن قد دخلت بالفعل، في ظروف الدولة لا تقف في صفها.
ممدوح الحسيني، عضو مجلس النواب المصري، يؤكدّ على أنّ ليس هناك إرادة من جانب الدولة لإجراء انتخابات المجالس المحلية خلال الوقت الحالي، فمنذ عام 2015 ونحن نسمع تصريحات حكومية حول استعداداتها لإجراء انتخابات المجالس المحلية في أقرب وقت، لكن على أرض الواقع لا نجد استعدادات فعلية، وهو ما يمكن تفسيره أنّ الحكومة ليس لديها أي نية لإجرائها.
عمرو هاشم ربيع، الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، يؤكد أنّ غياب الإرادة السياسية سبب كبير وراء تأخر إجراء انتخابات المجالس المحلية لأكثر من 6 سنوات منذ اندلاع ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013،مضيفًا:" إذا كانت هناك إرادة سياسية سنرى أن قانون الإدارة المحلية تم مناقشته وإقراره في أقل من أسبوعين من جانب مجلس النواب"، متابًعا:" إلا أن إجراء انتخابات المجالس المحلية ليس ضمن الأجندة الرئيسية للدولة، وهناك ملفات عدة تشغلها وتستحوذ على اهتمامها، ليس من بينها انتخابات المجالس المحلية".
قد يهمك ايضا :
الرئيس عبد الفتاح السيسي يوقع عدد من الاتفاقيات بين مصر وشركات صينية
عبد الفتاح السيسي يٌجري محادثات مهمة مع رئيس النمسا
أرسل تعليقك