القاهرة- علي السيد
تسلّم الرئيس السوداني عمر البشير رسالة من رئيس وزراء أثيوبيا، هايلي مريام ديسالين، خلال زيارة وزير خارجية أديس أبابا، للخرطوم، السبت، وقال وزير خارجية السودان، إبراهيم غندور، في تصريحات صحافية، نقلتها وكالة الأنباء السودانية "سونا"، إن وزير خارجية أثيوبيا سلّم البشير رسالة من رئيس وزراء بلاده تتعلق بمجريات الأحداث بالمنطقة وعلاقات البلدين.
من جانبه، قال الوزير الأثيوبي، ورقني قبيو: "جئت في زيارة خاصة أحمل رسالة من رئيس الوزراء إلى الرئيس البشير، وسنواصل مناقشاتنا للقضايا والهموم المشتركة بين البلدين"، وأضاف: "نقف معا في السراء والضراء لأننا شعب واحد. وسيعمل رئيسا البلدين على تعزيز مصالحهما المشتركة".
وأعلن سفير أثيوبيا في القاهرة تاييي سيلاسي أن رئيس وزراء اديس أبابا هيالي ماريام ديسالين سوف يصطحب في زيارته لمصر عدد من الوزراء لحضور اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على المستوى الرئاسي، وأشار إلى أن المناقشات سوف تتطرق لملف المياه والمفاوضات المتعلق بسد النهضة وما يمكن العمل عليه الفترة المقبلة.
وأوضح السفير سيلاسي في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم" أن رئيس وزراء أثيوبيا ديسالين سوف يبحث تعزيز مجالات الصحة والتعليم والزراعة والثقافة مع الجانب المصري خلال أعمال اللجنة المشتركة والتي تعقد لأول مرة في القاهرة.
وأعلنت أثيوبيا السبت، أن مرحلة بناء سد النهضة قد بلغت نسبته 63.87 % رغم الضغوط الخارجية، فيما شهدت المفاوضات بين مصر وأثيوبيا مناقشة بشأن حول بناء سد النهضة ومدى تأثيره على حصة دولتي المصب (القاهرة والخرطوم) ولاسيما خلال فترة ملئ السد والتي تعد نقطة الخلاف بين الأطراف، حيث بدأت أثيوبيا في الإعلان صراحة عن مخططاتها لبناء سد النهضة وعرض ذلك على الجانب المصري في مايو(آيار) في العام 2011 أي بعد 3 أشهر من ثورة 25 يناير (كانون الثاني) والتي كان يحكم وقتها المجلس العسكري، وتم تنظيم زيارات متبادلة لرئيسي وزراء البلدين لبحث الملف.
بعد 4 أشهر في سبتمبر(أيلول) من العام نفسه اتفقت السلطات المصرية والأثيوبية على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهضة، ثم بدأت اللجنة أعمالها في مايو(أيار) 2012 بفحص الدراسات الأثيوبية الهندسية وتأثير السد على مصر والسودان، وبعد عام من فحص الدراسات أصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها في أيار 2013 وطالبت بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب. وقد توقفت المفاوضات عقب أحداث 30 يونيو(حزيران) في مصر التي رفضت تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب.
وبعد تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في مصر في يونيو (حزيران) 2014، اتفقت السلطات في مصر وأثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى، وبعد شهرين اتفقت السلطات المصرية والأثيوبية على تنفيذ توصيات اللجنة الدولية المشكلة في 2012 من خلال مكتب استشاري عالمي.
وفي شهر سبتمبر (أيلول) 2014 تم عقد الاجتماع الأول للجنة الثلاثية التي تضم مصر وأثيوبيا والسودان للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات، وبعد شهر اتفقت مصر وأثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة للسد، ثم جاء التوقيع الهام بين كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء أثيوبيا هايلى ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم في مارس (آذار) 2015 على وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة". وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.
وفي تموز من العام ذاته عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم الجولة السابعة لاجتماعات اللجنة الفنية وأصدرت بيانا يتضمن قواعد وأطر عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين، إلا أنه في أيلول 2015، انسحب المكتبان الاستشاريان لـ "عدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات في حيادية"، وبعد شهرين في نوفمبر(تشرين ثاني) 2015 استأنفت الاجتماعات الفنية في القاهرة والتي انتهت بتحديد جولة جديدة للتفاوض في الخرطوم بحضور وزراء الخارجية والمياه معا، ثم وقع وزراء خارجية مصر والسودان وأثيوبيا في بداية ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته على وثيقة الخرطوم التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكلف مكتبين فرنسيين لتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع، وأعلن السيسي في نهاية الشهر يعلن أن المياه مسألة حياة أو موت وهناك تفاهم مع أثيوبيا بشأن سد النهضة.
وأعلنت أثيوبيا أنها لن تتوقف عن بناء السد النهضة ولو للحظة وذلك في فبراير(شباط) 2016، وبعدها بثلاثة أشهر كشفت أنها على وشك إكمال 70 في المائة من بناء السد، وبعد عام من هذا الإعلان وبالتحديد في أيار 2017 تم الإعلان عن الانتهاء من التقرير المبدئي حول سد النهضة، وخلاف بين الدول الثلاث على التقرير، وزار وزير الخارجية المصري سامح شكري أثيوبيا في تموز من العام ذاته، ودعا لضرورة إتمام المسار الفني الخاص بدراسات السد وتأثيره على مصر.
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وافقت مصر على التقرير المبدئي للمكتب الاستشاري، وقام وزير الري المصري محمد عبد العاطي بزيارة موقع السد لمتابعة الأعمال الإنشائية، وأعرب عن قلق مصر من تأخر تنفيذ الدراسات الفنية للسد، وفي 13 تشرين الثاني أعلن وزير الري المصري محمد عبد العاطي عدم التوصل لاتفاق بعد رفض أثيوبيا والسودان للتقرير المبدئي للمكتب الاستشاري، وفشل المفاوضات، حتى أعلنت الحكومة المصرية أول أمس أنها ستتخذ ما يلزم لحفظ حقوق مصر المائية دون الكشف عن الإجراءات التصعيدية، ثم جاءت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لأثيوبيا الشهر الماضي واقترح خلالها مشاركة البنك الدولي كطرف محايد في دراسات آثار سد النهضة.
ومن المنتظر أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس وزراء أثيوبيا هيالي ماريام ديسالين على هامش أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين والتي ستعقد في القاهرة لدفع مسار التعاون بين البلدين، في حين لغ حجم التبادل التجاري بين مصر وأثيوبيا مليار دولار سنويا وذلك حسب أحدث تقرير عن العلاقات التجارية بيت البلدين.
ومن جانبه توقع سفير مصر الأسبق في أثيوبيا روبير اسكندر إن الموقف الأثيوبي لم يتغير بعد زيارة رئيس الوزراء هيالي ماريام ديسالين لمصر وان أديس أبابا سوف تواصل التعهدات والوعود فقط، وقال إن أثيوبيا تستمر في بناء سد النهضة وتستغل عامل الوقت ولا تتوقف حتى تنتهي الدراسات الخاصة بآثار السد على دولتي المصب.
أرسل تعليقك