قطع المتظاهرون العراقيون، الأحد، عددًا من الطرق في الناصرية جنوب البلاد، احتجاجًا على تكليف محمد توفيق علاوي رسمياً برئاسة مجلس الوزراء، تم قطع جسر النصر والحضارات وتقاطع البهو في الناصرية، وأغلق محتجون جميع الطرق الخارجية المؤدية إلى النجف جنوب البلاد، هذا وخرج اليوم المئات من المتظاهرين العراقيين، في مدن عراقية عدة، تعبيراً عن رفضهم تكليف علاوي لتأليف الحكومة الجديدة. وفي مدينتي الحلة والديوانية، رفع عشرات المتظاهرين شعارات تعتبر أن "علاوي هو مرشح الميليشيات الإيرانية وليس الشعب". وقطع عدد من المحتجين بعض الطرق، مؤكدين عزمهم تنفيذ خطوات احتجاجية تصعيدية.
شروط غير متوفرة
كذلك أعلنت ساحة اعتصام السماوة اليوم الأحد، رفضها للتكليف، وأصدر المحتجون بياناً اعتبروا أن علاوي لا تتوفر فيه الشروط الموضوعة من قبل ساحات الاعتصام لأنه مرشح الأحزاب، وفي مدينة الكوت، نظم عدد من طلبة جامعة واسط تظاهرة انطلقت من مبنى الجامعة إلى ساحة الاعتصام الرئيسية في المدينة، وطالب المتظاهرون بتحديد موعد للانتخابات المبكرة وعدم تسويف هذا المطلب.
كما تظاهر طلبة جامعة ذي قار الذين خرجوا في مسيرات في شوارع مدينة الناصرية وصولا إلى ساحة الاعتصام، وردد الناشطون شعارات رافضة لتكليف شخصية سياسية سابقة لشغل منصب رئيس الوزراء. كما تظاهر المئات من طلاب المدارس والجامعات، وفي مدينة الديوانية. وقام محتجون بإغلاق طريق النجف الرابط بقضاء الكوفة والطريق المؤدي إلى المطار والطريق الرابط بين محافظتي النجف وكربلاء، ودعا علاوي في كلمة له مساء السبت، لإطلاق حوار مع المتظاهرين السلميين لتحقيق مطالبهم، مطالباً باستمرار التظاهرات السلمية في العراق.
حماية التظاهرات السلمية
وتعهّد علاوي بحماية التظاهرات السلمية في البلاد وبمعاقبة المسؤولين عن قتل المحتجين، مضيفاً: "حريصون على متابعة التحقيقات المتعلقة بالاعتداء على المتظاهرين". كما تعهّد بإطلاق سراح "المعتقلين الأبرياء"، الذين سجنوا خلال الاحتجاجات.
وأكد علاوي أنه سيحارب الفساد المتفشي بالعراق بشكل جدّي، وسيعمل على حصر السلاح في يد الدولة، متعهداً بتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة. وأضاف أنه سيستقيل إذا حاولت الكتل السياسية فرض مرشحين للمناصب الوزارية، وتعهد علاوي "ببناء دولة المواطنة والمؤسسات دولة العدل والحرية"، كما وعد بالعمل من أجل تلبية مطالب المحتجين فيما يتعلق بالوظائف والخدمات.
وأضاف أنه سيجري انتخابات نيابية مبكرة في العراق بإشراف دولي، قائلاً: "أتعهد بالعمل الحثيث من أجل التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة حسب الآليات الدستورية".
صورة تغضب العراق
وتنشغل الأوساط العراقية هذه الأيام بصورة انتشرت على مواقع التواصل بشكل واسع يظهر فيها مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي المقرب من إيران أبو جهاد الهاشمي، في انعكاس الزجاج داخل قصر السلام، بينما كان الرئيس برهم صالح يسلم وثيقة التكليف لمحمد توفيق علاوي، وهو ما أثار قلقهم بأن هدفهم الكامن بالخلاص من المنظومة الحاكمة الحزبية والتي ظلت تحكم البلد 16عام بات في خطر.
وأفاد ناشطون وإعلاميون عراقيون بأن الهاشمي كان له دور رئيسي في قمع المتظاهرين نظرا لقربه من مركز صنع القرار في بغداد وإدارته لمكتب رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي.
أبو جهاد الهاشمي
اسمه الحقيقي محمد عبد الرضا الهاشمي، ولقبه أبو جهاد الهاشمي، كان يشغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، وهو منصب بدرجة وزير، ووفقا للقانون العراقي، يتمتع شاغل منصب الهاشمي بصلاحيات واسعة وكبيرة، فلا يمكن أن يمر شيء لرئيس الوزراء من قرارات أو لقاءات أو اتصالات إلا عن طريقه ويراها الهاشمي قبل رئيس الحكومة.
قريب من إيران
ينتمي الهاشمي للمجلس الأعلى الإسلامي الذي تأسس في طهران في نهاية عام 1982 وكان منتسبا لفيلق بدر الجناح العسكري للمجلس والذي انشق وتحول فيما بعد إلى حزب سياسي تحت اسم "منظمة بدر" ويرأسه حاليا هادي العامري.
وكان الهاشمي مديرا لمكتب مؤسس المجلس الأعلى محمد باقر الحكيم، ثم عمل مديرا لمكتب خلفه عبد العزيز الحكيم، ثم مديرا لمكتب عمار الحكيم قبل تأسيس الأخير تيار الحكمة الوطني وخروجه من المجلس الأعلى، حيث بقي أبو جهاد عنصرا فاعلا في المجلس الأعلى قبل قدومه من إيران بعد سقوط نظام صدام حسين.
مهندس قمع الاحتجاجات
عرف الهاشمي بقربه من إيران وخاصة من قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني الذي قتل بغارة أميركية في 3 كانون الثاني/يناير الماضي مع أبو مهدي المهندس في مطار بغداد، وعين عضوا في خلية الأزمة التي شكلها مجلس الوزراء العراقي في 3 أكتوبر تشرين الأول الماضي للتعامل مع التظاهرات، حيث كان "مهندس القمع" بشكل كبير بحسب متظاهرين.
كما يواجه الهاشمي اتهامات بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات المتواصلة منذ 4 أشهر وخصوصا توجيهه للقناصين.
الظل الخفي والفعلي
يصف الكثير من العراقيين الهاشمي بأنه رئيس الوزراء "الظل والفعلي" في العراق، وقال رئيس مرصد الحريات الصحفية في العراق زياد العجيلي في تصريح خاص له، "إن تلك الصورة دليل على أن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي ينتمي لذات المنظومة التي جاءت بعادل عبد المهدي، أي أنه رئيس وزراء تابع وليس مستقلا، والخشية هنا من أن يكون قرار ترشيحه قد جاء مع ضمانات بعدم ملاحقة المتورطين بقتل المحتجين، وفي حال تم التستر على هذه الجرائم سيتحول هذا الملف للمجتمع الدولي وستفرض عقوبات على العراق".
كما لفت العجيلي إلى أن الترحيب الدولي بترشيح محمد علاوي كان له دلالة على أن العراق بإمكانه الخلاص من التدخلات الدولية في حال قامت الحكومة بمحاسبة وملاحقة الميليشيات التي قتلت المحتجين وحاولت قمع التظاهرات، مضيفاً إلى أنه في حالة إعادة تكليف الهاشمي بمنصب مدير مكتب رئيس الوزراء، سيرفض من قبل القانون لأنه جزء من المتهمين بقمع الاحتجاجات.
المشهد في العراق لم يتغير!
وقال المحلل الاستراتيجي رعد هاشم، "إن ظهور انعكاس الصورة يعني أن المتحكمين بالمشهد السياسي والأمني باقون، وإنه ما من تغيير طرق على السياسة في العراق، كما أن ذيول إيران وعملاءها يتغولون ويتمددون وليس هناك من إرادة تتمكن من إزاحتهم".
كما نوّه إلى أن "تتغير وجوه هنا وهناك صحيح، لكن ضمن مبدأ تبادل الأدوار، فيما يبقى النهج مستمر بما يضمن انتشار عيون إيران وأدواتها حاضرا في كل المحافل والمفاصل الرفيعة لضمان مراقبة الجميع وعدم الخروج عن طاعتها، ومن يحاول التجرؤ بالتمرد أو الانحراف عن مسار ولاية الفقيه يكون مصيره العقاب الصارم".
وأشار هاشم إلى أن حالة الرئيس العراقي كانت توحي بأن هناك إملاءات يفرضها عليها أشخاص غير مريحين خلف الكواليس، حيث بدا عليه معالم عدم رضا، وحتى إنه لم يعلن أمر التكليف إلا بعد ساعات من إعلان علاوي نفسه بالخبر في خطوة لفتت أنظار الجميع.
الصدر يدعو الأمن لمنع قطع الطرق بالعراق
طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، القوات الأمنية بمنع كل من يحاول قطع الطرقات في العراق، ودعا أيضاً وزارة التربية بمعاقبة من يعرقل الدوام المدرسي، تزامنًا مع خروج المئات من المتظاهرين العراقيين، الأحد، في مدن عراقية عدة تعبيراً عن رفضهم تكليف محمد توفيق علاوي، لتأليف الحكومة الجديدة، حيث قاموا بقطع عدد من الطرق في الناصرية،
وقال في تغريدة نشرها على حسابه في "تويتر"،"إن "الثورة" يجب أن تعود إلى انضباطها وسلميتها".. وذلك لكي ينعم الجميع بحياتهم اليومية.
وأشعلت دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره، الأحد، إلى مساعدة قوات الأمن في عودة الحياة إلى طبيعتها، الشارع العراقي مجددا، وتجمع آلاف المتظاهرين، الأحد، في ساحة التحرير في بغداد، حيث مخيم الاعتصام الرئيس في العاصمة، لرفض هذه الخطوة. وقرعوا الطبول، ورددوا هتافات مناهضة للصدر.
كما ردد المحتجون هتافات رافضة لتكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، التي دعمها الصدر، قائلين: "علاوي مرفوض أحزابه مرفوضة"، وكان الصدر، الذي ينحاز في بعض الأحيان للمحتجين المناهضين للحكومة وفي أحيان أخرى للجماعات السياسية المدعومة من إيران، قد دعا أنصاره غير المسلحين، المعروفين باسم "القبعات الزرق"، للعمل مع السلطات، لضمان عودة المدارس والشركات للعمل بشكل طبيعي.
وقال الصدر، في بيان نشر على حسابه على "تويتر"، "أجد لزاما تنسيق (القبعات الزرق) مع القوات الأمنية الوطنية البطلة ومديريات التربية في المحافظات وعشائرنا الغيورة إلى تشكيل لجان في المحافظات، من أجل إرجاع الدوام الرسمي في المدارس الحكومية وغيرها، كما وعليهم فتح الطرق المغلقة لكي ينعم الجميع بحياتهم اليومية، وترجع للثورة سمعتها الطيبة".
وأضاف، "أنصح القوات الأمنية بمنع كل من يقطع الطرقات، وعلى وزارة التربية معاقبة من يعرقل الدوام من أساتذة وطلاب وغيرهم"، وساعد بعض أنصار الصدر بالفعل على إخلاء أماكن الاحتجاجات في ساحة التحرير في بغداد أثناء الليل، وفق ما ذكرت رويترز.
واندلعت الاحتجاجات في بغداد وعدد من المدن الجنوبية، مساء السبت، فور تكليف الرئيس برهم صالح لعلاوي بتشكيل الحكومة، في محاولة لإنهاء الاضطرابات السياسية، وقبل بضع ساعات من تعيين علاوي هاجم أفراد من القبعات الزرق مسلحون بالعصي مبنى في ساحة التحرير، يعرف باسم المطعم التركي، يحتله المتظاهرون منذ أكتوبر، وبدا المبنى خاليا تقريبا، الأحد، ووقف أفراد القبعات الزرق خارجه يحملون أجهزة اللاسلكي للحراسة.أشعل تحرُّك الصدر و"القبعات الزرق" الشارع العراقي مجددًا.
قد يهمك أيضا :
تجدد التظاهرات في العراق رفضا لمرشحي الأحزاب المقربة من إيران لرئاسة الحكومة
احتجاجات العراق تدخل يومها الـ60 و"ثورة" الشارع لا تزال مستمرة
أرسل تعليقك