"خليه يعفن"، اسم لحملة شعبية في مصر، تم تدشينها منذ ما يقرب من 48 ساعة فقط، بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار السمك الذي لم يشهد له مثيلًا من قبل، هدفها مقاطعة الأسماك في جميع محافظات الجمهورية الـ 27، بعد ارتفاع سعر السمك على أنواعه في جميع الأسواق ومنافذ البيع ، ليصل سعره 100 جنيه للسمك البوري، و300 جنيها للجمبري، و50 جنيها للسمك البلطي (سمك الغلابة)، في الوقت الذي فيه تعد وجبة السمك من الوجبات الرئيسية للمواطنين من محدودي الدخل.
"مصر اليوم" التقت مسؤول الحملة محمد توفيق، والذي قال إن الهدف من الحملة الضغط على تجار الأسماك؛ للحد من ارتفاع أسعارها المُبالَغ فيه، مضيفا: "السعر لا يتناسب أبدا مع متغيرات تكاليف ومستلزمات صيد الأسماك البحرية أو النيلية المحلية، وليس لهم علاقة نهائيًا لمبرراتهم التافهة بتحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار".
وأضاف توفيق: "لقد وصل الأمر إلى أن سكان المدن الساحلية يشتكون من سعر السمك، بالرغم من أنه كان من المعتاد أن يكون ثمنه رخيصا في هذه المدن مقارنة بباقي المحافظات والقاهرة، حتى أصبح السمك يعتبر وجبة رفاهية مع الوضع الاقتصادي لغالبية الشعب المصري وليس من الأساسيات إمداد الجسم بالعناصر الأساسية المهمة والعديدة بتلك الوجبة التي يعشقها الشعب المصري جميعا".
ويعترض التجار على ارتفاع أسعار الأسماك من تجار الجملة وأصحاب المزارع، كما انخفض إنتاج البحيرات المرة والتمساح والمجرى الملاحى قناة السويس من الأسماك، بنسبة 4.4 % خلال عام 2015 حيث أنتج 3524، مقابل 3685 طنًا عام 2014 بحسب تقرير رسمي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وفي جولة لـ"مصر اليوم"، في عدد من حلقات السمك في الأسواق الشعبية، يقول الحاج عبد الرحمن علي رئيس سوق السمك في المنيب محافظة الجيزة، أن غدًا سيتم إغلاق أبواب السوق، احتجاجا على أزمة ارتفاع أسعار السمك، وأكد أن أسباب أزمة ارتفاع أسعار الاسماك سببها قيام عدد من كبار التجار شراء الأسماك من المزارع بأسعار مرتفعة ويقوم بتصديرها إلى الخارج، ليبيعها مما يؤدي لتعطيش السوق المحلي.
وأضاف رئيس سوق المنيب: "لدينا الكثير من الأسر التي تم تشريدها، وذلك لإغلاق العديد من المحال داخل السوق، مطالبا الحكومة بوضع حلول سريعة لإنهاء الأزمة.
وفي تصريح خاص لـ"مصر اليوم"، قال أحد تجار السمك في وسط القاهرة، والذي قرر غلق محاله، معلقا عليه لافتة "مغلق لارتفاع سعر السمك": "قرار الغلق جاء بعد ارتفاع أسعار السمك بشكل كبير مما تسبب في عزوف المواطنين عن الشراء، والخسارة التي نتعرض لها نحن كأصحاب المحال"، ويضيف: "زيادة الأسعار سببها التجار الكبار، وليس لدينا أي سبب فيها، ولكن المواطن لا يتهم غيرنا فقررت غلق المحل".
فيما طالب أحد تجار السمك بمنطقة الدقي بالجيزة، ضرورة أن يقر مجلس النواب المصري، إلغاء الجمارك على العلف، لخفض سعر الأسماك واللحوم والدجاج، قائلا: "نعانى منذ شهر، من قلة البيع بسبب السعر ولكن هذه الأيام تفاقمت المشكلة، والمواطن يعاني، والسبب في ضعف الرقابة على الأسعار من وزارة التموين، وهيئة تنمية الثروة السمكية التي لا تتابع زريعة الأسماك ولا تحافظ عليها في مصايدها الطبيعية".
وفي محافظة الإسكندرية، أغلقت محال الأسماك بـ"سوق شيديا" في كامب شيزار، احتجاجا على ارتفاع أسعار الأسماك خلال الفترة الأخيرة، وتضامنا مع حملات المقاطعة. وفي سوق السمك الرئيس في مدينة الإسماعيلية، عرض أقل من ربع التجار كميات قليلة من الأسماك، تزامنا مع حملة المقاطعة، وبرر التجار إغلاق المحال، بأنها وسيلة لاعتراض التجار على أسعار الأسماك من مصادرها. كما أغلق صغار بائعي الأسماك في أسواق بورسعيد، محالهم، كما قلل الباقون كميات المعروض أمامهم واكتفوا بالأسماك المتبقية من بيع اليوم السابق.
وفي محافظتي دمياط وكفر الشيخ، امتنع معظم المواطنين من أبناء المحافظة على شراء الأسماك من المحلات التي فتحت أبوابها، بالرغم من أن المحافظتين تعدان من أولى المحافظات على مستوى الجمهورية إنتاجا للأسماك، حيث تنتج كل محافظة منهن أكثر من 40% من إنتاج مصر من الأسماك، من خلال المزارع السمكية، وبحيرة البرلس.
وطالب أشرف عثمان عضو لجنة الزراعة في مجلس النواب، في تصريحات لـ"مصر اليوم" رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل ووزير الزراعة بتقديم سبب واضح للرأي العام حول أزمة الأسماك الحالية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، مؤكدا أن أسعار الأسماك ارتفعت إلى درجات خيالية غير مسبوقة وغير مبررة "ولن نقبل هذا". وأكد عثمان، على أهمية التدخل السريع لخفض أسعار مختلف أنواع الأسماك بالسوق المصرية وبحث الأزمة قبل أن تتفاقم، مطالبا بإحكام الرقابة على الأسواق، قائلا: "ارتفاع الأسعار بهذا الشكل ينذر بحالة من البلبلة لدى المواطن المصري البسيط".
من جانبه، قال إيهاب غطاطي، عضو مجلس النواب، إن البرلمان سيستدعي رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، للوقوف على خطة الحكومة المستقبلية للسيطرة على ملف الثروة السمكية، مضيفا: "ما يحدث الآن مع الثروة السمكية، حدث من قبل مع الثروة الداجنة، بسبب ارتفاع أسعار العلف، وسنسعى في المجلس لحل الأزمة قريبا".
وتضامنًا مع حملة المقاطعة، التقت "مصر اليوم" بعدد من المواطنين، وتقول نفيثة سيد الأهل: "أعمل موظفة بإحدى المصالح الحكومية، وزوجي موظف أيضا، وكنا نعتمد على أن نأكل سمك مرتين شهريا، بديلا عن شراء اللحمة، ولما فيه من قيمة غذائية عالية، ولكن بعد ارتفاع سعره بهذا الشكل، لن نستطيع على شرائه مطلقا، مما اضطرنا للتضامن مع حملة مقاطعته".
وقال محمود غالي، مواطن: "بالفعل تضامنا مع حملة المقاطعة، لأن ببساطة ثمن السمك أصبح مقارب لثمن اللحمة، وليس بإيدينا أي شئ سوى المقاطعة والموت جوعا، ومن حملات "خليه يعفن"، و"بلاها لحمة" يا قلبي لا تحزن، وعلى الحكومة أن تقوم بدروها بشكل أكثر". أما عبد الفتاح أدهم، فيؤكد أن حملات مقاطعة الشراء لن تؤثر مطلقًا على ارتفاع سعره، مستدلا بذلك على أن حملات مقاطعة شراء اللحمة والدواجن، لم تأتِ بأي نتائج في خفض أسعارها.
أرسل تعليقك