القاهرة ـ محمد الدوي
شنّت مباحث الجيزة، صباح الإثنين، بالإشتراك مع مصلحة الأمن العام وأجهزة الأمن الوطني والقوات الخاصة، حملات أمنية عدة مكثفة في عدد من مناطق كرداسة، والتي يختبأ فيها بعض العناصر المتطرفة، وأثبتت من خلال التحريات إشتراكها في مذبحة مركز شرطة كرداسة.وقد أشرف على الحملات، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة اللواء محمد الشرقاوي، ونائبه محمود فاروق، ومفتش الأمن العام في الجيزة العميد مصطفي
عصام، حيث تحركت السيارات المصفحة والمدرعات والقوات الخاصة تحت شعار "وطن بلا إرهاب"، وأكد الضباط الذين شاركوا في تلك العمليات أن "هدفهم الوحيد هو تطهير الإرهاب"، فيما وأسفرت تلك الحملات عن ضبط 7 عناصر يُشتبه في تورطهم في ارتكاب مذبحة القسم، وكشفت التحريات عن أن العناصر التي تم ضبطها خلال الأيام الأخيرة يتم التحقيق معها، والاستماع إلى أقوال الشهود الذين رأوهم أثناء مشاركتهم في الأحداث، كما يتم مشاهدة الفيديوهات التي تم تسجيلها أثناء الواقعة، ويتم تحديد المتهمين بها، ثم يتم إصدار أمر من النيابة العامة لضبطهم وإحضارهم.وأكدت مصادر أمنية، لـ"مصر اليوم"، أن مدينة أوسيم في الجيزة سيتم مداهمتها وملاحقة العناصر المتطرفة بها في وقت قريب جدًا، وستكون العملية في وضح النهار حتى لا يتم اتهام القوات بما يُسمونها بـ"العمليات الإجرامية".
وأعلن مدير إدارة العمليات الخاصة في قطاع الأمن المركزي اللواء مدحت المنشاوي، في تصريحات صحافية، أن قوات الشرطة نجحت في إجهاض مخططات تنظيم "الإخوان" لجر الشرطة إلى مذبحة ضد المواطنين في كرداسة، وأنه عندما تم اتخاذ قرار اقتحام كرداسة لتطهيرها من البؤر الإجرامية و"الإرهابية" التي استفحلت بها، عقب أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، حرص وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم على وضع خطة أمنية استهدفت ضبط القائمين على تلك البؤر، من دون إراقة نقطة دماء واحدة، سواء من المتهمين المطلوبين أو من أهالي كرداسة، الذين تحولت حياتهم اليومية إلى كابوس بسبب تلك البؤر.
وأوضح اللواء المنشاوي، أن "كرداسة مثلت بؤرة إجرامية وإرهابية هددت سيادة وهيبة الدولة، بل وصل الحد إلى إطلاق البعض عليها (جمهورية كرداسة)، في إشارة إلى انفصالها أمنيًا وفعليًا عن سلطة الدولة، وهو ما استلزم تدخلاً سريعًا من قِبل أجهزة الأمن لبسط هيبة الدولة فيها مرة أخرى، وأن خطة الاقتحام استندت إلى محورين أساسيين، الأول هو الحصار الخارجي لجميع المداخل والمخارج الخاصة بالمنطقة، خصوصًا في الظهير الصحراوي ومنطقة الزراعات المتاخمة لها، وهو المحور الذي قامت به قوات الأمن بالاشتراك مع القوات المسلحة، والمحور الثاني وهو الخاص بعملية المداهمات للمنازل التي تم تحديدها من خلال الاستطلاع وأجهزة البحث، لضبط المتهمين المطلوبين، والذين يبلغ عددهم 185 متهمًا، وتم التوصل إلى هويتهم من خلال الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت وتورطوا في مذبحة مركز شرطة كرداسة، التي راح ضحيتها 11 شهيدًا من ضباط وأفراد المركز.
وأضاف مدير إدارة العمليات الخاصة في قطاع الأمن المركزي، "كنا حريصون على تحديد ساعة الصفر صباحًا لاقتحام كرداسة، ورفضنا الدخول ليلاً على الرغم من سهولة الاقتحام، ولكننا خشينا على إثارة الرعب في قلوب أهالي كرداسة الشرفاء، الذين تعاونوا معنا بكل حب، وكان لهم الفضل فيما لا يقل عن 50% من نسبة نجاح العملية، حيث أن المعلومات التي أمدونا بها عن أماكن اختباء العناصر "المتطرفة"، سهّلت من مهمتنا، خصوصًا بعد لجوء عدد من تلك العناصر إلى الاختباء في بعض المنازل وسط شوارع مكتظة بالسكان، واعتمدت خطة اقتحام كرداسة أيضًا على الخداع الإستراتيجي، حيث تم الإعلان عن بدء عملية الاقتحام أربع مرات قبل ميعاد العملية الحقيقي في إطار التمويه، حيث إنه في يوم تنفيذ العملية الفعلي، لم تتوقع العناصر الإجرامية والإرهابية في كرداسة، وهو ما ساعد قوات الشرطة على السيطرة على الأوضاع بشكل كامل في أربع ساعات فقط، وإلقاء القبض على 60 من العناصر شديدة الخطورة، من بينهم ثلاثة من المتهمين الرئيسيين في ارتكاب مذبحة مركز شرطة كرداسة".
وفي ما يتعلق بالمواقف الإنسانية التي عاصرها اللواء المنشاوي في أعقاب عملية الاقتحام، قال المنشاوي، "فور الانتهاء من عملية الاقتحام والسيطرة على الأوضاع في كرداسة، أتى إلي أحد المواطنين وهو يبكي، وأخبرني أن فرح ابنته كان منذ ثلاثة أسابيع، وبعد أن تكلف تكاليف الإعداد له، حدث ما حدث في كرداسة، وخاف أن يُقيم فرح ابنته، خشية بطش تلك العناصر الإرهابية والإجرامية، بل إنهم هددوه في حال إقامته للفرح بقتل ابنته وعريسها، فقلت له: اعمل الفرح الآن، واحنا معاكم ومع كرداسة كلها، فانصرف الرجل وهو يبكي من فرحته، وأقام بالفعل عرس ابنته"، مضيفًا "كما أن هناك موقفًا آخر أثر فيّ للغاية، حيث كنا في بداية عملية الاقتحام، وكان هناك تبادل كثيف لإطلاق النار مع العناصر الإرهابية الخطرة، وفي أثناء نزولي من إحدى المدرعات لاستطلاع الأمر ميدانيًا، هاجم أحد الضباط الذي قام بدفعي باتجاه إحدى الحوائط خشية إصابتي، ثم قام بخلع الصديري الواقي من الرصاص الذي كان يرتديه ووضعه على صدري عنوة لحمايتي، فحاولت منعه، ولكنه رفض وأصر على قيامي بارتداء الواقي على الرغم من عدم معرفتي به، ولكنه موقف يعكس مدى التلاحم والحب وإنكار الذات الموجود بين القوات المشاركة".
وأكد اللواء المنشاوي، أن "قوات الأمن لن تتراجع عن حربها الشرسة ضد قوى الإرهاب والتطرف التي تحاول أن تعبث بأمن البلاد وتعيدها إلى عصور الظلام، وأن تنظيم (الإخوان) بعد أن فشل في حشد التظاهرات المؤيدة للرئيس السابق محمد مرسي، لجأ إلى التصعيد من خلال انتهاج العنف ومحاولة جرّ قوات الشرطة إلى مواجهات مباشرة للاستفادة بها خارجيًا، إلا أن قوات الشرطة لم تمنح له الفرصة لذلك، وواصلت عملها طبقًا للقانون ومن دون أي تجاوز، بل مثلت ضربة القبض على المتحدث باسم التنظيم جهاد حداد ضربة قوية لهم، خصوصًا وأنه كان المسؤول عن ترويج أكاذيبهم المضللة وادعاءاتهم تجاه قوات الشرطة والقوات المسلحة خارجيًا"، مشيرًا إلى أن "الأوضاع الأمنية في سيناء شهدت تحسنًا ملحوظًا بفضل العمليات الموسعة التي تشنها القوات المسلحة وقوات الأمن في كل ربوع أرض الفيروز، خصوصًا في القرى التي ظلت لسنوات طويلة ملاذًا للجماعات الإرهابية، مثل قرى التومة والجورة والشيخ زويد والمهدية، وأن الانتشار الأمني المكثف في سيناء، أدى إلى تغير كيفي في العمليات الإرهابية، وأن العناصر الإرهابية والتكفيرية كانت في البداية تلجأ إلى المواجهة المباشرة مع قوات الأمن، من خلال استخدامها للأسلحة الثقيلة، ومن بينها المدافع النصف بوصة والمدافع الهاون وقذائف الـ(آر بي جي)، ولكنها الآن تلجأ إلى العمليات الخسيسة الغادرة، حيث تستهدف حاليًا الآليات والمركبات العسكرية والشرطية من خلال العبوات الناسفة والألغام التي يتم زراعتها على الطرق، وأنه سيتم قريبًا خلو سيناء من الإرهاب".
وتابع مدير إدارة العمليات الخاصة في الأمن المركزي، أن "الجهود غير العادية التي قامت بها القوات المسلحة لردم وهدم الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة، كان لها مفعول السحر في الحدّ من الأنشطة الإرهابية في سيناء، حيث توقف توافد العناصر المتطرفة الخطرة التي كانت تدخل إلى البلاد عبر تلك الأنفاق، وهي عناصر مختلفة الجنسيات من بينها فلسطينيون وسوريون وأفارقة وباكستانيون وأفغان، مما ساعد قوات الأمن على تضييق الخناق على العناصر الإرهابية الموجودة في سيناء، وعدم إعطائها الفرصة للهروب عبر الحدود الدولية".
وبشأن طبيعة عملية إدارة العمليات الخاصة، قال المنشاوي، "إن العمليات الخاصة هي إحدى أهم الإدارات الأمنية في وزارة الداخلية، وأنها تختص في الأساس بمهمتين أساسيتين, الأولى تتعلق بتأمين المنشآت المهمة والحيوية مثل ميناء القاهرة الجوي، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، ووزارة الخارجية، وسنترال رمسيس، بالإضافة إلى تأمين مختلف السفارات والقنصليات والشخصيات المهمة، والمهمة الثانية للعمليات الخاصة، تتمثل في مشاركتها في المأموريات المهمة مع قطاع الأمن الوطني، وقطاع مصلحة الأمن العام، وإدارات البحث الجنائي، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات في مختلف أنحاء الجمهورية، حيث تقوم الجهة صاحبة الاختصاص بتقديم المعلومات المتوافرة عن المأمورية إلى العمليات الخاصة، والتي تقوم بدورها بالإعداد لها والاستطلاع لتقدير حجم القوات وتجهيزها وفقًا للمعلومات الواردة، ثم تقوم بعد ذلك بوضع خطة تنفيذ المأمورية ثم البدء في تنفيذها"، مضيفًا أن "أشهر العمليات التي شاركت بها للعمليات الخاصة أخيرًا، العمليات الأمنية في سيناء، واقتحام قرية دلجا في محافظة المنيا، واقتحام منطقة كرداسة، ومنطقة أبوخليفة في الإسماعيلية وتطهيرهم من العناصر الإجرامية والإرهابية الخطرة، وضبط كمية من الأسلحة المتنوعة وكميات هائلة من الذخائر بحوزة تلك العناصر، بالإضافة إلى المشاركة فيى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والسيطرة على مجريات الأمور خلال أحداث مسجد الفتح، واشتركت الإدارة أيضًا بشكل محورى في إلقاء القبض على معظم قيادات وكوادر تنظيم (الإخوان)، بدايةً من رئيس حزب (الحرية والعدالة) سعد الكتاتني، وأمين الحزب في الجيزة حلمي الجزار، مرورًا بنائبي المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر ومحمد بيومي، حتى إلقاء القبض على المرشد العام للجماعة محمد بديع، والقياديين في الجماعة محمد البلتاجي وصفوت حجازي، بالإضافة إلى عدد من القيادات والكوادر الإدارية والتنظيمية للجماعة، والتي ساهم إلقاء القبض عليهم في تقويض محاولات الجماعة لنشر الفوضى في الشارع المصري".
وأكد اللواء مدحت المنشاوي، أن جميع ضباط وأفراد ومجندي العمليات الخاصة، بل وجميع أبناء جهاز الشرطة، على استعداد تام لتقديم أرواحهم فداءً لأمن وأمان مصر، مشددًا على "عزم رجال الشرطة على مواصلة جهودهم الحثيثة، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشارع المصري".
أرسل تعليقك