القاهرة ـ أشرف لاشين
تسبَّب فشل المفاوضات بين "القاهرة وأديس أبابا" حول بناء سدّ الألفيَّة وإصرار الجانب الإثيوبيّ على المضيّ قدمًا في بنائه دون النَّظر للجانب المصريّ، في خلق حالة من الغضب داخل الشارع المصريّ الذي يطالب الحكومة باتِّخاذ خطوات تصعيديَّة لمواجهة التعنُّت الإثيوبيّ، حتى لو كان من بين تلك الخطوات التدخُّل العسكريّ مع إثيوبيا.
وتوقَّع
بعض السياسيين أن تقوم القاهرة بتوجيه ضربة عسكرية محدودة تجاه "أديس أبابا" لوقف بناء السدّ.
وكشف رئيس حزب التحرير المصريّ، الدكتور إبراهيم زهران، أنه على الرغم من إعلانات وتهديدات القاهرة الصارمة "لأديس أبابا" التي تصرّ على المضي قدمًا في بناء السد الضخم نافية أي إحداث للضرر بمصر، إلا أن احتمال نشوب حرب بين البلدين هو احتمال ضئيل نظرًا لأن القاهرة لم تستنفد كل الطرق والحلول مع الجانب الإثيوبيّ حتى الآن.
وتوقع زهران توجيه ضربة عسكرية تجاه السد حال استنفاد كل الطرق والحلول مع الجانب الإثيوبيّ، مضيفًا أنه نظرًا للمسافة الشاسعة التي تفصل بين الدولتين، فمن المحتمل توجيه الضربة العسكرية من خلال صواريخ طويلة المدى أو عبر الطائرات الحربية.
وحذر زهران من أن توجيه الضربة العسكرية سيكون له عواقب كبيرة على المنطقة .
وطالب زهران الحكومة المصريّة باتخاذ خطوات أكثر تصعيدًا وجدية مع الجانب الإثيوبيّ للاستجابة لمطالب القاهرة.
وفي ذات السياق أكّد رئيس حزب الأحرار الدكتور مدحت نجيب، أن غارة جوية محدودة على السدّ يمكن أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء بالنسبة لوضع السد ، خاصة أن إثيوبيّا تفتقر إلى الوسائل للرد على مثل هذا الهجوم.
مضيفًا لكن في هذا الحإلىة ستكون مصر قد خاطرت بكسب توتر وغضب المجتمع الدولي إزاء رؤية علاقاتها مع أفريقيا وتكتسب أديس أبابا تعاطفا دوليًّا أكبر.
ويشير أستاذ القانون الدوليّ العامّ وعضو المجلس المصريّ للشؤون الخارجية الدكتور أيمن سلامة، إلى أنه رغم أن المفاوضات الثنائية المباشرة هي أقدم أسلوب لتسوية النزاعات الدولية وأكثرها انتشاراً إلا أنه وبعد أن تعثرت هذه المفاوضات نتيجة تعنت إثيوبيّا وإنكارها للحقوق التاريخية المكتسبة لمصر في نهر النيل وهو ما يزيد الشقة ما بين مصر وأثيبويا، ويمكن "للقاهرة" أن تلجأ إلى وسيلة أخرى من الوسائل الدبلوماسية السلمية لتسوية نزاعها حول سد النهضة وحيث تعتبر الوساطة إحدى الوسائل السلمية الدبلوماسية لتسوية النزاعات بين الدول.
ويؤكّد أستاذ القانون الدولي، إلى أن أسلوب الوساطة منصوص على ه في المادة 33 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة بأن تتفق الدولتان على قيام دولة أو منظمة دولية، أي إيجاد حل لذلك النزاع عن طريق اشتراك ذلك الطرف الثالث في سائر المفاوضات القائمة بين مصر وإثيوبيّا ومحاولة تقديم اقتراحات وحلول إبداعية غير نمطية يمكن أن يقبل بها الطرفان في محاولة لتقريب وجهات النظر والخلوص إلى تسوية النزاع القائم على أن يكون الطرف الثالث محلّ ثقة من الطرفين.
ويضيف أستاذ القانون الدولي، يجب على مصر أن تنتهج نهجا مغايراً عن سائر ما قامت به في السابق، بأن يقوم الوفد المصريّ بإعداد ملف جديد وتوثيق لا يتضمن فقط الحقوق المصريّة الثابتة ولكن أيضًا الردود القانونية على الدفوع الإثيوبيّة وذلك وفقا للمواثيق والأعراف الدولية المستقرة في كيفية الانتفاع المنصف المشترك لمياه الأنهار الدولية .
ويشير استشاري إدارة الموارد المائية الدكتور عبدالرؤوف درويش، إلى أنه يجب على الجانب المصريّ أن يكون جاهزًا في أي وقت لكل الاحتمالات المتوقع حدوثها مع الجانب الإثيوبيّ بسبب تعنتها في حل الأزمة حول سدّ الألفيَّة مع القاهرة .
وأكّد أنه يجب علينا أن نحاول إقناع الدول الداعمة لـ"أديس أبابا" في بناء السد أن تتوقع عن ذلك لأنه يهدد الأمن القومي المصريّ، وتساءل درويش نحن لا نعلم حتى الآن حقيقة المفاوضات التي تتم بين "القاهرة وأديس أبابا" .
ولفت استشاري الموارد المائية أن إعلان مصر عن مشروع ربط نهر الكونغو بـ"النيل" يعد ضمن البدائل المطروحة لتزويد مصر من المياه خاصة في ظل تصاعد الأزمة، ولكن تحقيق هذا المشروع يحتاج إلى تكاليف باهظة بالإضافة إلى إرادة سياسية كبيرة.
فيما أكد الخبير العسكري أركان حرب طيار اللواء محمد زكي عكاشة، أنه في حالة عدم وجود مخرج دبلوماسي لحل الأزمة القائمة بين القاهرة وأديس أبابا فإن الخيار العسكري لن يكون مستبعدًا، لأن مسألة الأمن المائيّ بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي لا يمكن التهاون فيها.
أرسل تعليقك