القاهرة ـ محمد الدوي
شدّد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، على متانة العلاقات والروابط القويّة بين الأزهر والكنيسة المصريّة على مر التاريخ، والتي تنعكس في التجربة الفريدة بمبادرة "بيت العائلة" التي تحظى باهتمام الجانبين.
جاء ذلك في الكلمة التي وجهها شيخ الأزهر إلى المشاركين في الاجتماع الأول لـ"بيت العائلة" المصريّة في سوهاج، وألقاها نيابة عنه وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، لمناسبة افتتاح "بيت العائلة" في المحافظة رسميًّا اليوم السبت، بمشاركة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ومحافظ سوهاج اللواء محمود عتيق، والأنبا كيرلس ممثل البابا تواضروس الثاني، وممثلين عن الكنيسة الإنجليّة في سوهاج، ورئيس هيئة الأوقاف المهندس صلاحي جنيدي، ولفيف من علماء الدين الإسلاميّ والمسيحيّ أعضاء "بيت العائلة".
وثمّن الطيب، تجربة "بيت العائلة" الفريدة التي يباهي بها الأزهر الشرق والغرب، والتي تجمع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة اللذين يتبادلان رئاسته من دون أية غضاضة، مشدّدا على أن العلاقة بين الأزهر الشريف والكنيسة لم تتاثر بأناس ضلّوا الطريق، محاولين النيل من الوحدة الوطنية، وأن الأزهر والكنيسة قادران على رد هذه التوجهات، وأن فكرة "بيت العائلة" مشتركة بين الأزهر والكنيسة باعتبارهما شريكين يتفقان على حب الوطن، مشيرًا إلى وصية الرسول عليه السلام بأقباط مصر، ومشيدًا بالعلاقات الوطيدة بين المسلمين والمسيحيين، قائلا "إذا تهدّمت المساجد يُصلي المسلمون في الكنائس، وكذلك إذا تعرّضت الكنائس لأي مكروه فالمسيحيين مع المسلمين في المساجد".
وتمنّى شيخ الأزهر من فرع "بيت العائلة" في سوهاج، أن يكون قائدًا وينضم إلى الجهود المباركة للمصالحة في المحافظة برعاية المحافظ، لتكون نموذجًا يُحتذى به في المدن والقرى والمحافظات الأخرى في صعيد مصر.
من جهته، أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن "بيت العائلة" يعود بالعلاقة بين أشقاء الوطن إلى سابق عهدها من المودة واللحمة الصادقة على أرضية وطنيّة كاملة، مطالبًا بتشكيل فرق عمل مشتركة من الجانبين، لتنظيم أنشطة ثقافيّة واجتماعيّة وتعليميّة بين الشباب المسلم والمسيحيّ، تعكس العلاقات الوطنية بين أشقاء الوطن، وتركز على الجوانب الإنسانية والمشروعات التنمية من خلال مؤسسات المجتمع المدنيّ، وتنفيذ مشروعات صغيرة وأنشطة إنسانية خالصة، بعيدًا عن أي أبعاد عقائديّة أو حزبيّة.
وطالب وزير الأوقاف، بالانطلاق على أرضية وطنية مشتركة وحقيقية بين أشقاء الوطن، والتحول من الشكل إلى العمل الذي يترجم على أرض الواقع عبر تقوية اللحمة الوطنية، مؤكدًا أن ما طرأ على الطبيعة السمحة للمصريين مجرد "سحابة صيف"، وأن الأزهر الشريف يقوم بدوره في التصدي للتشدّد، مشيرًا إلى دور "بيت العائلة" في بدء شراكات اقتصاديّة تصبّ لصالح الوطن، وهو ما عرفه التاريخ عن شعب مصر من وحدة وطنية تكون صدًا للتطرّف في مصر والمنطقة.
وأشاد محافظ سوهاج اللواء محمود عتيق، بالروح الوطنيّة الكبيرة بين المسلمين والمسيحيين في المحافظة، معربًا عن ترحيبه بفتح فرع "بيت العائلة" في سوهاج، ليكون له دور في المصالحات وفي المدرسة والجامعة والكنيسة وفي حل المشاكل التي يواجهها المواطن السوهاجي، مؤكدًا أن وحدة أبناء الوطن من مسلمين ومسيحين هي القادرة على بناء مصر الجديدة وإعادة الاستقرار والأمن إليها.
وأكّد رئيس جامعة سوهاج الدكتور نبيل نورالدين، التوافق الكامل بين طلاب الجامعة بعيدًا عن أية محاولات لإثارة الفتن بين أشقاء الوطن، مشيرًا إلى البرامج التي تنفذها الجامعة.
وثمّن الأنبا كيرلس، ممثل البابا تواضروس وآباء الكنيسة، دور الأزهر الشريف في نشر مفهوم الوسطية والاعتدال، وبجهود الإمام الأكبر وقداسة البابا لمواجهة ثقافة الكراهية، ونشر الحب بين الجانبين.
وشدّد عميد كلية الدعوة الإسلاميّة الدكتور محيي الدين عفيفي، على ضرورة ضبط الخطاب الدينيّ في مصر بعد العطب الذي أصابه من تشدّد وتعصّب يتنافى مع وسطية وسماحة الإسلام، وبتغيير ثقافة الكراهية بين أشقاء الوطن والتركيز على المشتركات الإنسانية بينهما، موضحًا أن "بيت العائلة" لا علاقة له بحرية شعائر الدين لكل جانب، وأن اللجان النوعية في البيت تهتم بتعزيز التعاون بين الجانبين.
ومن المنتظر أن يلتقي وزير الأوقاف ووكيل الأزهر خلال زيارتهما إلى محافظة سوهاج، في وقت لاحق اليوم السبت، مع الأئمة والدعاة في المحافظة.
أرسل تعليقك