التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي فرانسوا أولاند في قصر الآليزيه، وعقب مراسم الاستقبال الرسمية واستعراض حرس الشرف، عقد الرئيسان جلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين، وبمشاركة رئيس الوزراء الفرنسي، ووزراء الخارجية والمال والدفاع الفرنسيين.
وضمّ الوفد المصري وزراء الخارجية، والتجارة والصناعة، والتموين والتجارة الداخلية، والاستثمار.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف، أنّ المباحثات تناولت سبل تعزيز والارتقاء بالعلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، إضافة إلى بحث عدد من المواضيع الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، وفي مقدمتها عملية السلام في الشرق الأوسط، وجهود مكافحة الإرهاب، فضلًا عن استعراض الأوضاع في كل من العراق وسورية وليبيا.
وأعرب الرئيس أولاند عن دعم بلاده الكامل لمصر، ولمسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تقوم بها الحكومة المصرية، سواء عبر دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو مواصلة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، مثمنًًا توجه مصر نحو استكمال الاستحقاق الأخير لخارطة الطريق، المتمثل في الانتخابات البرلمانية.
وأكّد الرئيس أولاند أنّ "مصر تعد شريكًا استراتيجيًا لفرنسا، وتمثل مركز الثقل الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط"، مبديًا اهتمامه بتعزيز التعاون مع مصر في المجالات كافة، مجدّدًا دعم فرنسا لمصر في إطار الاتحاد الأوروبي، وحشد المساندة السياسية والاقصادية الأوروبية لمصر في المرحلة المقبلة.
ومن جانبه، أعرب الرئيس السيسي عن شكره للرئيس الفرنسي على الاستقبال الحار والحفاوة البالغة، مشيرًا إلى أنّ "الأمر ليس بغريب على فرنسا، في ضوء التاريخ الطويل، وعلاقات الود والصداقة بين الدولتين"، مشيدًا بقوة الدفع التي تشهدها العلاقات الثنائية، وهو ما يعكسه توالي الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الدولتين.
واتفق الجانبان على مواصلة العمل المشترك لدفع أوجه التعاون الثنائي كافة بين مصر وفرنسا، في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والثقافية والعسكرية، للوصول بها إلى المستوى المتميز للعلاقات السياسية بين البلدين.
وأشاد الرئيس السيسي بإستئناف العمل وتفعيل المشاريع الفرنسية في مصر، فضلًا عما لمسه أيضًا من حرص فرنسي على زيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، لاسيما على مستوى المشاريع القومية الكبرى، كما أثنى على إعلان فرنسا عن تخصيص موسم ثقافي مصري في فرنسا عام 2018، معتبرًا أنها جميعًا مؤشرات تدل على مدى قوة ومتانة العلاقات بين بلدين والشعبين الصديقين.
وأبرز المتحدث الرئاسي أنه "عكست المباحثات الثنائية تقاربًا كبيرًا في المواقف، ووجهات النظر بين البلدين، إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية. ففي شأن القضية الفلسطينية، التي تعد القضية الأهم والأبرز للعالمين العربي والإسلامي، اتفق الجانبان على ضرورة بذل الجهود الممكنة من جميع الأطراف المعنية، لاستئناف عملية السلام في أقرب وقت ممكن، ووفقًا للمرجعيات الدولية المتفق عليها، وعلى أساس حل الدولتين، بما يكفل إقامة دولة فلسطينية تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل".
وفي شأن الأوضاع في العراق، أضاف "كان هناك توافقًا في الرؤى على ضرورة العمل معًا ومع الحكومة العراقية ومع مختلف أطراف المجتمع الدولي، لمساندة العراق في مواجهة خطر الإرهاب، الذي مازال يهدد سلامة شعبه وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه، وتوجيه الدعم للجهود الكبيرة التي تقوم بها الحكومة العراقية بغية توحيد الصف، والإبتعاد عن إقصاء أي مكون من مكونات الشعب العراقي الشقيق، بما يمكنه من مواجهة التحديات الجسيمة التي يواجهها وإستعادته للأمن والاستقرار".
وعن الأزمة السورية، عكست المناقشات تفاهمًا كبيرًا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة، بما يضمن حقن دماء أشقائنا في سورية، ويحمي مؤسسات الدولة السورية ويحافظ على وحدة التراب السوري، لما فيه مصلحة الشعب السوري الشقيق.
وعلى صعيد الأوضاع في ليبيا، أعرب الجانبان عن قلقهما إزاء التطورات السلبية والعنف الذي تشهده الساحة الليبية، ومحاولة بعض التيارات المتطرفة فرض كلمتها وأجندتها على الشعب الليبي.
وتم الاتفاق على ضرورة العمل على وقف هذا النزيف المستمر لمقدرات هذا البلد الشقيق، عبر احترام خيارات الشعب الليبي ودعم مؤسساته الشرعية، وعلى رأسها البرلمان والجيش الوطني، وإرساء الحوار بين الأطراف الليبية الملتزمة بنبذ العنف والإرهاب، كما تم التأكيد على ضرورة توقف الأطراف الخارجية عن دعم الجماعات المتطرفة في ليبيا بالسلاح أو المال.
وتطابقت مواقف الدولتين كذلك إزاء قضايا القارة الأفريقيّة، وضرورة دعم جهود السلام وإرساء الديمقراطية ومساندة جهود التنمية الإقتصادية في مختلف بلدانها، كما توافقت الرؤى على أهمية دعم التعاون بين دول ضفتي المتوسط، لاسيما في شأن جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية ودعم جهود التنمية المستدامة في جنوب المتوسط.
وفي ختام المباحثات، وجه الرئيس السيسي الدعوة لنظيره الفرنسي لزيارة مصر في المستقبل القريب، للمشاركة في مراسم افتتاح مشروع تنمية محور قناة السويس.
وعقب المباحثات، حضر الرئيسان مراسم التوقيع على ثلاث اتفاقات، هي اتفاق قرض بقيمة 70 مليون يورو لدعم الخطة القومية لربط وإمداد شبكة الغاز الطبيعي، واتفاق تنفيذي بقيمة 80 مليون يورو لدعم التوظيف والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المناطق العشوائية، وإعلان نوايا بقيمة 344 مليون يورو، لعربات وقاطرات المرحلتين الثالثة والربعة من الخط الثالث لمترو القاهرة.
وعقد الرئيسان مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا في قصر "الإليزيه"، استهله الرئيس السيسي بتوجيه التحية لمئات من أبناء الجالية المصرية في فرنسا، الذين اصطفوا لتحيته، صباح الأربعاء، عقب مراسم الاستقبال الرسمي، معربين عن سعادتهم بزيارته إلى فرنسا، وتأييدهم له وتمنياتهم لمصر بتحقيق كل التقدم والازدهار.
أرسل تعليقك