أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، والتي يتعين ألا تُدار وفقاً للمشروطية، وأن تقوم على ندية كاملة ورغبة حقيقية في إحلال السلام والاستقرار واحترام حقوق الإنسان.
وشدد الرئيس السيسي، أثناء استقبال رئيس مجموعة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي جياني بيتالا، صباح الجمعة، في القصر الرئاسي، على أهمية دعم العلاقات المصرية – الأوروبية في شتى المجالات، ومن بينها الشق البرلماني، منوهًا إلى أهمية تعزيز العلاقات بين البرلمان الأوروبي ومجلس النواب المصري، الذي تعد انتخاباته آخر استحقاقات خارطة المستقبل.
وحضر اللقاء وزير الخارجية سامح شكري، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر السفير جيمس موران.
ونقل المسؤول الأوروبي، حسب بيان صادر عن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير علا يوسف، تعازي الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي إلى مصر، في سقوط شهداء الحادث الإرهابي الآثم، الذي وقع في شمال سيناء، مؤكدًا "أهمية تعزيز التعاون المصري – الأوروبي، لاسيما في ضوء الجهود الدؤوبة التي تبذلها الحكومة المصرية على الاتجاهات كافة، وفي مقدمتها استحقاقات خارطة المستقبل".
وأشاد بيتالا بما تم إنجازه حتى الآن على الصعيد السياسي، وكذلك في مجال الإصلاح الاقتصادي، معربًا عن تطلُع الاتحاد الأوروبي لأن تتواكب تلك الجهود مع تحقيق تقدم في مجالات الحقوق والحريات، سواء كان ذلك على صعيد حرية الصحافة والأحكام الصادرة في حق الصحافيين، أو قانون التظاهر.
ووصف بيتالا الدور المصري إقليميًا بـ" الرائد"، معتبرًا أنه "نجح في تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإقرار الهدنة"، مطالبًا بـ"استمرار الجهود المصرية بغية استئناف العملية السلمية، وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية"، مشددًا على محورية الجهود المصرية في هذا الصدد.
وشدّد الرئيس السيسي، حسب البيان، على التزام مصر وسعيها الدؤوب لتأسيس دولة ديمقراطية حديثة ومتطورة، مشيرًا إلى أهمية أن ينظر الاتحاد الأوروبي إلى مصر نظرة موضوعية، ومنوهًا إلى أنَّ "ما يتم اللجوء إليه من بعض الإجراءات لحماية الأمن القومي، إنما تعد موقتة وتفرضها ضرورة التعاطي مع الموقف الأمني الراهن، وما تتعرض له مصر من أعمال إرهابية، تنال من أبناء الشعب المصري، فضلاً عن أن الوعي الذي اكتسبه الشعب المصري من تجاربه على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة جعله يصرّ على الحصول على حقوقه، وعلى تطبيق قيم الديمقراطية التي كانت جزءًا جوهريًا من مطالبه في ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 2011".
وأضاف الرئيس أنه "لا يمكن تقييم الأوضاع في مصر بمعزل عن محيطها الإقليمي، وما يجري في دول المنطقة"، لافتًا إلى أنَّ "سيناء كانت في سبيلها لأن تكون بؤرة إرهابية، لولا أن أدرك الشعب المصري حقيقة الأمور وثار في الثلاثين من حزيران/يونيو 2013، بغية التغيير"، معتبرًا أنه "لو تُركت الأمور لما كانت عليه لأدت إلى تطورات سلبية كانت ستطال دول المنطقة كافة، وكان سيصعب السيطرة على الموقف".
وعلى صعيد الدعم المقدم إلى مصر لمكافحة الإرهاب، أوضح الرئيس أنَّ "البلاد تتطلع إلى دعم أكبر وتعاون أوثق مع دول العالم المُحبة للسلام، وهي تخوض معركتها ضد الإرهاب، لا سيما أنها تشن مواجهة شاملة ومباشرة مع قوى التطرف، التي وإن اختلفت مسمياتها فإن بينها قاسمًا عقائديًا مشتركًا، فضلاً عن أنَّ عدم التصدي بفعالية لهذه الجماعات المتطرفة من شأنه أن يسفر عن انفجار الأوضاع في المنطقة بأسرها، وتزايد احتمالات تأثر أوروبا ذاتها بذلك".
وفي شأن التعاطي مع حرية الصحافة والإفراج عن الصحافيين المحتجزين، بيّن الرئيس أنه "سبق أن أشار مرارًا إلى أنَّ الأسلوب الأمثل للتعامل مع التجاوزات القانونية للصحافيين تكون بترحيلهم إلى خارج البلاد وليس بسجنهم، ولكن طالما أن هذه القضايا أضحت منظورة أمام القضاء فلا يمكن التدخل فيها أو التعقيب على أحكام القضاء المصري، الذي يتمتع باستقلالية كاملة، نص عليها الدستور المصري، في ضوء دولة المؤسسات التي نحرص على ترسيخها".
وعن تعديل قانون التظاهر، أردف أنَّ "هذا القانون مستمد من القوانين الغربية"، مشيرًا إلى "ضرورة أن تطَّلع الدول الغربية على هذا القانون ولا تكتفي بالاستماع فقط إلى الرؤى الناقدة له".
وأكًدً أنَّ "التظاهر حق لكل مواطن يريد أن يعبّر عن رأيه، بطريقة سلمية وفي إطار القانون، ولا يمكن أن تُترك هذا الظاهرة لتتحول إلى أعمال عنفٍ وتعطيل لمسيرة الوطن وتخريب للمنشآت العامة والاعتداء على الممتلكات".
ووجّه المسؤول الأوروبي الشكر الرئيس على إيضاح الحقائق في شأن المواضيع محل النقاش، مؤكّدًا أهمية دعم العلاقات الأوروبية مع مصر سياسيًا واقتصاديًا، مبرزًا أنَّ "مصر دولة ذات حضارة عريقة، فضلاً عن كونها دولة قوية وراعية للسلام"، منوهاً إلى أنّ "المرحلة المقبلة يمكن أن تشهد دعمًا وتفعيلًا للعلاقات المصرية – الأوروبية، في ضوء تولي وزيرة الخارجية الإيطالي منصب الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي".
وأشار إلى أنّه "سيقوم بنقل الموقف إلى كل من رئيس البرلمان الأوروبي ورئيس المجلس الأوروبي للعمل على زيادة دعم مصر ومساندتها في المرحلة المقبلة.
وأعرب بيتالا عن دعم الاتحاد الأوروبي لمصر في حربها ضد الإرهاب، بأشكاله كافة، وضد التنظيمات الإرهابية المتطرفة، بغض النظر عن مسمياتها، معربًا عن اتفاقه مع الرؤية المصرية بضرورة وضع استراتيجية شاملة لمكافحة العقائد المتطرفة، وليس فقط تنظيمات بعينها.
وأكّد أنَّ "لمصر حق في الدفاع عن أمنها القومي"، مبديًا تفهمًا للملاحظات التي تم طرحها في شأن قانون التظاهر، مبرزًا أنَّ "المظاهرات بوجه عام يتعين أن تتم في إطار سلمي".
وأبرز بيتالا "أهمية المؤتمر الاقتصادي الذي تستضيفه مصر في شباط/فبراير المقبل"، مؤكدًاً أنّه "أوصى بالعمل على ضمان مشاركة أوروبية فاعلة في المؤتمر".
أرسل تعليقك