القاهرة – أكرم علي
ترشّح حمدين صباحي للرئاسة المصرية للمرة الأولى في عام 2012، حيث نافس عددًا من المرشحين، بينهم مرشح حزب "الحريّة والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" آنذاك، محمد مرسي، وخسر في الانتخابات، على الرغم من حصوله على أكثر من 3 مليون صوت انتخابي، وأعاد ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وولد حمدين صباحي في الخامس من تموز/يوليو 1954، في مدينة بلطيم، محافظة كفر الشيخ، لأب وأم ينتميان للفقراء من المصريين البسطاء، حيث تربى وسط الفلاحين والصيادين، ما أضاف على شخصيته حسًا شعبيًا، يتمثل في إيمانه بالناس، وانتمائه لهم.
وكان لمنجزات ثورة "يوليو"، وأثرها على الفقراء والبسطاء، الأثر الكبير في تكوين قناعات فكريّة، وانحيازات اجتماعية، ترسخت مع مرور الزمن وتجاربه، لدى صباحي، الذي عاصر، مع بدء تفتح وعيه، الأحلام الكبرى للمرحلة الناصريّة، فحلق مع إنجازاتها، وتألم لانكساراتها.
وأثناء دراسته في المرحلة الثانوية تلقى مع الشعب المصري والعربي صدمة وفاة الزعيم جمال عبد الناصر عام 1970، بكاه كثيرًا، لكنه في الوقت ذاته آثر أن يخلّد ذكراه، ويحافظ على إنجازاته، ويواصل مشروعه، فكانت خطواته الأولى بتأسيس رابطة الطلاب الناصريين، في مدرسة الشهيد جلال الدين الدسوقي.
وانتخبه زملائه رئيسًا لاتحاد طلاب مدرسة بلطيم الثانوية، ومع التحاقه بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ازداد وعي حمدين صباحي السياسي، وشارك في المظاهرات الطلابية المطالبة ببدء الحرب ضد الاحتلال الصهيوني لسيناء.
وفي أعقاب نصر أكتوبر 73، تأكّد لدى حمدين ورفاقه في الجامعة أنَّ السادات يقود ردة على ثورة "يوليو" ومكتسباتها، التي جناها الشعب المصري، فبدأوا في تأسيس نادي "الفكر الناصري" في جامعة القاهرة، والذي نما وتوسّع وتطوّر في جامعات مصر، وصولاً إلى تأسيس اتّحاد أندية الفكر الناصري، في جامعات مصر، الذي كان أحد أهم المؤسسات الناصرية، التي نقلت المشروع الناصري من موقع السلطة إلى موقع المعارضة الجماهيريّة، ضد السادات وسياساته.
وتمَّ انتخابه رئيسًا لاتحاد طلاب كلية الإعلام لعام 1975 – 1976، وتصعيده نائبًا لرئيس الاتحاد العام لطلاب مصر من 1975 إلى 1977، حيث لعب حمدين، عبر تلك المواقع القيادية أدوارًا هامة ومؤثرة ، حيث كان حريصًا على أن تكون جريدة "الطلاب"، التي كان يرأس تحريرها، صوتًا معبرًا عن الحركة الطلابيّة الوطنيّة، بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها، كما ساهم بدور بارز في حشد جهود الحركة الطلابية للضغط بغية إصدار لائحة طلابية ديمقراطية، وهو ما نجحوا فيه، إثر إصدار قرار جمهوري، يرضخ لإرادة الطلاب، بإعمال لائحة 1976 الطلابيّة.
وفي عام 1977، وفي أعقاب الانتفاضة الشعبية ضد غلاء الأسعار وإلغاء الدعم، حاول أنور السادات امتصاص حالة الغضب الشعبي بعقد مجموعة من اللقاءات المباشرة مع فئات مختلفة من المجتمع، وفي هذا الإطار جاء لقائه الشهير مع اتّحاد "طلاب مصر"، والذي قاد فيه حمدين صباحي المواجهة مع السادات، وتحدث فيه بوضوح عن انتقاداته لسياسات السادات الاقتصاديّة، والفساد الحكومي المستشري، فضلاً عن موقف السادات من قضية العلاقات مع العدو الصهيوني، في أعقاب حرب "أكتوبر".
وواجه صباحي صعوبات وعوائق عديدة أثناء بحثه عن فرصة للعمل في الصحافة أو التليفزيون أو الجامعة، فقد كانت هناك تعليمات واضحة بالتضييق عليه، ومنعه من الحصول على أيّة فرصة عمل حكومية، ردًا على موقفه في المواجهة مع السادات، إلا أنَّ حمدين أبى الخضوع للسلطة، أو تقديم أيّ التماسات لها، أو التراجع عن موقفه وقناعاته.
ورفض، في تلك الفترة، السفر للعمل في الخارج، والتحق بجريدتي "صوت العرب" و"الموقف العربي"، مع الأستاذ عبد العظيم مناف، وكانت تلك الصحف صوت التيار الناصري في مصر في ذلك الوقت، كما استمر تواصل حمدين ورفاقه مع طلاب اتحاد أندية الفكر الناصري، وصاغوا عام 1979 أحد أهم الوثائق الناصرية، وهي "وثيقة الزقازيق"، التي بلورت رؤية جيل الشباب الناصري، وموقفهم من سياسات السادات.
وفي عام 1981، وقبل اغتيال السادات بأسابيع قليلة، جاءت موجة اعتقالات أيلول/سبتمبر، ضد قيادات ورموز الحركة الوطنية المعارضة للسادات، وكان طبيعيًا أن يكون حمدين صباحي بين قائمة المعتقلين.
وفي تجربة الاعتقال السياسي الأولى له كان حمدين أصغر المعتقلين سنًا بين مجموعة من القامات والرموز الوطنية.
وفي المرحلة نفسها، انضمَّ حمدين إلى تجربة تأسيس "الحزب الاشتراكي العربي" مع المناضل فريد عبد الكريم، وانخرط مع رفاقه في بناء قواعد جماهيرية للحزب، الذي كان تعبيرًا عن حلم الناصريين، بكيان تنظيمي يجمعهم وينظم جهودهم.
وكانت معركة انتخابات مجلس الشعب 2000 هي التتويج الرسمي والقانوني له كنائب في مجلس الشعب، بعدما تكرّرت محاولات السلطة لإسقاطه لكن إرادة الجماهير هذه المرة كانت أقوى، ونجحوا في فرض حمدين على النظام، نائبًا عنهم، ومعبرًا عن أحلامهم وأشواقهم وطموحاتهم.
ولم يتوانى حمدين صباحي لحظة في دورته الأولى كنائب برلماني، من 2000 إلى 2005، عن أداء واجبه كنائب عن كل الشعب، لا عن دائرته فقط.
أرسل تعليقك