القاهرة ـ محمد الدوي
أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن بالغ إدانتها لاستمرار الحكومة في السودان في اعتقال الصادق المهدي "إمام الأنصار" وزعيم حزب "الأمة" المعارض وعضو "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، وذلك منذ ليل السبت 17 أيار/ مايو 2014، على خلفية انتقاداته للانتهاكات الجسيمة لقوات الدعم السريع التابعة لاستخبارات الحكومة في السودان، وفاقم من قلق المنظمة إقدام الحكومة في السودان على اعتقال أربعة من بنات الصادق المهدي (مريم وزينب ورباح وأم سلمة) ونجله محمد أحمد الصادق المهدي، وذلك صباح الجمعة 13 حزيران/ يونيو، وعدد من قيادات المعارضة، بينهم القيادى في "التنظيم الوحدوي الناصري" منذر أبو المعالى عبد الرحمن، والقيادي في "الجبهة الوطنية العريضة" أحمد حضرة، والدكتور عبد الرحمن الغالي، والواثق البري، وحامد مرتضى كمال، والصادق عثمان، وعبد الرحمن الخليفة شريف.
وجاء ذلك بعد أقل من أسبوع من اعتقال رئيس حزب "المؤتمر" المعارض إبراهيم الشيخ عبد الرحمن الذي جرى اعتقاله في 8 حزيران/ يونيو.
وجدّدت المنظمة استنكارها للتصريحات الاستفزازية الصادرة عن مسؤولي الحكومة والحزب الحاكم، والتي تعكس إصراراً على استمرار احتجاز الصادق المهدي، والتمادي في التنكيل بالمعارضين واعتقال قياداتهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تعميق الأزمة في البلاد، والتي تواصل استفحالها خلال الشهور الأخيرة بعد موجة من التنكيل بالعشرات من المعارضين، بدأت بشباب حزب "البعث".
وشكّل اعتزام السلطات السودانية إحالة الصادق المهدي للمحاكمة إمعاناً في تعميق الانتهاك، لا سيما مع انطلاق تظاهرات مؤيديه وقوى المعارضة المحتجة على اعتقاله من ناحية، ومن ناحية أخرى، فقد أكد المجتمع الدولي على عدم استقلالية وقدرة القضاء السوداني على صيانة صيادة حكم القانون في ظل النظام القمعي في السودان تحت حكم الرئيس السوداني (المطلوب بتهم ارتكاب أسوأ الفظاعات أمام المحكمة الجنائية الدولية)، وفي وقت تجادل فيه السلطات بشأن حكم وقائي بمعاقبة سيدة مسيحية بالإعدام رجمًا بتهمة الزنا لزواجها من مسيحي، ولمجرد أنها وُلدت لأب مسلم هجرها في طفولتها تاركاً تربيتها لأم مسيحية.
وشكّلت هذه الخطوات بعض أسوأ الخطوات القمعية التي تتبعها حكومة الرئيس عمر البشير في السودان خلال الأشهر العشرة الأخيرة، وامتداداً لسياسة هروب الحكومة من الاستحقاقات الديمقراطية إلى الأمام التي تتابع الحكومة ممارستها طوال الخمسة عشر عاماً الأخيرة.
وجاءت خطوات الاعتقال الكارثية بعد تصريحات للصادق المهدي انتقد فيها ما يسميه "النظام الديكتاتوري" بـ "قوة الدعم السريع" التابعة لجهاز الاستخبارات والأمن الوطني السوداني، وأنها قوة مسلحة غير دستورية، وتعمل بتعارض واضح مع القانون وترتكب أفعالاً مؤثمة بحكم القانون، وتشكل سلوكياتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهي الانتقادات ذاتها التي يواصل قادة المعارضة توجيهها للحكومة، وسط أجواء من الترقب والحذر والانتشار الأمني الواسع في العاصمة الخرطوم ومحيطها، بما في ذلك لمليشيات القتل التي استخدمتها حكومة البشير ضد سكان إقليم دارفور غرب البلاد.
وواصلت حكومة البشير "ارتكاب انتهاكات وفظاعات في حق حقوق الإنسان في مناطق عدة من البلاد، وخاصة في إقليم دارفور غرب البلاد، ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين تتفاقم فيهما الأوضاع على نطاق واسع."
وعلَّق العديد من القوى السياسية السودانية آمالاً على ما يسمى بـ"الحوار الوطني" كبديل للإصلاح إثر المذبحة التي ارتكبتها قوات الحكومة في شهري أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ وأكتوبر 2013 في حق المشاركين في الاحتجاجات الاقتصادية والاجتماعية والمسيرات السلمية الداعية للحريات، والتي جرى خلالها قتل ما يقارب 120 متظاهراً باستخدام الرصاص الحي مباشرة، ومن دون اتباع قواعد التعامل مع الاضطرابات المدنية.
وواصلت المنظمة مطالبتها بالإفراج فوراً عن الصادق المهدي وأبنائه وزملائه من قادة وكوادر المعارضة، ولإسقاط الاتهامات الهزلية الموجهة في حقهم بمخالفة الدستور، كما تتابع مطالبتها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والفريق الخاص بالتوقيف التعسفي والمقرر الخاص باستقلال القضاء للتحرك فوراً في مواجهة هذا الانتهاك.
وتقدّمت المنظمة قد بشكوى رسمية إلى الخبير المستقل لأوضاع حقوق الإنسان في السودان التابع لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ماشود بادرين، وشملت الشكوى عدد من الانتهاكات الخاصة بالاعتقالات للمعارضين السياسيين، والتي شهدت تصاعداً مضطرداً خلال الأشهر الست الماضية، وبلغت ذروتها باعتقال الصادق المهدي منذ أسبوعين.
ووجَّهت المنظمة في 5 حزيران/ يونيو الجاري مذكرة إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان فيالأمم المتحدة، مطالبة إياه بفحص الملابسات الخاصة بالقضية، والضغط من أجل الإفراج عن الصادق المهدي وضمان سلامته.
أرسل تعليقك