واشنطن يوسف مكي
واصلت الكتائب الشيعية المتحالفة مع إيران، معركتها ضد تنظيم "داعش"، حتى نهاية الأسبوع، لكسر حصارهم على بلدة أمرلي، التي تتكون من قرى زراعية عدة سكانها من الشيعة الذين واجهوا خطر الذبح.
وبدأ القتال في شمال العراق، في أول سابقة تعاون من حيث الغرض المشترك بين الطائرات الحربية الأميركية، والكتائب المسلحة المدعومة من إيران، في معركتها ضد كتائب تنظيم "داعش"، على الرغم من تأكيد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أنه ليس هناك ثمة تنسيق مباشر بين الولايات المتحدة و المسلحين الموالين لإيران .
ويتوقع مراقبون أنه في حال استمرت المعارك العسكرية على هذا المنوال، فإن ذلك قد يعطي دليلا على تحول درامي بالنسبة إلى الولايات المتحدة و إيران، خصوصًا أن الأخيرة سعت طويلا للسيطرة على العراق، في الوقت الذي أصبح في إمكانها التنسيق مع مصالح الأميركيين، الذين طالما عانوا من عدوهم العنيد المتمثل في الكتائب المسلحة الشيعية، التي حصد مقاتلوا أرواح الجنود الأميركيين خلال فترة احتلالها للعراق.
ويعكس التوسع الأخير للعمليات العسكرية الأميركية ،مدى التدهور الذي آلت إليه الأوضاع في العراق منذ انسحاب القوات الأميركية عام 2011، لكن أي قرار بدعم الكتائب الشيعية، التي برهنت على مهارة قتالية فاقت نظيرتها في الجيش النظامي العراقي أميركي التدريب، سيأتي مثقلاً بتحدياته الخاصة.
وجاء اجتياح مسلحي تنظيم "داعش"، للمدن العراقية خلال الشهور الماضية، مدفوعًا بإحساس السنة في العرق بالاضطهاد على يد الحكومة الشيعية، بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وفي حال نظرت الأقلية السنية في العراق إلى الولايات المتحدة باعتبارها سندًا للشيعة، الذين أرهبوا السنة خلال الحرب الطائفية التي شهدتها البلاد عامي 2006 و2007، فإن من شأن هذة النظرة أن تقف حائلاً أمام مشاركة الأقلية السنية في حكومة عراقية موحدة، وهو الهدف طويل المدى بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
وحذّر قائد علميات قوات الولايات المتحدة في العراق عام 2007، ديفيد باتريوس، من هذه الاحتمالات منذ أشهر عدة، في الوقت الذي كانت فيه إدارة أوباما المتفاجئة من سقوط الموصل، لا تزال تدرس خياراتها العسكرية ضد تنظيم "داعش".
وأكد باترويس في مؤتمر أمني في لندن، في حزيران/يونيو "لا يجوز أن تتحول الولايات المتحدة إلى قوة جوية للدفاع عن المقاتلين الشيعة أو إلى طرف في نزاع شيعي ضد السنة".
وأضاف "لا بد أن تكون حرباً للعراق بأسرها ضد المتطرفين الذين يمكن أن يكونوا من العرب السنة". ونفى مسئول كبير في الإدارة الأميركية أي تنسيق بين الولايات المتحدة و المسلحين الشيعة، قائلاً إنه في حال حدوث تنسيق فإنه يتم عن طريق قوات الأمن العراقية، لكنه من المعروف أن المسلحين قاتلوا إلى جوار الجيش العراقي في الشهور السابقة، بعد أن أصبح تهديد "داعش" واضحًا.
وبيّن مسئول آخر في الإدارة الأمريكية، أن الولايات المتحدة لا تعمل بشكل مباشر مع إيران قائلاً :"نحن نعمل مع الحكومة العراقية و مع قوات (البيشمركة الكردية) هذا كل ما في الأمر".
ولفت مسؤولون أمنيون، إلى أن بلدة أميرلي، لم تحرر بالكامل، لكن القوات المشتركة تمكنت من تحرير بعض القرى من المسلحين المتطرفين.
واستغل تنظيم "داعش"، الفوضى التي نتجت عن الحرب الأهلية في سورية، ونجح في السيطرة على مساحات واسعة هناك، قبل أن يعاود التركيز على العراق، ولكنه عاد أكثر قوة حيث ألغى الحدود بين الدولتين، وكان تقدم أفراده بمثابة انفجار هدد وحدة البلد.
وشكل ظهور "داعش"، بالنسبة إلى إيران، تهديدًا كبيرًا، من شأنه زعزعة استقرار دولتين كانتا
شديدتي القرب من طهران وساعدتاها على بسط نفوذها الإقليمي في المنطقة.
لكن لاتزال أهداف الولايات المتحدة و إيران متناقضة في المنطقة، حيث أن إيران تعد حليفاً مهماً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، فيما ترغب الولايات المتحدة في الإطاحة به عن طريق دعم المتمردين، لكن توجيه أميركا ضربة عسكرية ضد تنظيم "داعش" في سورية قد ينتهي بتعزيز قوة الأسد، ويعزز من الأجندة الإيرانية في المنطقة.
واقترح الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن تعمل واشنطن و طهران سوياً لوقف الفوضى في العراق، لكن المرشد الأعلى في إيران بدا غير متحمساً للفكرة، ما جعل روحاني يتراجع السبت ليؤكد أن التعاون في المعارك ضد الجماعات التخريبية "غير ممكن".
ولم يتضح ما إذا كان هجومه الحاد على الولايات المتحدة، يعد علامة على تغير في الموقف الإيراني، أم أنه مجرد مناورة سياسة لتهدئة النقد الداخلي، أو منح طهران مساحة للمناورة فيما يتعلق بمفاوضاتها حول الملف النووي.
أرسل تعليقك