يعود المنتخب الألماني، بطل العالم، إلى ملعب "ستاد دو فرانس"، في ضاحية "سان دوني" الباريسية، بعد 7 اشهر من تلك الامسية "المرعبة" من شهر نوفمبر 2015، وذلك عندما يتجدد الموعد مع جاره البولندي، الخميس، في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة لنهائيات كأس أوروبا 2016.
ويدخل رجال المدرب يواكيم لوف إلى هذه المباراة، التي ستكون إعادة لمواجهة الفريقين في التصفيات المؤهلة الى البطولة القارية، مع ذكريات ما حصل في 13 نوفمبر الماضي، والاعتداءات الانتحارية التي شهدتها العاصمة باريس ومحيط ملعب "ستاد دو فرانس"، ما أدى الى مقتل 130 شخصًا وإصابة المئات.
وكان المنتخب الألماني يلعب حينها لقاءً وديًا مع فرنسا، خسره صفر-2، عندما حصلت الاعتداءات وسُمع صوت الانفجارات بشكل مدوي في الملعب، بعد أن فجر ثلاثة انتحاريين أنفسهم عند مداخله، ما أدى الى مقتل شخص واحد.
ولم ينس الألمان تلك الليلة المرعبة، التي دفعت قلب الدفاع جيروم بواتنغ إلى التأكيد على أن زوجته وطفليه التوأم لن يسافروا إلى فرنسا لمشاهدته يلعب مع أبطال العالم، لانه يرى أن "الخطر كبير بكل بساطة".
لكن "بواتنغ" شدد على أن ما حصل في نوفمبر / تشرين الثاني لن يؤثر سلبًا على عودة المانيا إلى "ستاد دو فرانس"، حيث ستسعى إلى تأكيد بدايتها الجيدة وفوزها في مباراتها الأولى على أوكرانيا 2- صفر.
وأكد مدافع بايرن ميونيخ أن منتخب بلاده ليس خائفًا على الاطلاق، مضيفًا: "نشعر أننا في أمان، ونركز على الأمور الرياضية، نريد أن نتحضر بشكل جيد، وهذا هو هدفنا في الوقت الحالي، ولسنا قلقين من الأمور الأخرى".
والأمر الذي يجب أن يثير قلق "بواتنغ" هو رؤية زميله في بايرن ميونيخ روبرت ليفاندوفسكي في صفوف الفريق المنافس، وبمعنويات مرتفعة جدًا، بعد أن نجحت بولندا في فك النحس الذي لازمها في كأس أوروبا، وحققت فوزها الأول، بتغلبها على الوافدة الجديدة إلى البطولة القارية أيرلندا الشمالية 1- صفر، الأحد، في نيس.
وتدين بولندا، التي كانت تحمل الرقم القياسي من حيث عدد المباريات في البطولة القارية دون أي فوز (6 في نسختي 2008 و2012)، بفوزها الغالي إلى مهاجم أياكس أمستردام الهولندي أركاديوش ميليك، الذي سجل هدف المباراة، التي هيمن عليها منتخب بلاده تمامًا، واستحق النقاط الثلاث، على حساب منافسه، الذي يخوض غمار البطولة للمرة الأولى.
ويجدد الفريقان الموعد بعد أن تواجها في التصفيات أيضا، حيث فكت بولندا عقدتها أمام الألمان وحققت فوزها الأول عليهم، من أصل 19 مواجهة، وجاء بنتيجة 2- صفر، في وارسو، بفضل "ميليك" وسيباستيان ميلا، قبل أن يستعيد أبطال العالم اعتبارهم إيابًا، بالفوز 3-1، في طريقهم إلى تصدر المجموعة.
ومن المؤكد أن "ليفاندوفسكي" سيكون مركز الثقل في المنتخب البولندي، بعد الموسم الرائع الذي قدمه مع بايرن، حيث سجل 42 هدفًا في 51 مباراة، ضمن جميع المسابقات، وساهم في قيادة النادي البافاري الى ثنائية الدوري والكأس المحليين.
وتحدث "بواتنغ" عن "ليفاندوفسكي"، الذي أصبح افضل هداف في تاريخ تصفيات كأس أوروبا، مشاركة مع الأيرلندي الشمالي ديفيد هيلي، الذي سجل 13 هدفًا في تصفيات نسخة 2008، قائلاً: "ليفاندوفسكي مهاجم من الطراز الرفيع، على صعيد النادي نحن نلعب مع بعضنا، لكننا تواجهنا عدة مرات، ومن المؤكد أننا سنصطدم ببعضنا هذه المرة أيضًا".
لكن مدافع مانشستر سيتي الإنكليزي السابق شدد على ضرورة عدم التركيز على "ليفاندوفسكي" وحسب، إذا كان المنتخب الالماني يريد تحقيق فوزه الثاني في البطولة، وضمان مقعده في الدور الثاني، معتبرًا أن "ميليك"، الذي يدافع عن الوان أياكس الهولندي، يشكل تهديدًا أيضًا. وأضاف: "من المهم جدًا أن نحقق الفوز في مباراتنا الثانية. نحن نعرف بولندا جيدًا ولن تكون المهمة سهلة، لكني واثق أنه بامكاننا حسم المباراة لمصلحتنا بفضل قدراتنا. ومن المؤكد أنه علينا توخي الحذر، لأنهم يملكون لاعبين جيدين في الهجوم، وليس ليفاندوفسكي وحسب".
وستكون مواجهة سان دوني الثانية بين المنتخبين في النهائيات القارية، بعد تلك التي جمعتهما في الدور ذاته من نهائيات 2008، حين فاز الألمان 2- صفر، بفضل هدفي المهاجم البولندي الاصل لوكاس بودولسكي، الذي قد يواجه بلده الأم للمرة السادسة خلال مسيرته في حال قرر المدرب يواكيم لوف الاعتماد على لاعب غلطة سراي التركي ومنحه مباراته الدولية الـ12.
وتحدث "بودولسكي" عن الأهمية الخاصة التي تحملها مباراة بولندا التي خرجت من نهائيات مونديال 2006 بسبب خسارتها أمام ألمانيا، المضيفة حينها، صفر-1، وهي نفس نتيجة مواجهتهما في النهائيات الأولى على الأراضي الألمانية عام 1974، حين حلت بولندا ثالثة، فيما توج أصحاب الارض باللقب.
وقال مهاجم كولن وبايرن وإنتر الإيطالي السابق: "انها مباراة مميزة بالنسبة لي، كل من يعرف قصتي يعلم ذلك. عائلتي والكثير من الأصدقاء والأقارب يعيشون هناك. على الصعيد الشخصي، آمل أن نتصدر المجموعة وأن تحصل بولندا على المركز الثاني". وواصل: "حققت بولندا تقدمًا كبيرًا في الأعوام الأخيرة، وهي خصم خطير. لقد تطوروا بشكل جيد ويملكون العديد من المواهب الشابة والكثير منهم يلعبون في الخارج.، سيواجهون صعوبة ضدنا لكنهم يملكون القدرات التي تخولهم التأهل الى الدور ثمن النهائي".
وفي المباراة الأخرى التي تقام في ليون، تسعى أوكرانيا الى التعويض على حساب أيرلندا الشمالية، من أجل تعزيز حظوظها في التأهل إلى الدور الثاني للمرة الأولى. وستشهد المباراة في دقيقتها الـ24 وقوف الجمهور تكريمًا للمشجع الأيرلندي دارن رودجرز، الذي توفي، الاثنين، في نيس، بسبب سقوطه من شرفة أحد المطاعم، بعد الخسارة أمام بولندا.
ومن المؤكد أن المباراة لن تكون سهلة على أوكرانيا، خصوصًا أن الخسارة التي منيت بها منافستها في أولى مبارياتها على الاطلاق في البطولة القارية، كانت الأولى لها في آخر 13 مباراة.
ورأى قلب دفاع ايرلندا الشمالية ووست بروميتش البيون الإنكليزي جوني إيفانز أنه على بلاده أن تكون جريئة في مواجهة أوكرانيا، مضيفًا: "من أجل أن نمنح أنفسنا فرصة جيدة للتأهل، يجب أن نقدم كل شيء من أجل الفوز. الوضع مثير لأن أوكرانيا في الوضع ذاته".
وتابع مدافع مانشستر يونايتد السابق: "سنرى الكثير من الإندفاع، والكثير من الضغط على المنافس، من أجل أن نمنعه من الحصول على الكرة لفترة طويلة". واعترف
"ايفانز" بأن المباراة أمام اوكرانيا مصيرية، خصوصًا أن بلاده ستتواجه في الجولة الأخيرة مع العملاقة ألمانيا".
وتمثل هذه المباراة أهمية كبرى، خصوصًا أن ثلاث نقاط قد تكون كافية لأي من المنتخبين من أجل بلوغ الدور الثاني في ظل النظام الجديد الذي يقضي بتأهل اصحاب المركزين الأول والثاني، وأفضل اربعة منتخبات في المركز الثالث، من أصل ستة، إلى الدور الثاني، بعدما ارتفع عدد المنتخبات المشاركة من 16 إلى 24 للمرة الأولى في تاريخ البطولة.
أرسل تعليقك