بوينس آيرس ـ طارق حمود
مرّ على التاريخ الإنساني العديد من الحضارات والثقافات وكان بينها اختلافات شتّى، لكنها اجتمعت على دائماً على مفهوم "الإله"، الذي استعانت به جماهير كرة القدم مجازياً لترى في دييغو أرماندو مارادونا شيئاً من خوارق المادة.لم يكن تاريخ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2020 عادياً بالنسبة إلى الساحرة المستديرة، ففيه رحل بطل الشعوب، صاحب القدم اليسرى الخارقة للطبيعة. انتقل تأثير دييغو من الأجداد إلى الآباء فالأولاد، حتى وصل الأمر درجة اعتباره مثالاً أعلى للموهبة؛ فإذا ما أبهرنا لاعب قلنا "هذا مارادونا!".كان للأسطورة الراحل قصصه الرائعة في الملاعب وخارجها، في "البومبونيرا"، كما في سان باولو، كان مارادونا بطلهم الخارق، كان نصرهم، كان أغانيهم، كان كلّ ما يملكون، حتى وصل بهم الجنون لغيظ الموتى لأنهم لم يشاهدوا "إله الكرة". في أرض المكسيك فعلها، وهزم الإنكليز وحده بـ"يد الله".في ذكرى الرحيل الأولى، نستعرض أهمّ المحطات في تاريخ الأسطورة التي جمعت كلّ الأضداد في شخصيّة واحدة:
وبدأ دييغو ممارسة الكرة في بلاد الفضّة، وعمره لم يتجاوز الـ15، لينتهي به المطاف عند المباراة الرسمية رقم 692. سجّل خلال هذه المباريات 352 هدفاً مع الفرق التي لعب لها، وكان 34 منها لمنتخب بلاده، بينما اكتفى بـ8 أهداف في كأس العالم.حقّق مارادونا 11 بطولة خلال مسيرته، كان أبرزها بطولتا الدوري مع نابولي الإيطالي، وهذا ما جعله أسطورة في أراضي الجنوب الإيطالي. وكيف لا يكون كذلك وهو الذي جعل من فقراء الجنوب أبطالاً للدوري على حساب أغنياء الشمال جوفنتوس وميلان. ووصل بهم الجنون إلى إطلاق اسمه على ملعبهم سان باولو (سابقاً).ولأنه مارادونا، فالحديث عنه لا يتوقف أبداً، إذ لا تزال قضيّته تتصدّر العناوين في صحف عالمية. وفي أبرز التطورات حول أسباب وفاته، أكّد المحامي السابق له أن العلاج الطبي المقدّم لموكله "كان سيئاً جداً، وأدّى إلى وفاته"، وذلك بعد شهادته في التحقيق بوفاة النجم #الأرجنتيني.أضاف: "الأخطاء التي ارتكبت كانت كثيرة لأن دييغو مات. انتفخ وانتفخ المسكين حتى انفجر قلبه".
وقال: "عندما دخلت المنزل، كان صوته غريباً وآليّاً وحادّاً جدّاً ومتقطّعاً. أبلغت الجميع بحالة دييغو الصحيّة. ثمّ بعد ذلك أدركت أن ذلك بسبب كمية الماء المحتفظ بها في الجسم".وعلى صعيد آخر، دخل ماتياس مورلا والنجلتان الكبيرتان للنجم الأرجنتيني السابق في معركة قانونية حول استخدام "ماركة مارادونا".ففي بداية أيلول الماضي، رفض القضاء الدعوى التي رفعتها دالما وجانينا ضد مورلا المرخّص له بتسويق الأسماء والألقاب والأسماء المستعارة التي تشير إلى مارادونا، الذي كان قد منحه توكيلاً في العام 2015 من أجل تقديم الدعم المالي لشقيقاته.وتمّ اللجوء إلى القضاء المدني أيضاً بخصوص اقتسام إرث النجم السابق لناديي برشلونة الإسباني ونابولي الإيطالي، إضافة إلى دالما (34 عاماً) وجانينا (32 عاماً). واعترف مارادونا بثلاثة أطفال آخرين من علاقات مختلفة: دييغو جونيور (34 عاماً) وجانا (25 عاماً) ودييغو فرناندو (8 أعوام).حتى في الأيام القليلة الماضية، ظهرت امرأة كوبية اتّهمت الأسطورة الراحل بارتكاب أعمال عنف وسوء معاملة ضدها، بما في ذلك اغتصابها واحتجازها ضدّ إرادتها.
وقالت: "لقد أبهرني، لقد فاز بي. لكن بعد شهرين بدأ كلّ شيء يتغيّر"، مدّعية أن مارادونا الذي توفي بسبب نوبة قلبية قبل سنة عن عمر ناهز الـ60 عاماً دفعها إلى تعاطي مادّة الكوكايين.
تابعت: "لقد أحببته، ولكنّني كرهته أيضاً، حتى أنني فكّرت في الانتحار".ولم تتقدّم ألفاريس ريغو بشكوى بنفسها، لكنها قدّمت أدلّة هذا الأسبوع في بوينس آيرس إلى المدّعي العام الأرجنتيني في ما يتعلق بشكوى قدّمتها منظّمة غير حكومية أرجنتينية.وقدّمت المنظّمة المسمّاة "مؤسّسة السلام" الشكوى بعد الاطلاع على اعترافاتها في وسائل الإعلام الأميركية في الأسابيع الأخيرة.وتتعلّق الشكوى على وجه الخصوص بالاتجار بالبشر والحرمان من الحرية والسخرة القسرية والاعتداء والضرب.كشف صنّاع سلسلة درامية جديدة، مبنية على قصّة حياة أسطورة كرة القدم عن أسرار من حياته المتقلّبة وفترته في الملاعب، وهو ما أثار جدلاً بالفعل في مسقط رأسه.تروي السلسلة، التي أُعدّت للبثّ عبر منصّة "أمازون برايم"، قصة صعوده من بيئة متواضعة في ضواحي بوينس أيرس، حتى أصبح نجماً عالمياً يكافح إدمان المخدرات والكحوليّات.
ويمزج المسلسل، ويحمل اسم "مارادونا: حلم مبارَك"، بين لقطات أرشيفيّة ومشاهد دراميّة من حياته، في عشر حلقات، مدّة كلّ واحدة ساعة تقريباً، وبدأ عرضه في الأرجنتين وحول العالم.
ويجسّد 4 ممثلين مختلفين شخصية مارادونا، في مراحل مختلفة من حياته، كما يؤدي آخرون أدوار لاعبين سابقين ومدرّبين ووكلاء وأفراد أسرته.وقال نيكولاس غولدشميت، أحد الممثلين الذين يلعبون دور مارادونا: "هل كان سيحبّ المسلسل؟ أتمنى من كلّ قلبي أن تكون الإجابة نعم".ووافق مارادونا على السيناريو قبل وفاته، وهو ما يثير تكهنات حول وجود مفاجآت في بعض التفاصيل.وتبدأ السلسلة بطريقة مثيرة، إذ يظهر مارادونا في سن الـ40 على شاطئ بوزن زائد، ويواجه صعوبة في التنفّس، ويوشك على الانتقال إلى مستشفى بعد تعاطي جرعة مخدّرات زائدة، ويحاول وكيل أعماله جييرمو كوبولا إخفاء ذلك عن وسائل الإعلام العالمية.
ويعرف الجميع جيّداً فترات صعود مارادونا، خلال سنوات نجاحه مع نابولي الإيطالي وبوكا جونيورز، ومستواه البطولي برفقة الأرجنتين عند الفوز بكأس العالم 1986.لكن لا يمكن تجاهل إخفاقاته، التي تشمل معاركه مع المخدّرات، والبدانة، ومواقف عديدة مثيرة للجدل كانت ترافقه أينما ذهب.وقال جيان بيير نوير، أحد الممثلين ويلعب دور كوبولا: "أعتقد أن الكثير من الأشياء لم تُعرف بعد، وسنكشف عنها لأنها سلسلة تتعامل مع لحظات خاصة وحميميّة".وصُوّرت الحلقات في الأرجنتين وإسبانيا وإيطاليا وأوروغواي والمكسيك، وأثارت جدلاً بالفعل في بلاد مارادونا.واتّجهت زوجته السابقة كلاوديا بيافاني إلى محكمة للمطالبة بإزالة بعض المشاهد، وقالت إنها ستنتظر مشاهدة النسخة الأخيرة، قبل أن تقرّر إن كانت ستتّخذ إجراءات قانونية.
هذا هو مارادونا جامع الاختلافات، فهو هدوء العواصف وصخب السكون. صحيح أن الموت هزمه في معركة، لكن ذكراه باقية أبد الدهر. فأسطورة كرة القدم لا يفنى، وسيبقى كما أراد دائماً "منتصراً".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تهمة "الاغتصاب والاتجار بالبشر" تلاحق مارادونا بعد وفاته
الأرجنتين تُحول منزل الأسطورة مارادونا لنصب تذكاري بعد عام على وفاته
أرسل تعليقك