دانت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" ما قالت انه "تدمير" على يد عناصر من تنظيم "داعش"، لمدينة الحضر الاثرية في شمال العراق، والتي تعود الى العصر الروماني وقالت المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا في بيان "ان "تدمير الحضر يشكل نقطة تحول في الاستراتيجيةالمروعة للتطهير الثقافي التي تجري حاليا في العراق"، وذلك في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه.
وتقع مدينة الحضر الى الجنوب الغربي من مدينة الموصل وتبعد عنها حوالي 110كم وعن مدينة اشور القديمة (عاصمة الاشوريين) حوالي 70 كم والى الشرق منها يقع مجرى وادي الثرثار على بعد 4 كم تقريبا.وورد اسم الحضر في كتابات الحضر الارامية بـ (هترا) ونقش اسمها بنفس الصيغة (حطرا ادي شمش) أي الحضر مدينة الشمس على نقودها وسميت الحضر في المصادر القديمة بـ (HATRA) ويحيط بالمدينة سور شبه دائري عرضه حوالي 3 امتار وعليه 163 برجا" وارتفاعه 2 متر ويحيط بالسور خندق يترواح عمقه بين 4 – 5 م وبعرض حوالي 7 – 8 متر وهناك سور ترابي يبعد عن السور الرئيسي حوالي 500 متر يحيط به من كافة الجهات ليكون مانع اولي يعيق تقدم الجيوش الغازية ولمدينة الحضر اربعة ابواب تقع في الاتجاهات الاربع الطبيعية مع برجين مرتفعين لكل باب.
وتمتد الرقعة الجغرافية لمدينة الحضر من نهر دجلة شرقا وحتى نهر الفرات غربا ومن جبال سنجار شمالا والى مشارف المدائن جنوبا.
وكانت الحضر قرية صغيرة في بادئ الامر وازدادت اهميتها العسكرية عند اندلاع الحروب بين الامبراطورية الرومانية والامبراطورية الفرثية في فترة ما بين 69 – 36ق.م. كما ازدادت اهميتها التجارية بسبب وقوعها على الطريق البرّي التجاري وادى ذلك الى تدفق الاموال وانفاقها على الاعمار.
وكانت الزعامة السياسية الدينية بيد الشيوخ وكانوا يعرفون بكلمة (ريا) أي الزعيم او العظيم او الادة، وكان يعرف (ريا – بستا) أي صاحب المعبد وهو المسؤول عن نظافة المعبد وخزن النذور .
وبعد ازدهار المدينة انتقلت الزعامة الى رؤساء القبائل الملقبين (بمريا) وتعني السيد وكان (نشر يهيب مريا) السيد من ابرز مؤسسي السلالة التي حكمت مدينة الحضر ومن بعده احفاده الذين حكموا دولة الحضر والتي كانت تتمتع بحكم ذاتي كمملكة تدمر والبتراء ومن اشهر ملوك الحضر (سنطروق ابن نصر ومريا) .
وفي مجال الاعمار والبناء وفي عام 226 م حاول اردشير ابن بابك السيطرة على مدينة الحضر ولكنه فشل وخلف اردشير على الحكم الساساني ابنه شابور وجهز جيشا كبيرا بقيادته وتوجه نحو مدينة الحضر وحاصرها مدة طويلة ولم يستطع سكان المدينة والحامية الرومانية المتحالفة معه قبل ذلك الوقوف بوجه الغزاة واستسلمت في 27 اذار عام 240 – 241 م وبذلك انتهى دور مملكةالحضر السياسي.
ودعا وكيل الوزارة لشؤون الاثار والسياحة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "داعش"، الى حماية الآثار اثناء العمليات العسكرية التي تقودها مع القوات الامنية العراقية في نينوى ،خصوصا وانها تعرضت للتدمير على يد التنظيم في شمال البلاد.
ودمّرالتنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد العام الماضي ، آثار ومواقع تراثية قيمة في شمال العراق.
ونشر التنظيم المتطرّف العام الماضي شريطا يظهر تدمير آثار في مدينة الموصل، وقام بـ "تجريف" مدينة نمرود الاثرية، بحسب الحكومة، ودانت منظمة اليونيسكو "تدمير" مدينة الحضر على يد التنظيم.
وتوجد هذه المواقع في مناطق يسيطر عليها التنظيم الارهابي ولا تتواجد فيها قوات عراقية، ما يحصر امكانية الدفاع عنها بمقاتلات التحالف الدولي الذي يشن ضربات جوية ضد التنظيم في العراق وسوريا.
واشار وكيل وزير السياحة والاثار قيس رشيد في تصريح لـ"مصر اليوم " ان مدينة الحضر، الواقعة في الصحراء على مسافة نحو 100 كلم جنوب غرب الموصل، "موقع قصي في الصحراء بالإمكان مشاهدة السيارات والآليات التي تدمره بشكل واضح، وبالإمكان رصدها".
وأبدى علماء الآثار مخاوفهم منذ نشر شريط تدمير الآثار والتماثيل في الموصل، من قيام التنظيم المتطرف تباعا بتدمير آثار محافظة نينوى (مركزها الموصل)، والتي يعود تاريخ بعضها الى قرون قبل الميلاد.
وبرّر التنظيم في الشريط الذي نشره لآثار الموصل العام الماضي ، عملية التدمير لكون التماثيل هي اصنام، مقارنا بين ما يقوم به، ب "ما قام به النبي محمد (ص )عند فتح مكة قبل نحو 1400 عام، من تدمير للاصنام التي كانت تستخدم للعبادة".الا ان خبراء يقولون ان التنظيم يدمر الآثار التي لا يمكن نقلها نظرا لحجمها ووزنها، ويقوم في المقابل بتهريب أخرى وبيعها لتمويل نشاطاته.
بدورها دانت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" ما قالت انه "تدمير" على يد عناصر من تنظيم "داعش"، لمدينة الحضر الاثرية في شمال العراق، والتي تعود الى العصر الروماني.وقالت المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا في بيان "ان "تدمير الحضر يشكل نقطة تحول في الاستراتيجية المروعة للتطهير الثقافي التي تجري حاليا في العراق"، وذلك في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه.
الا ان التدمير الكامل لآثار الحضر التي صمدت جدرانها الصلبة ومبانيها الكبيرة في وجه اجتياحين رومانيين في القرن الثاني، لن يكون مهمة يسيرة.
وتصف اليونيسكو الحضر بأنها "مدينة كبيرة محصنة تحت تأثير الامبراطورية البارثية، عاصمة اول مملكة عربية، وتحمل جذور المدن العربية الاسلامية".
ورأت بوكوفا ان تدمير المدينة "اعتداء مباشر ضد تاريخ المدن العربية الاسلامية، ويؤكد موقع تدمير الآثار في الدعاية التي تعتمدها المجموعات المتطرفة".
وحمّل بيان اليونيسكو توقيع بوكوفا وعبد العزيز عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة "ايسيسكو".
ورجح مختصون ان يكون تدمير الآثار مرتبطا بالدعاية اكثر من اي شيء آخر، لأن المواقع الثلاثة التي تعرضت للتخريب تقع في مناطق يسيطر عليها التنظيم المتطرف بشكل كامل منذ اكثر من ثمانية اشهر. وتقول استاذة التاريخ القديم للشرق الأدنى في جامعة "يونيفيرسيتي كوليدج" في لندن الينور روبسون، "هذا جزء من دعايتهم، ويهدف لاحداث صدمة".
وكان مجلس الامن الدولي اصدر قرارا يهدف الى تجفيف مصادر تمويل التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، ومنها تهريب الآثار وبيعها ودعت بوكوفا مجلس الأمن الى عقد جلسة طارئة لبحث تدمير الآثار.
والحضر هي واحدة من اربعة مواقع عراقية مدرجة على لائحة التراث العالمي لليونيسكو، وهي من اشهر المواقع الاثرية في بلاد الرافدين.
ويقول المهندس المعماري والخبير في الآثار العراقي احسان فتحي لـ "مصر اليوم" "حكمها ملوك عرب وازدهرت كمحطة انطلاق على طريق الحرير الرابط بين الشرق وصولا الى تدمر (وسط سوريا) وحتى شواطىء البحر المتوسط".
وكان ستوارت غيبسون، خبير المتاحف في اليونيسكو، قال لفرانس برس قبل التقاريرعن تدمير الحضر "نحن نواجه أسوأ مخاوفنا... حملة متعصبة مجردة من المشاعر للتدمير، ولا يمكننا القيام بشيء حيالها".
أرسل تعليقك