c المقاهي الأدبية القديمة ملتقى رجال العلم والأدب ​في بغداد - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 19:52:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يرتادها الرواد الأوائل أمثال السياب والجواهري

المقاهي الأدبية القديمة ملتقى رجال العلم والأدب ​في بغداد

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - المقاهي الأدبية القديمة ملتقى رجال العلم والأدب ​في بغداد

مقهي "الشابندر" في بغداد
بغداد – نجلاء الطائي

 تمتاز المقاهي الأدبية بروادها من الأدباء والشعراء ​ والمثقفين، فهناك البرازيلية وحسن عجمي والشاه بندر والبلدية والمعقدين وغيرها من المقاهي التي ​​تتم فيها الجلسات الشعرية والحوارية على غرار الصالونات الأدبية في مصر، ويجتمع الكثير من طبقة المثقفين في تلك المقاهي للتباحث في الشؤون الأدبية والثقافية، وهناك الرواد الأوائل أمثال السياب والجواهري وحسين مردان، مظفر النواب وفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان وسام مهدي وحميد المطبعي وغيرهم، حيث كانوا يتشاورون في أمور الشعر والأدب والثقافة.

وتحدث الشاعر والكاتب رزاق إبراهيم حسن، عن أقدم المقاهي،قائلًا: "إن أول مقهى افتتح في بغداد هو "خان جغان" عام 1590 في عهد الوالي العثماني جفالة زداه سنان باشا، إلا أنه لم يعرف للأدباء حضورًا بارزًا في المقاهي في قرون ما قبل العشرين".

 وأضاف حسن: "قد وردت إشارات إلى أن المقاهي ملتقى رجال العلم والأدب وهواة الفن واللهو البري، وثمة مقاهي للقراءة ومطالعة الصحف التركية في بغداد في العهد العثماني، كما أن مقهى الخفافين الذي أسس قبل أكثر من 300 عام كان ملتقى الوجهاء والساسة والأدباء".

 إلا أن تلك الإشارات لم تتوفر فيها أسماء أدبية معينة، وهناك من يؤكد أن تلك المقاهي جميلة، وأنها كانت موزعة، على جانبي الكرخ والرصافة من الأماكن المكتظة بالسكان، وكانت تمارس وظيفتين أساسيتين، الأولى الراحة والتسلية والثانية قراءة الشعر والقصص، ولكن هذا التأكيد لا يتجاوز حدود العموميات، وليس فيه من التفاصيل، ما يؤكد ذلك ولعل ضعف الحضور الأدبي في مقاهي بغداد إبان العهد العثماني يرجع إلى سيطرة أغراض اللهو والتسلية عليها، إذ أن أصحاب المقاهي كانوا يستخدمون الفتيات عمالًا، فضلًا عن الموسيقى لاجتذاب الزبائن، وكان بعضها مكرسًا لفعاليات شعبية وترفيهية.

ومع بداية القرن العشرين، ارتبطت المقاهي بأبرز الأسماء الأدبية في العراق، فقد كانت بعض المقاهي البغدادية ​​تجمعات ثقافية عامرة، ففي مقهى الزهاوي- مثلًا، كان الزهاوي يكتب سلسلة مقالاته في نقد شعر عباس محمود العقاد، وهي المعارك التي اشتهرت بين الاثنين، وتناقلتها صحف بغداد والقاهرة في الثلاثينيات، وفي هذا المقهى جرت المناقشات بينه وبين الرصافي، التي أدارها أحمد حامد الصراف، وكانت كثيرًا ماتنتهي بزعل الرصافي الذي كان يخرج من المقهى غاضبًا ويجلس في مقهى آخر يدعى "عارف أغا"، اتخذه مجلسًا يحيط به أنصاره وتلامذته ومثل ذلك ما كان يفعله الزهاوي في مقهى "أمين" الذي حمل أسمه بعد وفاته عام 1936.

ويبدو أن الرصافي كان يتردد على أكثر من مقهى فقد عرف عنه في عهد شبابه أن له مجلسًا حافلًا عامرًا من مجالس الأدب والفضل والشعر والقريض في مقهى الشط "المصبغة" يتردد عليه رجال العلم وأمراء البيان وفضلاء الأدباء، فكان مجمعهم أشبه بمنتدى للفكر والأدب.

ومن جانبه، أكد الناقد والفنان قاسم العزاوي عن المقاهي البغدادية: "بعد فترة ازدهار كبرى في نتاج ونهج المقاهي الثقافية في بغداد في مطلع تأسيسها إلا أنها شهدت حالة تراجع وضمور في فترة السبعينات، وتواصل ذلك التراجع في عقدي الثمانينات والتسعينات بعد أن دخل المخبرون إليها لرصد حركة الناس وكلامهم وكتابة التقارير الأمنية للنظام الحاكم ضد من يعتقدون أنه يثير الرأي العام ضدهم".

وأضاف العزاوي: "هناك عدد محدود من المقاهي التي لا تزال تستقطب روادها، ولعل أهمها اليوم مقهى الشابندر في شارع المتنبي ومقهى رضا علوان في الكرادة باعتبارها تتوسط منطقة مزدحمة بالسكان وتحوي أهم مقرات الصحف والفضائيات المحلية، وكذلك قربها من مقر الاتحاد العام للأدباء والفنانين، وعادة ما تعقد فيها ندوات فنية وأدبية وروادها من النساء والرجال معًا، وهناك منتدى أشبه بالمقهى يدعى منتدى بيتنا الثقافي في الأندلس التابع للحزب الشيوعي وتقام فيه حلقات نقاشية وأدبية وثقافية ومعارض فنية".

ولفت العزاوي إلى أن دور المقاهي اليوم هو التواصل مع الآخرين، خصوصًا المثقفين، وتبادل الأخبار وقضايا معظمها سياسية أو الحشد للمظاهرات الشعبية أو مناقشة مسائل ثقافية تخص عرض نتاجهم الفكري والأدبي، وعقد الاتفاقيات الأدبية وتداول أخبار الفن والأدب، وهي أيضًا ملتقى للزوار من الخارج، كنقطة دلالة معروفة.

وبشأن اختلاف دور المقاهي عن دورها بالأمس، أوضح العزاوي: "الغاية هي نفسها التي وجدت من أجلها المقهى وهو التواصل الثقافي والمعرفي، لكنها تطورت بحسب تطورات العمران وما تقدمه من أطعمة ومشروبات وغيرها، كما أنها صارت تستقبل النساء أيضًا في وقت كان وجودهن بالأمس محدودًا أو معدومًا تقريبًا".

وفيما يتعلق بذكرياته في مقهى حسن عجمي، كشف الناقد حسين مردان: "يعد مقهى حسن عجمي من أكثر المقاهي شهرة وعراقة، فقد حافظ على حضوره واستمراره عقودًا طويلة، وارتبط اسمه بشارع الرشيد الشهير، وتردد عليه معظم الأدباء والمثقفين، ومن الرواد الذين ارتبط المقهى بهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كان يجلس فيه قبيل إلقائه قصائده الوطنية المحرضة إبّان انتفاضة عام 1948، فكانت الجماهير المأخوذة بسحر قصائده وبلاغتها وتأثيرها، تنطلق من جامع الحيدر خانة لتطوف في شارع الرشيد غاضبة منددة بالمعاهدة الجائرة التي وقعتها الحكومة مع بريطانيا".

فيما أبرز الناقد صالح هويدي: "في الأربعينات والخمسينات توافد على هذا المقهى إلى جانب الجواهري، كل من كمال الجبوري، والسياب، والبياتي، وعبدالأمير الحصيري، وسواهم من وجوه الفكر والأدب والإبداع، يتداولون الرأي ويعقدون حوارات في مختلف شؤون الفكر والثقافة، ولم يتوقف هذا المقهى عن استقطاب الأجيال الأدبية التالية كجيل الستينات والسبعينات والثمانينات، تلك الأجيال التي شهدت حراكًا ثقافيًا أوسع، وتطويرًا لآفاق التجربة الإبداعية وتوليدًا للاتجاهات والرؤى والمفاهيم الجديدة".

ولم يكن مقهى حسن عجمي "يقع في باب المعظم مقابل وزارة الدفاع في بغداد" محطة عابرة في حياة الأدباء العراقيين، بل كان منتدى موّارًا ومسرحًا حقيقيًا لذلك الحوار الفاعل والخصب بين المبدعين، فهو المحطة قبل الأخيرة التي وجدوا فيها ملاذهم، قبل أن يهجروه منذ بضعة أعوام ويتخذوا من مقهى الشابندر في شارع المتنبي مقرًا لهم.

وبسبب عدم رغبة الأدباء بالمكوث طويلًا في مقهى واحد، إذ كان يصيبهم الملل من كثرة تكرار الوجوه نفسها، أو بسبب توسع دائرة المجموعة وحدوث استقطابات جديدة، يعمد البعض للانتقال إلى مقهى آخر ومجموعة جديدة، ففي نهاية الأربعينات انتقل الشاعر حسين مردان إلى مجموعة مقهى البلدية التي كانت تضم رشيد ياسين، وبلند الحيدري، وزهير أحمد القيسي، وكان شعراء وأدباء الكليات يهرعون إليهم بمجرد الانتهاء من دروسهم، ومن هؤلاء الطلاب، بدر شاكر السياب، وعبدالرزاق عبدالواحد، وأكرم الوتري، فقد كانت تلك المقاهي جامعات حقيقية للأدب والشعر، كما يذكر حسين مردان.

وذكر  أيضًا: "كنا نعيش في جو من الصداقة الصميمة، فعلبة الدخان التي كان يملكها أحدنا تطرح على الطاولة لتكون مشاعًا للجميع، وكان أكثرنا مالًا هو الذي يدفع ثمن أكواب الشاي، كذلك كنا نشترك في نظم القصائد وكتابة المقالات النقدية، والحقيقة أن المقهى كان يعتبر البيت الدائم لعدد كبير من الشعراء والأدباء العراقيين، ومن أشهر الخصومات التي كانت تحدث في مقهى البلدية كانت بين الشاعرين السياب وعبدالوهاب البياتي، فقد كان الصراع في حقيقته يدور حول الزعامة الشعرية".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاهي الأدبية القديمة ملتقى رجال العلم والأدب ​في بغداد المقاهي الأدبية القديمة ملتقى رجال العلم والأدب ​في بغداد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon