القاهرة ـ سعيد فرماوي
«الفرح لذة تقع في القلب»... ليس ذلك مجرد تعريف، بل حالة فنية يمكن معايشتها ولمسها على أرض الواقع، مع زيارة معرض الفنانة التشكيلية المصرية نجاة فاروق، الذي تحتضنه دار الأوبرا المصرية حالياً، فلوحات المعرض تسمو بإحساس الفرح، وتشع حالة من الفرحة والبهجة اللونية، حيث تصل تلك الأحاسيس قمتها مع مراسم وعادات الزفاف.
اختارت الفنانة المصرية أن يكون إيقاعها هو الفرح، بعكس ما هو معتاد تشكيلياً من محاولة تجسيد حالات المعاناة والألم، واختارت «الفرح النوبي» على وجه الخصوص لتعبر من خلاله عن رؤيتها، في إطلالة فنية تأخذ المتلقي إلى هذه المنطقة من أرض مصر، الواقعة جنوباً على ضفتي نهر النيل، وإلقاء الضوء على عاداتها وتقاليدها وملامح ثقافتها الخاصة بالزفاف والأعراس.
«هذا المعرض دعوة للسعادة ودعوة للبهجة والأمل في الحياة»، وفق صاحبة المعرض التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفرح وما يرتبط به مثل الزغرودة وفستان الزفاف والورود وغيرها يعطي إحساساً قوياً لنا بالسعادة والبهجة، كما أنه بداية لحياة جديدة ليس للزوجين فقط بل للعائلتين أيضاً، فالتفوق الدراسي وتقلد أعلى المناصب وتحقيق النجاح أمنيات تتمناها الأسرة لأبنائها خاصة الفتيات، لكن أجمل سعادة هي لحظة ارتداء الفستان الأبيض، حيث تتولد معها حالة من السعادة تعم الجميع، فالجميع يسعد خلال العرس، لذا اخترت التعبير عن هذه الثيمة، لأنقل رسالة تقول إن أقصى سعادة لنا تتمثل في الفرح».
أقرأ أيضًا:
الجنيه المصري جاء اسمه من الجِن بسبب أخطاء القراءة في اللغة العربية التقليدية
إلى النوبة، أرض الذهب، اتجهتْ التشكيلية المصرية لترسل هذه الرسالة من هناك. تقول: «أسافر إلى النوبة كل عام تقريباً، فالهوية أجدها دائماً تتمثل في الريف والصعيد، وفي النوبة كل ما هنالك يؤكد على الأصالة، ويعكس الروح المصرية، خاصة تلك المشاهد الجميلة التي تمتزج فيها الألوان، حيث الوجوه السمراء والملابس البيضاء ومن خلفهما الأزرق لون مياه النيل، وهذا العام كانت رحلتي إليها في شهر مارس (آذار) الماضي، لأصادف وقتها أفراحاً وأعراساً نوبية، وأحضر كثير من طقوسها، لذا عكفت على نقل مشاهد اللون وملامح الفرح بطريقتي الخاصة».
عبر 22 لوحة، يضمها معرض «الفرح»، يمكن للمتلقي أن يطوف في جولة نوبية «تسر الناظرين»، فالمرأة النوبية حاضرة بزينتها المميزة وإبداعها اليدوي من الحلي، والمنازل النوبية البسيطة والنظيفة تطل على الشوارع، تزينها الزخارف المميزة على حوائطها البيضاء.
كما ترتكز اللوحات على تواجد الموتيفات والرموز المستلهمة من البيئة النوبية، التي تشير إلى الأصالة والهوية المصرية، مثل السمكة والطيور والنجوم والهلال والزهور والأشكال النباتية والنقوش التراثية، وهي العناصر التي تركز عليها الفنانة في أعمالها دوما، وفق قولها.
أما الفرح فهو الأقوى حضوراً بصرياً، حيث ينفرد النوبيون بطقوس زفاف يغلب عليها الطابع الفلكلوري المبهج، فمنذ القدم يتميز أهالي النوبة في عادات وتقاليد الزواج التي تكون ذات طابع خاص، وإن كانت تشترك مع نظيرتها في الدلتا والصعيد بملامح متشابهة، فأعمال المعرض تنقل تقاليد الرقص النوبي في الأعراس، وطقوس ليلة الحناء التي تسبق ليلة الفرح، حيث مظاهر إعداد وتزيين العروس، وفستان العروس الأبيض وملابس الصديقات والأقارب، وعادات يوم «الصباحية» حيث يحضر الأهل الطعام والشربات والحلويات والمخبوزات للعروسين، وغيرها من المشاهد التي لا يخلو منها الفرح، والتي تعبر من خلالها صاحبة اللوحات عن مظاهر الفرحة والسعادة.
تنبض اللوحات بالبهجة اللونية، مع استلهام فاروق ألوانها من روح المكان. فسحر اللون الأبيض، لون الفستان والطرحة، يسيطر على مساحات واسعة، تجاورها مساحات أخرى تمزج بين الأحمر والأصفر والأزرق النيلي والبرتقالي والفيروزي، التي جاءت قوية لتعكس البهجة والتي عايشتها الفنانة بأرض النوبة
وقد يهمك أيضًا:
المفكر النابلسي يؤكد أن الإسلام يحث على طلب العلم
الإماراتي خالد الخوري يؤكد أنه سعيد بتكريمه في تونس بجائزة "القلم الصحفي"
أرسل تعليقك