«أفريقيا جزء من الوجود... في شكلها أشبه بالعنقود»، أول بيتِ من الشعر كتبه أمير الشعراء أحمد شوقي في صباه، واصفاً جغرافية قارته السمراء... اليوم يتيح مركز «كرمة ابن هانئ» الثقافي بمتحف أحمد شوقي بالقاهرة، وصفاً مغايراً لأفريقيا، ليس بالشِعر، لكن عبر الفنون التشكيلية، فالمركز يحتضن حالياً معرضاً جماعياً بعنوان «أفريقيا في القلب»، يعبر من خلاله المشاركون عن القارة بعد أن وجهوا لها مجالات فنهم مستلهمين روحها الغنية، بما جعل رؤيتهم لا تقتصر فقط على الجغرافيا.
فمن خلال أعمال 42 تشكيلياً مصرياً، رِفقة فنانين اثنين من السعودية وآخر من الكويت، يمكن لزائر المعرض أن يشعر بروح القارة السمراء، وملامحها وبيئتها، وعاداتها وتقاليدها، وزخارفها وملابسها، وسمات أهلها الشخصية وحرفهم ومهنهم، في رؤية بانورامية تقّرب المتلقي من روح القارة.
تقول منظمة المعرض الفنانة شيماء حسن، لـ«الشرق الأوسط»، «أفريقيا قارة مُلهمة، غنية بالتراث والفنون والحرف المتعددة والمتنوعة التي تضمنت فن النحت والرسم والحرف اليدوية، التي عبرت على مر العصور عن العادات والتقاليد، والشعائر الدينية والأساطير برؤى فنية مبهجة ومبهرة، كما استطاعت القارة الأفريقية بمختلف دولها أن تعبر عن هويتها الثقافية والفنية».
اقرأ أيضًا:
ألمع خبراء الفنون والثقافة يجتمعون في الخرطوم لتقييم أعمال جائزة "أفرابيا" بنسختها الثانية
ويأتي المعرض لإلقاء الضوء والتأكيد على الهوية المصرية الأفريقية، وفق حسن التي أضافت: «المعرض الجماعي يضم العديد من أعمال كبار الفنانين التشكيليين المصريين، إلى جانب الفنانين محمد المهدي ووهبة العطار من السعودية والفنان عبد العزيز التميمي من الكويت، ليعبروا جميعاً برؤيتهم الخاصة ومجالاتهم المختلفة في الفن التشكيلي عن التراث والفنون الأفريقية، التي تعد مصدراً غنياً للإلهام في شتى أنواع الفنون».
تتنوع أعمال المعرض بين التصوير والرسم والنحت. كما يحضر بورتريه المرأة الأفريقية بقوة بين أعمال المشاركين، في مقدمتها لوحة منظمة المعرض، التي تقول عنها: «المرأة الأفريقية عنوان للثراء ومصدر للإلهام، من خلال لون بشرتها وملابسها وزينتها، وهي العناصر التي ركزت عليها في لوحتي، مضافاً إليها بعض الزخارف والموتيفات التي تعايشها المرأة مما يعطي انطباعاً عن بيئتها».
تعكس لوحات المعرض تأثر الفنانين التشكيليين بأشكال الحياة المُختلفة في أفريقيا، فأعمال الفنان الدكتور فريد فاضل جاءت كبث مباشر من أرض جمهورية مالاوي، تحديداً العاصمة ليلونجوي، الذي حلّ عليها العام الماضي. يشارك فاضل بثلاث لوحات تدور حول المرأة الأفريقية في حالات مختلفة؛ فالأولى عن المرأة والعادات الأفريقية، والثانية عن الفتاة الجميلة «موناليزا» التي تعكس الجمال الأفريقي عبر الملامح والملابس والهوية والضفائر، والثالثة المرأة الأم التي تجتهد وتتحدى الحياة والفقر.
يتواصل البورتريه مع أعمال الفنانة شيرين كمال، التي تقول: «أنا عاشقة لقارة أفريقيا، وما بها من رموز وتراث، وهو ما ترجمته عبر لوحتين فيهما المرأة هي البطل، لإيماني أن وجه المرأة الأفريقية يعبر عن أشياء كثيرة، فالوجه الأول اخترت أن أُبرز شعر المرأة، في إشارة عن أنها تريد التحرر والاعتراض على واقعها، والوجه الثاني تظهر فتاة بأصابع ملونة في إشارة إلى الحياة من حولها».
وترى كمال أن أفريقيا لم تأخذ الاهتمام المطلوب من الفنانين التشكيليين، وهو ما ترجعه لعدم الوعي بكنوز القارة، مؤكدة أن التوجه للقارة والتعمق بها والتعبير عن طبيعة الحياة بها يعطي الفرصة للفنان لأن يقدم لوحات عالمية.
كذلك نلمس أثر البيئة الأفريقية بانعكاساتها وانطباعاتها على عمل الفنانة جيهان سمير داود، التي لجأت إلى التعبير عن اجتهاد المرأة الأفريقية وطموحها في الحياة عبر عملها الدؤوب في كافة المجالات، ورغم ذلك تحتفظ بأنوثتها، وهو ما عبرت عنه بالأواني الفخارية، في دلالة رمزية للأيدي العاملة ومشروعاتها البدائية واليدوية.
أما ألوانها فجاءت متوافقة مع الفكرة؛ حيث يطغى اللون الأصفر ليدل على شمس أفريقيا القوية، كما يتداخل الأخضر والأزرق والأحمر للرمز إلى الملبس الزاهي والزينة الأفريقية.بينما تنتمي مشاركة الفنان خالد الصفتي إلى فن الغرافيك عبر لوحتين بتصميم واحد بعنوان «مصر هي أفريقيا... وأفريقيا هي مصر»؛ حيث يعبر من خلال فتاة أفريقية وتمثال فرعوني عن أن هناك جوانب مشتركة للعلاقات الإنسانية بين مصر والقارة، بما يؤكد الهوية المصرية وارتباطها بالموروث الثقافي الشعبي للقارة.
قد يهمك أيضاً :
أدبي المدينة يصدر ثلاثة مؤلفات في القصة القصيرة
أرسل تعليقك