توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يعود للعهد النوميدي وصنّفته اليونيسكو من التراث العالمي

ضريح ملكي في الجزائر يخلّد قصة حب أمازيغية ـ فرعونية

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ضريح ملكي في الجزائر يخلّد قصة حب أمازيغية ـ فرعونية

الضريح الملكي الموريتاني
الجزائر - مصر اليوم

يقع الضريح الملكي الموريتاني على قمة هضبة شرق مدينة سيدي راشد بولاية تيبازة الساحلية، وتحيط به غابة صنوبر ، تتحدر على كتف الهضبة قبالة البحر الأبيض المتوسط، كانت تغمسُ قدميها بمياهه قبل أن يتم شق الطريق السيار (شرق - غرب)، الذي أنسن وحشة المكان بمرور المركبات والحافلات المسرعة في الاتجاهين غربا وشرقا. المنظر خلّاب تمازجت فيه خضرة الغابة وزقزقة العصافير مع زرقة البحر تمخره سفن الصيادين. يعكس الضريح السماء الموشاة بغيومها الداكنة شتاء، والبيضاء ربيعا. السكون والهدوء يجعلانك تسمع وقع أقدامك على حجارة تناثرت حول الضريح، تسمع وشيشا في أذنيك من شدة الصمت، وشيشٌ يشبه حركة سحلية اندست بين الهشيم، والصوت يتلاشى فترتبك في رفع صوتك احتراما لحرمة الأموات.

- افتتاح الضريح الملكي الموريتاني بعد 27 عاما من الإغلاق

الضريح الملكي الموريتاني يعود للعهد النوميدي (202 ق م - 46 ب م)، يبعد بنحو 70 كيلومترا غرب الجزائر العاصمة، صنفته اليونيسكو من التراث العالمي. بقي 27 عاما مغلقا (1992 - 2019) حيث أغلقته الحكومة الجزائرية آنذاك حفاظا عليه من أي عمل تخريبي خلال أزمة الإرهاب التي اجتاحت الجزائر عام 1992. في ليلة مقمرة من شهر مايو (أيار) 2019 تم افتتاح الضريح بسهرة رمضانية فنية، استمتع الجمهور المدعو بأغاني الموسيقى الأندلسية التي تزدهر في رمضان لطابعها الديني. كان لهم حظ وفير بزيارة الضريح من الداخل، فبعدها أغلق الضريح ثانية، واقتصرت الزيارة على خارجه.

يستمتع الزوار بهدوء المكان وجو الغابة النقي المشبع برائحة الصنوبر والخزامى والزعتر والريحان، يلتقطون صورا تذكارية مع "قبر الرومية" كما يسميه السكان المحليون، اعتقادا منهم أنه قبرٌ لامرأة مسيحية، ولكن الدكتورة صباح فردي مديرة مركز البحث في علم الآثار أوضحت للصحافة سبب الخلط بين "الرومية" باللهجة الجزائرية وتعني النصرانية أو المسيحية، والرومية في الضريح الموريتاني فقالت إن "الضريح له أربعة أبواب وهمية متقابلة من الجهات الأربع شرق غرب، وشمال جنوب، تشبه في تقاطعها بخط نظر بين كل جهتين متقابلتين صليبا لاتينيا، فاعتقدوا أن القبر مسيحي، ولكن (قبر الرومية) يعني قبر ملكة رومانية، بني في إبان حكم الرومان لمملكة موريتانية القيصرية".

- تاريخ بنائه

يرجح المؤرخون وعلماء الآثار أن بناء الضريح الملكي الموريتاني قد تم عام 40 ق.م، وهكذا يكون قد مضى 2060 عاما على بنائه، وما زال صامدا في وجه الزمن رغم النشاط الزلزالي في المنطقة، ليبقى مُخلدًا وشاهدًا على "قصة حب" أمازيغية - فرعونية يجهلها الكثيرون، تشبه رومانسيات غابرة مثل قصص قيس وليلى، روميو وجوليت، ونبوخذ نصر الذي بنى حدائق بابل المعلقة في العراق تكريما لزوجته، أو الإمبراطور المغولي شاه جيهان الذي بنى لزوجته ممتاز "تاج محل". أما الضريح الملكي الموريتاني فيخلد قصة حب الملك الأمازيغي يوبا الثاني لزوجته كليوباترا سيليني ابنة ملكة مصر كليوباترا الفرعونية. بنى يوبا الثاني قبرا ملكيا لزوجته كليوباترا سيليني عربون حبه لها، ليضمهما أمواتا، فبقي شاهدا على قصة حب جمعت بين أمازيغ الجزائر وفراعنة مصر قبل الميلاد بـ40 عاما، كما يروي المؤرخون.الملك يوبا الثاني ابن عنابة بالشرق الجزائري (52 ق.م - 23 ب.م)، نجل الملك يوبا الأول النوميدي، الذي هزمته روما، ولتذيقه مرارة الهزيمة أكثر لأنه قاومها اختطفت ابنه يوبا رضيعا - حسب المؤرخين.

تربى الطفل يوبا الثاني تربية ملوك في كنف الإمبراطور الروماني أغسطس (آب)، فعلمه الفنون والآداب وشتى العلوم والسياسة وشؤون الحكم في مدارس روما وأثينا ومعاهدهما ذائعة الصيت آنذاك، فعُرف يوبا الثاني بالحنكة السياسية والثقافة والإخلاص للإمبراطور، واحتل مكانة مرموقة لدى الإمبراطور أغسطس الذي أجلسه على عرش مملكة موريتانيا القيصرية نسبة إلى قيصر الروم (تيبازة حالي)، وحكم يوبا الثاني خمسين عاما تحت الحماية الرومانية.

يتميز الضريح الملكي الموريتاني بحجمه الكبير، للناظر إليه عن بُعد يشبه كومة التبن، يرتفع عن سطح البحر بـ261 مترا، فيمكن رؤيته من الأبيار أعالي العاصمة شرقا، ومن سهل المتيجة الخصيب في البليدة جنوبا، ومن جبل شنوة بتيبازة غربا، ويراه شمالا المسافرون على الطريق السريعة في أحضان غابات تيبازة المطلة على البحر، كما يراه الصيادون عرض البحر، لذا يعتبره الجزائريون منارة يهتدي بها البحارة والصيادون والعابرون ومن ضل الطريق، فضلا عن ذلك لونه يتغير حسب الفصول وحسب ساعات النهار، فهو تارة يميل إلى الاصفرار وتارة يأخذ لونا رماديا أو تعلوه زرقة عندما يحيط به الضباب، بدا ذلك ببعض الصور الملتقطة للضريح.

- الضريح من الخارج

يتربع الجسم الأسطواني للضريح على قاعدة مربعة ضلعها 63.40م. ويوجد أمام باب الضريح، آثار مبنى، يبلغ طوله 16م وعرضه 6 أمتار، كان في الزمن الغابر معبدا.يبلغ محيطه 185.5م وقطره 60.9م وعلوه 32.4م، تبرز على جداره الخارجي أعمدة، عددها 60 عمودا، تنتظم بمسافات متساوية فيما بينها، تعود للهندسة المعمارية الأيونية (جزيرة يونانية سكنها الأيونيون 1100 ق. م)، وله أربعة أبواب وهمية من الجهات الأربع (الباب يحدده رصف الحجارة على الجدار)، ارتفاع الباب 6.90م. وفي أعلى الضريح مخروط مفلطح يشبه القباب الإسلامية.

- داخل الضريح

تحت الباب الشرقي الوهمي يوجد باب صغير على انخفاض زهاء متر عن ساحة الضريح، بجواره يسارا بضع درجات حجرية تنتهي في الساحة حول الضريح. عند اجتياز الباب يلج الزائر إلى رواق يضطر فيه إلى الانحناء، وفي حائطه الأيمن توجد نقوش تمثل صورة أسد ولبؤة، فسمي الرواق "بهو الأسود"، يفضي إلى رواق آخر طوله 141 مترا وعلوه 2.40 متر شكله ملتوٍ، يقود مباشرة إلى قلب المبنى الذي تبلغ مساحته 80 مترا مربعا، حيث يوجد قبران، أحدهما مزين بثلاثة تجاويف غربا وشمالا وجنوبا، يعتقد أنه للملك يوبا الثاني، والآخر لزوجته كليوباترا سيليني.يعتقد المختصون في الآثار الرومانية أن الملك يوبا الثاني ابن عنابة وزوجته كليوباترا سيليني هما من أشرفا على بنائه، ويستندون في روايتهم إلى أن الملك يوبا الثاني كان مثقفا، متذوقا للفن وهندسة العمارة، وقد جلب لعاصمة مملكته شرشال تحفا فنية من اليونان. تبعد شرشال نحو 90 كيلومترا غرب الجزائر العاصمة.

رغم جمال الطبيعة حول هذا المَعْلَم الأثري القديم، وما يمكن أن يكون قطبا سياحيا يقصده السياح من خارج الجزائر، ويدر مالا، فإنه ما زال مهملا سياحيا، ويوجد حوله مطعم يرتاده بعض الجزائريين عند زيارتهم للضريح، لكن أغلبية الزوار من العائلات يحضرون طعامهم معهم كما قال "سي محمد" بائع الشاي الأخضر غرب الضريح، وبصحبته جمله الأبيض "مبروك"، يدفع من يركبه 300 دج (تعادل زهاء دولارين) وثمن كأس الشاي الأخضر مع حفنة فستق بـ150 دج، ويؤجر طاولات لزوار الضريح لتناول طعامهم في حضن الطبيعة. وجد سي محمد لقاءه بـ"الشرق الأوسط" فرصة ليطالب بدعم الدولة لأنه يُنشط السياحة، وهو يعمل دون ترخيص رسمي من الجهات المعنية. عمي موح يعرفه رواد المكان بشايه الأخضر بالنعناع، تفوح رائحته وهو يغلي فوق الجمر، ويعرفون لطفه معهم، وحنوه على الجمل مبروك الصابر أمام ضريحٍ صمد قرونا صابرا على تقلبات الزمن

قد يهمك أيضًا:

أستاذة في العلاقات الدولية تقترح تأسيس بنك معلوماتي أفريقي

"إبداعات قصصية" تشارك بـ4 إصدارات حديثة في معرض الكتاب

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضريح ملكي في الجزائر يخلّد قصة حب أمازيغية ـ فرعونية ضريح ملكي في الجزائر يخلّد قصة حب أمازيغية ـ فرعونية



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon